من الصعب أو من المبكر التكهّن بطبيعة التسوية الإقليمية التي يعدها ترامب أو حدودها، والأمر على ما يبدو يتعلق بمحاولة فرض نوع من سلام إقليمي يشمل عدة دول عربية مع إسرائيل، ويتأسس على تعاون اقتصادي ونوع من التحالف السياسي يؤدي إلى تحجيم نفوذ إيران في المنطقة.

هذا واقع يجدر بحركة حماس أن تتمعن فيه جيدا، وأن تستنبط منه العبر المناسبة، وخصوصا بأن تكف عن إظهار نفسها كتنظيم منزه ويستعصي على الاختراق، أو الانتهازية أو الثغرات أو الأخطاء.

لا يمكن لأي اتفاق أن يكون بديلا عن الحل السياسي المتمثل ببدء عملية انتقالية في سوريا، كما جاء في بيان جنيف 1 وقرارات مجلس الأمن الدولي التي تضع سوريا على سكة التحول نحو دولة مؤسسات وقانون.

من المهم التمييز بين الادعاءات والوقائع، وخاصة التمييز بين عوائد الإضرار بإسرائيل بدعوى المقاومة، والإضرار بالمجتمعات العربية أيضا بدعوى مقاومة إسرائيل، على نحو ما تبين في سياسات إيران وحزب الله في السنوات الماضية.

الإستراتيجية الأميركية الجديدة تأخذ في الاعتبار مصالح روسيا في سوريا، من أجل الاستمرار في توظيف الدور الروسي فيها بالوكالة، كما تأخذ في الاعتبار تحجيم نفوذ إيران وإعادتها إلى وراء حدودها.

المعنيون في الساحة الفلسطينية مطالبون بالإقدام على مراجعة خطاباتهم وبناهم وأشكال عملهم في لبنان، لا سيما في ما يتعلق بشأن التواجد المسلح في هذا البلد.

لم تقطع حماس مع طابعها كحركة دينية، ولم تلغ الميثاق الذي يبين مبادئها التأسيسية وإدراكاتها النظرية منذ قيامها.

الولايات المتحدة هي الدولة التي تملك كلمة السر لوقف الصراع الجاري في سوريا، والدولة الأكثر قدرة على فرض الحل الذي تريده على مختلف الأطراف الداخليين والخارجيين.

غلبة وجهة نظر إسرائيلية مفادها الإبقاء على النظام السوري بواقع أن نظام الأسد (الأب والابن) حافظ على حدود هادئة معها طوال أربعة عقود، لذا كان موقفها أنه سيكون بلا حول ولا قوة إذا بقي.

يتضح أن ثمة نوعا من التوافق الدولي قوامه أنه آن الأوان لإعادة إيران إلى حدودها الطبيعية، وأن فترة السماح الدولي معها انتهت.

الجولة التفاوضية القادمة في جنيف، ستكون مهمة جدا، ليس باعتبارها ستحل المشكلة، لكن باعتبارها ستشكل المفتاح لإيجاد حل للصراع السوري، الذي دخل الآن عامه السابع.

الصراع التفاوضي جزء من الصراع على سوريا المستقبل، وعلى مكانة المعارضة عند شعبها، وفي العالم، وهذا الصراع لن يحسم إلا بوجود توافقات دولية وإقليمية، وليس على طاولة المفاوضات.

لا تمكن المراهنة على تراجع مكانة إسرائيل لدى الولايات المتحدة، بحكم الروابط الوشيجة التي تجمع هاتين الدولتين، وبحكم العلاقات التاريخية والمتميزة التي تربطهما.

ثورات الربيع العربي أنهت أو مهدت لأفول العصر الأيديولوجي، بعد أن تبين انغلاق الأيديولوجيات وفواتها ومواربتها، وتحولها إلى مجرد أديان أو هويات أخرى.

كل المؤشرات تفيد بأن إدارة ترامب سوف تستعيد كل الركائز التي كانت رسمت الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد الحرب الثانية.

إلى جانب المعركة ضد الاستبداد، فإن الصراع على تمثيل الدين، أو على مقاصد الدين، أضحى معركة لا بد منها على الوعي، في مواجهة الجماعات الإرهابية والتكفيرية المتطرفة، والتي ينبغي خوضها من قبل كل التيارات.