ماليزي يتوب عن سرقة أعشاش السلاحف البحرية لحراستها

عزيز مصطفى ماليزي أدرك لاحقا أن حماية أعشاش السلاحف، التي كان يسرقها، أنْفعُ مِن نهبها لأنها تسهم في جذب السياح الذين يتهافتون على مشاهدتها.
الأربعاء 2020/07/22
من الأفضل للبشرية تكاثرها

شاغار هوتانغ (ماليزيا)- دأب عزيز مصطفى طويلا على سرقة أعشاش السلاحف من شاطئ ماليزي لبيع بيضها، لكنه اليوم يمتهن حراسة الساحل من خلال حماية هذا الجنس الحيواني المهدد بالانقراض.

وقد نجح الماليزي في إحداث هذا التحول، غير أن معركته لا تزال طويلة لحماية هذه الحيوانات التي تهاجر من بحر الصين الجنوبي إلى سواحل البلد الواقع في جنوب شرق آسيا لتطمر بيضها في الرمال.

وتقيم عدة أجناس من السلاحف البحرية، بينها السلاحف الخضراء أو السلاحف صقرية المنقار، أعشاشها على السواحل الماليزية التي يقصدها السياح لمراقبة فقس البيض واندفاع السلاحف الصغيرة نحو البحر.

غير أن أعداد السلاحف تراجعت بدرجة كبيرة بسبب التلوث البحري وتنمية السواحل وجمع البيض المحبب بدرجة كبيرة في الأطباق الآسيوية.

يسمح لبعض جامعي البيض المرخص لهم بممارسة هذا النشاط في جنوب شرق شبه الجزيرة الماليزية، كما أن بيع بيض بعض الأجناس مسموح به قانونيا

وتكون السلاحف عرضة لخطر الصيادين الذين يطلبون لحمها و”صَدفتها”. أما إذا باضت، ونجا البيض من اللصوص، فتفقس فراخا طولها نحو خمسة سنتيمترات، وتخرج من الرمال، وتبدأ زحفها نحو المياه في رحلة حياة أو موت تكون خلالها فريسة سهلة للطيور والضواري.

ويقول الخبراء إن نحو 40 في المئة من الفراخ تموت خلال الساعات الأولى من وجودها في البحر، ويعيش فرخ واحد فقط من كل ألف فرخ حتى يصل إلى سن البلوغ بعد 50 سنة.

ولا تغادر الذكور المياه أبدا، لذا فإن الأدلة الوحيدة على أحوال السلاحف تأتي من الإناث عندما تخرج إلى الشاطئ. وتقول لاي مين من الصندوق العالمي لحماية الطبيعة، “نحن لا نعرف أين تذهب الفراخ، ولا نرى الذكور والصغار. وإذا حصل لها أمر ما فلا نعلم به. وإذا لاحظنا هبوطاً في عدد الإناث، فمعنى هذا أن الهبوط الكلي حاد”.

ويقول عزيز البالغ من العمر 44 عاما، لدى مراقبته مجموعة من إناث السلاحف أتت لتبيض عند شاطئ في جزيرة ريدانغ بولاية تيرينغانو الماليزية، إن “السلاحف والبيض كنز وطني لدينا”.

ويضيف، “أشعر كأني عرّاب لها وأريد حمايتها من أجل الأجيال المقبلة. أسعد لرؤية صغار السلاحف تعود إلى هنا لتضع بيضها”.

يقول الخبراء إن نحو 40 في المئة من فراخ السلاحف تموت خلال الساعات الأولى من وجودها في البحر
يقول الخبراء إن نحو 40 في المئة من فراخ السلاحف تموت خلال الساعات الأولى من وجودها في البحر

وقد شقت السلاحف حفرا في الرمال وباضت آلاف البيوض قبل العودة إلى البحر. وعند شاطئ شاغار هوتانغ عينه الممتد على 350 مترا، شُوهدت سلاحف صغيرة تخرج من البيض وتتدافع في اتجاه مياه البحر.

غير أن البشر ليسوا مصدر التهديد الوحيد للسلاحف، إذ يشكل البيض هدفا مفضلا لحيوانات الورل، كذلك غالبا ما تقع صغار السلاحف ضحية أسماك القرش أو أنواع أخرى من السمك لدى دخولها المياه.

ويستذكر عزيز، وهو سليل عائلة صيادين فقراء في الجزيرة، كيف كان يختبئ في الغابة قرب البحر للاستيلاء على بيض السلاحف، مع اضطراره في أحيان كثيرة إلى خوض معارك شرسة مع منافسين طامعين مثله في هذا الكنز الثمين. وكان البيض يباع لتجار أو يُستهلك في الطعام، وقد شكّل في الماضي مصدرا مهما للبروتينات لدى السكان المحليين.

وأدرك عزيز لاحقا أن حماية أعشاش السلاحف أنْفعُ مِن نهبها، لأنها تسهم في جذب السياح الذين يتهافتون على مشاهدتها.

تقيم عدة أجناس من السلاحف البحرية، بينها السلاحف الخضراء أو السلاحف صقرية المنقار، أعشاشها على السواحل الماليزية التي يقصدها السياح لمراقبة فقس البيض

يقول، “أدركت أن القرويين في ريدانغ يمكنهم عيش حياة أفضل إذا توافرت الحماية لهذه الأجناس المهاجرة”. وقد بدأ في التعاون مع فريق من الباحثين في جامعة تيرينغانو ما أمّن له دخلا يقرب من 400 دولار شهريا.

وقد شكّل فريقا مع اثنين آخرين من حرس السواحل ومجموعة متطوعين لحماية أعشاش بيض السلاحف من الصيادين غير القانونيين والكائنات المتربصة بها مثل زواحف الورل.
ويشير إلى أن “سكان جزيرة ريدانغ يتلقون إيرادات ثابتة من السياحة بفضل العدد المتزايد من الزوار الذين يقصدون المنطقة لرؤية السلاحف الخضراء وهي تضع بيضها”.

يشير عالم الأحياء في جامعة ماليزية محمد عزير رسلي إلى أن توفير إيرادات مالية للسكان من خلال حماية السلاحف البحرية يشكل الطريقة الفضلى لحماية مستقبلها. إلا أنه ينبّه إلى وجود “شهية جامحة” في آسيا تجاه هذا البيض الذي يعتبره البعض محفزا للرغبة الجنسية.

ويسمح لبعض جامعي البيض المرخص لهم بممارسة هذا النشاط في جنوب شرق شبه الجزيرة الماليزية، كما أن بيع بيض بعض الأجناس مسموح به قانونيا. وقرّرت سلطات تيرينغانو منع الاتجار بسائر أنواع بيض السلاحف بحلول نهاية العام الجاري. لكن تغيير تقاليد متجذرة منذ قرون في المنطقة ليس أمرا هيّنا.

وخلال زيارة إلى سوق كوالا تيرينغانو عاصمة هذه الولاية، أمكنت رؤية بيض مطروح للبيع في مقابل 12 دولارا لكل عشر منها. ويؤكد التاجر نور جناه أن مبيعاته تشهد إقبالا مكثفا كما أنه يشكك في أن يكون أكل بيض السلاحف مصدر تهديد لاستمرار هذا النوع من الحيوانات. ويقول “زوالها أمر مستحيل. أنا أتناول بيض السلاحف وأبيعه منذ سن الثانية عشرة”.

20