ليبيون يروّجون للسياحة الداخلية انطلاقا من صحرائهم

رحلة "سلام" نحو الصحراء ينفذها عدد من شباب ليبيا من خلال امتطاء 300 سيارة رباعية الدفع في أجواء حماسية ستجمع المشاركين.
الاثنين 2020/12/14
إعادة اكتشاف جمال ليبيا

انطلق عدد كبير من الشباب الليبيين في رحلة نحو الصحراء هدفوا من خلالها إلى التشجيع على السياحة الداخلية وإعادة اكتشاف جمال ليبيا، للتغلب على الوضع الأمني المضطرب وقيود فايروس كورونا.

طرابلس- انطلقت في أجواء من الحماس رحلة “سلام” ما كانت ممكنة قبل أشهر، تجمع مشاركين من شرق ليبيا وغربها وجنوبها لاستكشاف بلدهم في سياحة داخلية تشهد انتعاشا في هذا البلد على الرغم من التحديات المرتبطة بالوضع الأمني وتداعيات جائحة كورونا.

وتجمع المشاركون في الرحلة في النقطة المحددة في القريات المنطقة شبه الصحراوية التي تحيط بها الجبال وتعد واحدة من البوابات المؤدية إلى قلب الصحراء الليبية. وهي تربط مدن الشمال بمدن الجنوب وتبعد 300 كلم جنوبي العاصمة طرابلس.

وقال المرشد السياحي والخبير في جغرافيا الصحراء جمعة عمر من داخل سيارته رباعية الدفع “تشاهدون الأجواء الحماسية استعدادا لانطلاق الرحلة الأضخم، لأنها ستنفذ بعدد 300 سيارة رباعية الدفع”.

ويحاول عمر (55 عاما) منذ سنوات على غرار العاملين في قطاع السياحة، الترويج للسياحة الداخلية وتشجيع الليبيين على استكشاف بلادهم التي تحظى بتنوع جغرافي فريد يجمع بين طقس المتوسط وقساوة رمال الصحراء.

وأفاد عبدالحميد محمد، أحد المشاركين في الرحلة السياحية، أنها “تجربة جديدة” يخوضها، بعدما كان يفضل المشاركة في أنشطة سياحية خارج ليبيا. وتابع محمد (30 عاما) “اكتشفت أن ليبيا لا تقل جمالا عن بلدان أخرى تشتهر بالسياحة وعرفت سبب حرص بعض الأجانب على القدوم إلى بلادنا قبل 2011، لأنها تحتوي على مناظر خلابة ومواقع فريدة من نوعها، تستحق السفر إليها”.

شعار الرحلة يجسد الأخوة بين الليبيين
شعار الرحلة يجسد الأخوة بين الليبيين

ونظمت الرحلة تحت شعار “لمة خوت” (تجمع أخوة). وشدد المرشد السياحي الليبي على أن “شعار الرحلة دليل ويجسد الأخوة”. وأضاف “صحيح أن الرحلة سياحية من الطراز الرفيع، لكنها تجمع بين أبناء الوطن، إذ يشارك فيها الجميع دون تحفظ على أحد”، مؤكدا أن “رسالتنا اليوم ومن خلال هذا الجمع الغفير، نعم للسلام ونبذ العنف”.

وأشار الرجل الخمسيني “منذ أسابيع نعمل بشكل دؤوب على تذليل كل الصعاب وقمنا بالتواصل مع كافة القرى والبلدات التي سنمر عبرها لتسهيل المرور دون عقبات أمنية وبصورة تضمن أمن الجميع”. أما بشأن انتشار جائحة كورونا المستجد، فقد أكد “طلبنا تحاليل خاصة بخلو المشاركين من الفايروس وتقسيمهم إلى مجموعات مصغرة ومنفصلة، لضمان التباعد الاجتماعي وسلامتهم من الإصابة”.

وتجاوز العدد الإجمالي للإصابات بفايروس كورونا في ليبيا عتبة الـ85 ألفا فيما تخطى عدد المتعافين الـ55 ألفا، وبلغ عدد الوفيات أكثر من 1200. ولا تقل السياحة في ليبيا جمالا وجاذبية عن السياحة في الخارج، وكل شخص يمكنه السفر في رحلات سياحية دون حاجته لمبالغ طائلة، مع سهولة وسائل النقل وتوفرها، وفقا لعمر.

وكانت ليبيا تشهد في عهد نظام العقيد الراحل معمر القذافي ومنذ رفع العقوبات الدولية في 2003 إقبالا من السياح الأجانب ونظمت رحلات سياحية رغم محدوديتها، خصوصا إلى المواقع الصحراوية والآثار التاريخية الرومانية المطلة على البحر المتوسط.

السياحة الداخلية في ليبيا لا تقل جمالا وجاذبية عن السياحة في الخارج، لاسيما مع سهولة وسائل النقل وتوفرها

ويرى عبدالله المغربي، أحد المشاركين في الرحلة وقدم من مدينة أجدابيا (شرق)، أن هذا النوع من الرحلات يعكس صورة إيجابية لليبيا أمام العالم. وأضاف المغربي أن “تحول السياحة في ليبيا إلى صناعة حقيقية يحتاج إلى استقرار وأن يضع الجميع الخلافات جانبا”، مشددا على ضرورة “الاستفادة من فرص العمل التي ستتوفر لعدد كبير من الشباب الليبي في قطاع السياحة”.

وفي ليبيا خمسة مواقع أثرية أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) على لائحتها للتراث العالمي قبل أكثر من ثلاثين عاما. وثلاثة من هذه المواقع الأثرية رومانية وهي صبراتة ولبدة وقورينا إلى جانب جبال أكاكوس الصخرية ومدينة غدامس القديمة. وتقول وزارة السياحة الليبية إن عدد الفنادق في ليبيا يتجاوز الـ280، فيما يناهز عدد الغرف الكلي الـ15 ألفا لا يستخدم حاليا سوى 30 في المئة من طاقتها الاستيعابية.

وبحسب أرقام حكومية، تفيد آخر إحصائية للعام 2010 أن عدد السياح الأجانب وصل حينها إلى أكثر من 110 آلاف بينما تخطت الإيرادات الأربعين مليون دولار، لكن هذا الرقم تراجع إلى الصفر بسبب تدهور الأوضاع الأمنية منذ العام 2011. وتضم ليبيا أكثر من 1200 شركة سياحية مسجلة أغلق أو تعثر نحو خمسين في المئة منها، بسبب الصعوبات التي تواجه هذا القطاع في البلاد.

24