مانشستر يونايتد يبحث عن الكمال
خلال الموسم الماضي مرّ فريق مانشستر يونايتد بواحدة من أسوأ فتراته منذ زمن طويل، حيث لم يقدر على تحقيق النتائج المنتظرة، وكان موسمه كارثيا بأتم معنى الكلمة، إذ أنهى منافسات الدوري المحلي في المركز السابع، بعد أن كان بطلا لمواسم عديدة ونافس بقوة على لقب دوري أبطال أوروبا وحاز لقبها سابقا، بل إنه لأول مرة منذ سنوات طويلة يعجز عن ضمان التأهل إلى إحدى المسابقات الأوروبية.
لقد تأثر فريق “الشياطين الحمر” بخروج مدربه السير أليكس فيرغسون الذي آثر اعتزال التدريب بعد سنوات عديدة، ليترك فراغا رهيبا لم يقدر معوضه ديفيد مويس على تعويضه، بل كانت النتائج متذبذبة للغاية وغير متوقعة، إذ كان الفريق شبحا لنفسه وتلقى الهزيمة تلو الأخرى، مما دفع بإدارة النادي إلى إقالة مويس في أعقاب الموسم الماضي، رغم أنها كانت في البداية تخطط كي يكون معوضا دائما ولسنوات طويلة لفيرغيسون الذي قضى حوالي ربع قرن على رأس الفريق.
إذن رحل مويس، وتم التعاقد في صفقة مكلفة مع الهولندي لويس فان غال، الذي عرف النجاح مع عدة أندية على غرار أياكس وبرشلونة وبايرن، ثم مع المنتخب الهولندي وخاصة في المونديال الأخير، وكان الهدف الأساسي هو إعادة إشعاع “الشياطين” بعد تراجع مستواه الموسم الماضي.
بيد أن فان غال الذي رحب بالعرض وجاء مسرعا وملهوفا لخوض هذه التجربة، اشترط التعاقد مع نخبة من النجوم حتى يقدر على تكوين فريق مهاب وقوي من جديد، وكانت هذه الشروط محل ترحاب من إدارة الفريق التي دفعت الغالي والنفيس من أجل استقدام مجموعة متلألئة من النجوم على غرار الأرجنتيني دي ماريا القادم من ريال مدريد، والكولومبي فالكاو القادم من موناكو، وبليند النجم السابق لأياكس أمستردام.
وبدأت عملية البناء والتكوين، ليستهل الفريق “الأحمر” موسمه بخطى متباطئة وثقلية ومستوى ممل غير مقنع، حيث لم يكن الأداء رائعا، فتكبد الفريق بعض الهزائم القاسية وغير المنتظرة جعلت انطلاقة فان غال سلبية نسبيا، ولم تشفع له كتيبة النجوم كي يحقق المطلوب منه في الجولات الأولى، فلا دي ماريا ولا فالكاو ولا روني أو فان برسي تمكنوا من الرسو بسفينة “الشياطين” على بر الأمان.
تتالت المباريات ونجح الفريق في الظهور بمستوى أفضل، بل إنه تمكن من تحقيق بعض النتائج الإيجابية والحديث هنا عن منافسات الدوري الممتاز، فبعد تعادل أسعد الجميع ضد تشيلسي القوي والمتصدر، تمكن مانشستر يونايتد من التغلب على أرسنال وساوثمبتون، وغلبت الخبرة كفته أيضا في بعض المباريات الأخرى ضد الفرق الضعيفة، ليجد نفسه حاليا في المركز الثالث أي ضمن أندية المقدمة.
وبلغة الأرقام فإن هذا المركز، إذا تمكن مانشستر من الحفاظ عليه يخول له المشاركة في دوري الأبطال، وبالتالي فإن المحصلة تبدو في كل الأحوال جيدة مقارنة بما تحقق في الموسم الماضي.
غير أن هذه النتائج لم ترض الجميع في هذا الفريق، فالجماهير “الحمراء” مازالت قلقة بخصوص المستوى غير المطمئن، وإدارة النادي مازالت تنتظر الكثير من هذا الفريق الذي يضم أبرز نجوم الدوري الإنكليزي، بل إن هذه النتائج لم ترض طموح المدرب فان غال الذي بدا خلال منافسات الجولة الماضية، غير مقتنع بما قدمه الفريق ضد ليفربول رغم الفوز بثلاثية كاملة.
لقد علق المدرب الهولندي على أداء فريقه قائلا، إنه مستاء إلى حد الآن من المستوى المتذبذب وغير المقنع في أغلب المباريات الأخيرة، معتبرا أن عدة انتصارات تحققت دون أدنى إمتاع أو إبداع منهيا كلامه بالقول: “لا تعجبني الانتصارات من دون أداء، هذه ليست فلسفتي”.
هكذا تحدث فان غال الذي مازال يبحث بعد عن وصفة النجاح، أو لنقل وصفة بلوغ الكمال على مستوى الأداء واللعب الجميل، ففلسفة هذا الفني ترتكز أساسا على تقديم أفضل ما يمكن فوق الميدان، والقاعدة الأولى للوصول إلى تقديم مستوى ممتع هي الاعتماد على أسلوب الكرة الشاملة التي أبدعت فيه هولندا، وبات إلى اليوم أحد أفضل الأساليب في عالم كرة القدم.
رحلة البحث عن الأداء الرائع تبدو مستمرة، وربما يتعين على المدرب الهولندي الصبر أكثر حتى يبلغ الفريق مرحلة النضج، فالصورة التي ظهر بها مانشستر يونايتد ليست سيئة أو مرعبة، لكن الوصول إلى إخراج “كل السحر الكروي” من اللاعبين قد يتطلب أشهرا طويلة من العمل والصبر.