متحف آرمات عمّان يذكر بتاريخ المتاجر والمحلات

افتتح خطاط أردني متحفا يجمع فيه آرمات قديمة تَنافس في كتابتها أمهر الخطاطين، وذلك بهدف الحفاظ على ذاكرة العاصمة الأردنية وإرثها الاجتماعي، فيما هناك مساع لإدراج المتحف على خارطة مدينة عمّان السياحية.
عمّان – دشن خطاط أردني في قلب العاصمة الأردنية متحفا فريدا من نوعه أطلق عليه اسم “آرمات عمّان” يجمع فيه العشرات من اللافتات القديمة التي كانت مثبتة على واجهات المحلات بمختلف أنحاء المدينة، وذلك بهدف الحفاظ عليها وتوثيقها لتبقى حية في الذاكرة الجماعية.
وثبت غازي خطاب مؤسس المتحف على واجهة بناية قديمة تعود إلى خمسينات القرن الماضي بشارع الملك حسين الشهير آرمة خضراء اللون مكتوبا عليها “متحف آرمات عمّان.. الدخول مجانا” في مسعى منه لاجتذاب أكبر عدد من الزوار للدخول إلى متحفه.
وافتتح خطاب متحفه قبيل جائحة فايروس كورونا بنحو شهرين، ومن المفترض أن يكون المتحف على خارطة مدينة عمّان السياحية في ما يعرف بـ”ممشى عمّان السياحي” الذي تعتزم أمانة عمّان الكبرى إطلاقه قريبا.
ووفقا لوكالة الأنباء العمانية قال خطاب إن “حبه لمدينة عمّان التي قضى فيها فترة طفولته، إلى جانب شغفه بالخط العربي الذي امتهن العمل به عندما كبر، كانا وراء تفكيره في افتتاح هذا المتحف”.
وتابع أنه بدأ هذا العمل كهواية لكن مع خوفه على ضياع هذه القطع الفنية النادرة قرر توسيع مجموعته وعرضها في متحف، بالإضافة إلى أنه يريد أن تكون شاهدا يستدل به الجيل الحالي عمّن سبقه وأن يشاهد أسلوب عيش سلفه حاضرا في هذه اللافتات.

شواهد على براعة خيرة خطاطي الأردن
وأكد “لقد حاولت من خلال المتحف الحفاظ على ذاكرة المدينة وإرثها الاجتماعي وبشكل مختلف هذه المرة عبر الآرمات القديمة والتي توثق الحالة الاقتصادية والاجتماعية لمدينة عمّان بدءا من أربعينات القرن الماضي”.
وبدأ الخطاط الأردني بجمع اللوحات التي تعرف أيضا بالأثاث البيئي منذ العام 1986، ولم يحرص على ربطها بنشاط اقتصادي بعينه، بل آرمات متنوعة لأطباء وشركات ومحلات تجارية وصالونات حلاقة ومقاه وفنادق وأطباء ومحامين وخياطين وغيرها من التي تزينت بفنون الخط العربي بأشكاله المختلفة الرقعة والنسخ والديواني والثلث والفارسي.
وكشف خطاب عن طرق حصوله على اللوحات قائلا “لقد تنوعت الطرق فمنها ما كان بعقد اتفاقات مع أصحابها الذين كانوا يرغبون في استبدالها، ومنها ما حصلنا عليه من خلال عملنا بالمهنة بعد أن كادت تتحول إلى خردة (…) كل اللوحات الموجودة بالمتحف أصلية ومعروضة دون خضوعها لأي ترميم”.
وأشار إلى أن “أغلى اللوحات التي حصل عليها وصلته عن طريق الإهداء من أصحابها الأصليين (…) فهذه اللوحات حفرت كثيرا في داخلنا وجعلتنا نشعر بأهمية مشروعنا”.
وتحمل الآرمات القديمة أسماء كثيرة تشكل في ذاكرة المواطنين والعاصمة عمّان تاريخيا طويلا مثل “أحذية عاشوري” و”فندق الأدباء” و”محلات إيفا” و”المخزن الملكي الهاشمي” وغيرها من العشرات من اللوحات القديمة.
وتضم مجموعة المتحف لافتة تعود إلى عام 1949 خاصة بمركز تخزين كان تابعا لملك الأردن في ذلك الوقت، وهي لوحة تثير فضول الزائرين.
ويصف خطاب اللوحة بأنها “من أقدم اللوحات الموجودة بالمتحف وأجملها”، مضيفا “حصلنا عليها من صديق أحفاد مالكها الأصلي التاجر العمّاني الأرمني روبين كشجيان، الذي كان وكيلا لإحدى شركات أفلام التصوير العالمية ووكيلا لإحدى الساعات السويسرية الشهيرة بالمملكة، وكان من أبرز الموردين للقصر الملكي أيام الملك المؤسس عبدالله الأول في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، وقد حصل على شهادة من الملك بتسمية محله بهذا الاسم”.
ويرى أحد زوار المتحف أن “ما نشاهده اليوم هو حالة فريدة تعيد ذاكرتنا إلى الوراء بما تحمله من ذكريات عن العاصمة عمّان، فنحن نعيش الآن تلك الأيام لكن من خلال الآرمات”.
وتُعرض ببادرة من خطاب صور خطاطي المدينة القدامى في صدر متحفه من أمثال الخطاطين المعروفين بالمملكة: سبانخ وانطون وسادات ومحمد هندي وغيرهم اعترافا منه بما قدموه لمهنة الخط العربي بالأردن، لاسيما أن اللوحات الكلاسيكية اندثرت في مواجهة المدّ التكنولوجي الذي وصل إلى هذه الصناعة.
وقال خطاب “في لحظة من اللحظات شعرت أن هناك خطرا على اللوحات الكلاسيكية التي تفنّن في إنجازها أفضل الخطاطين، لاسيما مع التطور والتقدم المستمرين، لذلك فكرنا في طريقة تحفظ اللوحات من الاندثار”.
