ماذا لو كان "الوفاء الجنسي" مجرد إشاعة
قد يبدو السؤال صادما للبعض لكنه لا يخلو من معقولية. ماذا لو كان “الوفاء الجنسي” مجرّد وهم نسجه الرجل لكي تصدقه المرأة فتلزم نفسها بما لا يلزم؟ يكفي أن يقوم كل امرئ باستنطاق أهوائه ونواياه حتى يدرك بأنّ السؤال مبرر.
ماذا لو كان ابن آدم -مثل سائر الثدييات- ميالا بالطبيعة إلى تنويع الموضوع الجنسي؟ للسؤال وجهان، وجه أقل إحراجا هو الوجه المتعلق بالذكور: ماذا لو كان الرجل بطبيعته لا يتحمل الوفاء “الأبدي” لنفس الموضوع الجنسي؟ وهذا قد أقره فقهاء الإسلام في الأخير. والوجه الآخر والأكثر إحراجا متعلق بالإناث: ماذا لو كانت النساء بحكم الطبيعة لا تتحملن الوفاء “الأبدي” لنفس الموضوع الجنسي؟ وهذا سيكون نبأ سيئا بالنسبة إلى البعض. وربما يكون الفارق الأهم أن المرأة أقدر من الرجل على الاستعانة بالاستيهامات كإجراء تعويضي، لكن هذا لا ينفي طبيعة الرغبة. دعنا نكون أكثر صراحة، ماذا لو كان “الوفاء الجنسي” مجرد إشاعة ذكورية يتوجب على المرأة تصديقها؟ ماذا لو كانت “الخيانة الزوجية” هي الشرط الإنساني غير المعلن؟ وفي كل الأحوال، أليست استيهاماتنا هي الأكثر تعبيرا عن حقيقتنا؟
لا بأس أن نتحمل هذا الإزعاج الفلسفي “الملعون”، ولو لبعض الوقت. ولنستمر. ألا تمتلك حواء ميلا إلى تنويع الشركاء بحكم طبيعة اللذة الجنسية نفسها؟ عندما يعترف الموروث الفقهي للرجل بالحق في تعدّد الزوجات، فهو يعترف من ثمة بوجود ميل تنويعي لدى غريزة الرجل، لكن، أليس الأجدر لنا أن نناقش الأمر بنزاهة وشفافية وتجرّد: هل لدى الرجل من حيث هو كائن بشري ميل إلى تنويع الشركاء الجنسيين بنحو يضعه بين خيارين إمّا مثنى وثلاث ورباع في إطار شرعي وبما يرضي الله؛ وإما خليلة غير شرعية كما يفعل الغرب المنحل والعياذ بالله!
السؤال الأهم الآن هو ماذا عن النساء وشهوتهن؟ قد يذهب الظن بالبعض إلى أني أخفي مكرا خبيثا. وهنا لست بحاجة إلى التذكير بأني في المستوى السلوكي لا أنكر الحاجة للحفاظ على بعض التابوهات في إطار توافقي، لكن، بمعزل عن السلوك فأنا أعتبر التفكير في المقابل نشاطا مفتوحا غير مقيد، وهذا ما يجب الحرص عليه في كل الأحوال.
هناك حقيقة فهمها الأصوليون أكثر منا: الوفاء الجنسي يحتاج إلى تشديد العقوبات وإلى قدر كبير من العنف. ما يعني أن الأمر غير طبيعي. وإن كانت المرأة هي المتهم الأول والمدان الرئيس ضمن العقوبات التقليدية ذات الطابع الجنسي (الرجم، الجلد…) فلأن المرأة هي كبش الفداء في فشل وهم ”الوفاء الجنسي” الذي صنعه الرجل. حين نفكر ونتساءل بهذا النحو من العمق، فإننا لا نسعى إلى تدمير القواعد، لكننا نسعى إلى إعادة بنائها خارج ثقافة الكذب، وبعيدا قيم الحيف والزيف، وبمعزل فقه التقية والكتمان. وهذا هو المأمول. وحده الاعتراف بالحقيقة يحررنا من أمراضنا. أي نعم، إننا أذكى الثدييات، وربما أجمل الثدييات، لكننا لسنا أسعد الثدييات. هذا الفرق يكفي لكي يحرمنا الامتياز.