محاذير طبية تحبط الآمال المعلقة على لقاحات كورونا

آمال كبيرة يعلقها الناس على التجارب السريرية التي تجري حاليا لتطوير لقاح ضد كورونا، إلا أن الكثير من الخبراء ما زالوا حذرين من التفاؤل بشأن إنتاج لقاح كوفيد – 19، يكون آمنا على الصحة وقادرا على توفير مناعة طويلة الأمد في المستقبل القريب.
لندن – ازدادت وتيرة الأخبار المبشرة بنهاية المعركة ضد فايروس كورونا، بعد أن دخلت عدة لقاحات المرحلة النهائية من التجارب السريرية، إلا أن الكثير من الخبراء ما زالوا حذرين في التفاؤل، بشأن هذا الحدث السار الذي ينتظره العالم منذ عدة شهور.
ودفع ذلك بعض العلماء إلى التساؤل عما إذا كانت الحياة ستعود إلى طبيعتها بعد التوصل إلى لقاح ضد الوباء الجديد؟ وهو اللقاح الذي لم يتم التوصل إليه العلماء حتى اليوم.
وتساور البعض الآخر شكوك حول مدى قدرة اللقاح الجديد على توفير حماية طويلة الأمد للأفراد، فقد سبق أن بينت بعض الأبحاث قدرة فايروس كورونا على إصابة نفس الشخص بعد مرور بضعة شهور على الإصابة الأولى.
وتسعى أكثر من 100 شركة وفريق بحثي حول العالم لتطوير لقاحات لمواجهة مرض كوفيد – 19، ومن بينها 17 لقاحا على الأقل تجري تجربتها حاليا على البشر لاختبار فعاليتها.
وفي آخر مؤتمر صحافي عقدته منظمة الصحة العالمية، أحصت المنظمة 35 “لقاحا مرشحا” ويتمّ تقييمها من خلال تجارب سريرية على الإنسان في أنحاء العالم.
وباتت تسعة من بين هذه اللقاحات في المرحلة الأخيرة أو تستعدّ لأن تصبح في المرحلة الأخيرة. إنها “المرحلة الثالثة” ويتمّ فيها تقييم فعالية اللقاح على صعيد واسع يشمل الآلاف من المتطوّعين.
100 شركة وفريق بحثي حول العالم تسعى إلى تطوير لقاحات لمواجهة مرض كوفيد – 19
لكن لا توجد إلى اليوم بيانات واضحة عن تجارب اللقاحات على البشر تظهر ما إذا كانت الاستجابة المناعية للأجسام المضادة ستكون قوية أو طويلة الأمد بالقدر الكافي.
وقال جيفري أرنولد، الأستاذ في علم الأحياء الدقيقة بجامعة أكسفورد البريطانية والخبير السابق في سانوفي باستور، إن أحد أسباب نقص البيانات هو ببساطة الوقت.
وأضاف أن التطوير والاختبار السريع جدا للقاحات المحتملة ضد فايروس كورونا يجريان منذ ستة أشهر فقط، وهي مدة غير طويلة بما يكفي لإظهار المدة الزمنية التي ربما توفرها اللقاحات.
وسبق أن أشار توماس بوليكي، مدير برنامج الصحة العالمية في مجلس العلاقات الخارجية، إلى أن اللقاحات التي لم يتم اختبارها بشكل صحيح يمكن أن تسبب ضررا بعدة طرق، من التأثير السلبي على الصحة إلى خلق شعور زائف بالأمان أو تقويض الثقة في اللقاحات.
وتبدو مسألة عودة الحياة فجأة إلى سالف عهدها في الأشهر القليلة المقبلة أمرا غير مطروح في ظل وجود العديد من التحديات “الهائلة” في المستقبل.
اقرأ أيضا:
وقال البروفيسور تشارلز بانغهام، رئيس قسم المناعة في إمبريال كوليدج لندن لهيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي”، “نحن ببساطة لا نعرف متى سيتوفر لقاح ومدى فعاليته وبالطبع بشكل حاسم، ومدى سرعة توزيعه”.
وأضاف “حتى لو كان فعالا، فمن غير المرجح أن نتمكن من العودة إلى الوضع الطبيعي تماما، لذلك سيكون هناك مقياس متدرج، حتى بعد اعتماد لقاح نعلم أنه فعال… وسيتعين علينا التخفيف تدريجيا من بعض حالات التدخل الأخرى”.
وسبق أن استبعدت متحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، إمكانية توفير لقاح مضاد لفايروس كورونا على نطاق واسع قبل منتصف العام المقبل، وهو ما ينذر بطول أزمة الوباء التي أودت بحياة مئات الآلاف من البشر فيما أثرت بشدة على الاقتصاد العالمي.
وشددت المتحدثة مارغريت هاريس، في تصريح صحافي، على أهمية إجراء اختبارات دقيقة للتأكد من نجاعة اللقاحات وسلامة استخدامها لأجل الوقاية من الفايروس الذي ظهر في الصين، أواخر العام الماضي.
وقالت “هذه المرحلة الثالثة يجب أن تستغرق وقتا أطول لأننا نحتاج لمعرفة مدى الحماية الحقيقية التي يوفرها اللقاح، ونحتاج أن نتأكد أيضا من كونه آمنا”.
وتسبب فايروس كورونا المستجد بوفاة ما لا يقل عن مليون شخص في العالم منذ ظهوره بالصين في ديسمبر الماضي.
ولا تعكس الأرقام المسجلة في معظم دول العالم إلا جزءا من العدد الفعلي للإصابات، إذ لا تجري دول عدة فحوصا إلا للحالات الأكثر خطورة، فيما تعطي دول أخرى أولوية في إجراء الفحوص لتتبع مخالطي المصابين، تضاف إلى ذلك محدودية إمكانات الفحص لدى عدد من الدول الفقيرة.