محلات القنب الأنيقة في كندا لم تحد من تجارته غير الشرعية

مانيتوبا (كندا) - يبدو متجر بيع القنب المعروف باسم “دلتا-9“، في بمدينة وينيبيغ عاصمة مقاطعة مانيتوبا الكندية، كأنه مكان وسط بين صيدلية ومحل مجوهرات رفيع المستوى. وفي صندوق بجوار المدخل تعرض للبيع نارجيلة للتدخين يبلغ سعرها عشرة آلاف دولار كندي (7500 دولار).
ويصف تريفور دانكن، صاحب المتجر، المكان بأنه “يجمع بين الوظيفة العملية وبين الفن والأناقة المستحدثة”. ويبيع المتجر أيضا أدوات للتدخين تنتمي إلى القطع الفنية التي تجذب هواة اقتنائها بأسعار عالية، ولا يزال معظم متعاطي الحشيش يستخدمون أدوات تقليدية مثل حشوه داخل السجائر للوصول إلى درجة عالية من الحالة المزاجية المطلوبة.
ويأتي إلى متجر دانكن زبائن من جميع الأعمار، ويقع المتجر في قطاع هادئ من مدينة وينيبيغ الساكنة في وسط كندا. وينصح دانكن وزملاؤه الخبراء في الماريخوانا زبائنهم بتناول أنواع مثل “كلاود ناين” و”هوايت ويدو” و”بوتي ماكبوتفيس”، غير أن الكلمات المأثورة التي يرددها موزعون مشبوهون بالأزقة المظلمة عن أنواع القنب، لا تختلف كثيرا عن الواقع الموجود في هذا المتجر.
وقننت الحكومة الكندية بزعامة رئيس الوزراء جاستن ترودو بيع القنب في البلاد في أكتوبر2018. وكان تقنين بيع القنب أحد وعود الحملة الانتخابية لترودو في عام 2015، وكان الهدف الأكثر أهمية هو تنظيم الاتجار في الماريخوانا التي كانت محظورة، بحيث يصبح من الصعب بدرجة أكبر وصول القصّر إلى هذا المخدر، إلى جانب زيادة إيرادات خزانة الدولة من الضرائب على مبيعاته.
الكنديون ينتظرون التأكد مما إذا كان تقنين القنب قد أدى إلى القضاء على الاتجار غير المشروع بالمخدر في البلاد
وأشارت أحدث الدراسات إلى أن تقنين مبيعات القنب لم يثن موزعي المخدر بشكل غير قانوني عن الاتجار فيه، بينما ذكر مكتب الإحصاء الكندي أن نصف عدد مستهلكي الماريخوانا خلال النصف الأول من عام 2019، يشترون احتياجاتهم من الموزعين الذين يطرحونه بشكل قانوني، في حين يشتريها أكثر من 40 بالمئة على نحو غير قانوني.
وبالتحدث مع دانكن وزبائنه في وينيبيغ، يتضح أن الحكومة في أوتاوا لم تحقق ما كانت تنشده بإصدار “قانون القنب”، يقول دانكن، “سنحارب السوق غير المشروعة ما دامت هيئة البريد الكندية لا تزال ترسل القنب داخل طرود”، ولا تزال هناك أعداد لا تحصى من الحسابات غير المرخصة على شبكة الإنترنت التي تبيع القنب بأسعار غالبا ما تكون منخفضة مقارنة بما هو مطروح في المتاجر القانونية. وثمة عائق آخر يتمثّل في أن متجره، والمتاجر الأخرى التي تمارس نفس نشاطه، غير مسموح لها بأن تبيع المأكولات مثل الحلوى والمخبوزات والمشروبات.
وابتاع جان، وهو إخصائي اجتماعي يبلغ من العمر 30 عاما، 3.3 غرام فقط من حشيش “ليمون سنيكلفريتز” مقابل 35 دولارا كنديا. ويقول إن هذه النوعية من المخدر جيدة ولكنها كانت بنفس الجودة قبل تقنينه. وكان جان يتعاطى القنب منذ سنوات ويرى على الدوام ضرورة تقنينه، ويعرب عن اعتقاده بأن فكرة تقنينه في كندا كان يمكن أن تكون أفضل، مشيرا إلى أن “الشركات الكبرى تكون لها الأولوية وليست المتاجر الصغيرة التي تسوقه”.
وتظهر فتاتان عند مدخل المتجر، تقول إحداهما، وتدعى كريستين وتبلغ من العمر 21 عاما، “نريد تدخين بعض القنب”، ثم تقول والفتاة الأخرى بابتسامة إن تقنين المخدر غير حياتهما. وتضيف كريستين، “لقد توقفت أساسا عن تناول المسكرات وتحولت إلى تدخين القنب، موضحة أن تناول الكحوليات يؤدي إلى فقدان التحكم في السلوك.
ولا يزال المجتمع الكندي ينتظر التأكد مما إذا كان تقنين القنب قد أدى إلى القضاء على الاتجار غير المشروع في المخدر على مستوى البلاد.

وما حققه هذا التقنين بالفعل هو جعل القنب أكثر قبولا من الناحية الاجتماعية، يقول رجل من العاصمة أوتاوا إنه لم يسبق له شراء القنب قبل تقنينه، لأنه كان يخشى أن يُلقى القبض عليه وأن يتعرّض لعقوبة.
ويضيف، “صار الأمر أسهل من الناحية الاجتماعية الآن”. ولدى الرجل بار صغير في منزله، وبعد أن أصبح شراء القنب قانونيا، صار الرجل يضع صينية صغيرة بالقرب من البار. وفي حالة عدم رغبة الأصدقاء الذين يزورونه في تناول الكحوليات، يمكنهم أن يقوموا بأنفسهم بإعداد القنب للتدخين بأدوات مرتبة بشكل فني رائع.
كما أن المسائل الجمالية أصبحت تقوم بدور أكبر في هذا الميدان، وفقا لما يقوله دانكن، وهو يعرض بمتجره مجموعة من قطع الإكسسوار المستخدمة في تدخين القنب والمصنوعة من مواد فاخرة بديعة.
ويرى بعض زبائن المتجر أن الاستمتاع بتدخين القنب يماثل الاستمتاع بتناول أجود أنواع الخمور. ويختار بعض من يدخنون القنب بشكل عارض، وغير منتظم بشكل عام، السجائر المحشوة بالمخدر، أو استنشاق زيوت القنب، وحتى إذا كانت النرجيلة التي يبلغ سعرها عشرة آلاف دولار كندي فوق القدرة المالية للزبون، فإن صاحب المتجر يطرح خيارات لطيفة أخرى يبلغ سعر الواحد منها بضع المئات من الدولارات.