ما خطرتش على بالك يوم تفطر عندي

الدراما والسينما والأغاني المصرية لم تعد عصية على الكثير من الأشقاء العرب، حيث أجد البعض منهم يبادلونني الحديث بالعامية في بعض الأوقات كنوع من الدعابة.
الثلاثاء 2024/02/27
محاولة مبتكرة الغرض منها إثارة الفضول عند الزبائن

يتمتع الكثير من المصريين بخاصيتي الهزار والسخرية، وعندما يريد أحدهم لفت الانتباه قد يلجأ إلى الاستعانة بأبيات من أغنيات معروفة، مع تغيير بسيط في كلماتها لتتناسب مع طبيعة الموقف. وهذه المسألة جعلت بعض من يتعاملون معهم من جنسيات عربية لا يستطيعون التفرقة بين الجد والضحك، حيث يتداخلان معا في حوار واحد.

لجأ البعض من سائقي السيارات الخاصة بنقل الركاب إلى وضع أمثال شعبية على الزجاج الخلفي، ومع كثرة استخدام التوكتوك في الشوارع والحواري الضيقة ذاع صيت الأمثال التي تعبر عن ثقافة ومجتمع السائق، وبالطبع خفة ظله، وحكمته عندما يختار عبارات تدلّ على أحواله والبيئة المحيطة به، وغالبيتها تحمل إسقاطات اجتماعية واقتصادية، وباتت النكات الساخرة إحدى الظواهر السياسية، والتي يقوم خبراء ومتخصصون بدراستها لقياس الرأي العام عندما يتزايد معدل السخرية.

تفتق ذهن أحد أصحاب المطاعم في وسط القاهرة عن القيام بمحاكاة لأغنية شهيرة للسيدة أم كلثوم، مطلعها: ما خطرتش على بالك يوم تسأل عني، فقام بتغيير كلمتين في الأغنية التي كتبها الشاعر أحمد رامي ولحّنها سيد مكاوي وأذيعت منذ نصف قرن نقريبا، فأصبحت: مخطرتش على بالك يوم تفطر عندي، كنوع من الدعابة والترويج الخفيف لمطعمه، وهي حيلة تربط مطعمه بأغنية عاطفية بدلا من الفول والطعمية.

وهذه محاولة مبتكرة الغرض منها إثارة الفضول عند الزبائن، وتأكيد الرومانسية عند المحبين المارين أمامه في الصباح الباكر، ونجح الرجل بهذه اللافتة، التي وضعها في مكان ظاهر وبخط عريض، في ترْك بصمة في عقل وقلب رواد المطعم وكل من تقع عيونهم على عنوانه، وحقق شهرة من وراء ربط مطعمه بكل من أم كلثوم ورامي ومكاوي.

ربما يكون من المناسب هنا التذكير ببعض أبيات الأغنية كنوع من التأييد لفصاحة وثقافة صاحب المطعم، حيث يقول مطلعها: ما خطرتش على بالك يوم تسأل عني/ وعنيّه مجافيها النوم يا مسهرني/ دانا قلبي بيسألني إيه غيّر أحواله/ ويقول لي بقى يعني ما خطرتش على باله…

تبدو العامية المصرية التي كتبت بها الأغنية صعبة على الفهم في بعض المقاطع، مع ذلك لم أسع إلى تحويلها لفصحى لأنها ستفقد جزءا مهما من جاذبيتها. كما أن الدراما والسينما والأغاني المصرية لم تعد عصية على الكثير من الأشقاء العرب، حيث أجد البعض منهم يبادلونني الحديث بالعامية في بعض الأوقات كنوع من الدعابة، وإذا ذهبوا إلى صاحب المطعم قد يدمنون الفطار عنده، لأنه يحرص على خلق أجواء تتناسب مع زمن أم كلثوم ورفاقها. ولعله يقرأ هذه الدعاية المجانية فيدعوني إلى الفطار مجانا.

18