لم أعد بك مجنونة
شكراً لهدوئكَ.. لصمتكَ.. لتحمّلكَ.. شكراً لدفءِ نارك التي نَقَلَتْ إليّ عدواها.. فصرتُ أهدأ وأكثر صمتا واتزانا.. شكرا لحذركَ وتلفّتكَ كم غمراني بالطمأنينة والحنان!.. شكرا لنبلكَ كم رتّبَ فوضايَ ومنحني هدأةَ التأمّل!
اليوم: اُحبّكَ أكثر.. وتشغَلُني أكثر.. أيها المنشَغِلُ دائما بسوى جنوني.. إليك هذا الخبر العاجل الأهم: لم أعد بكَ مجنونة!.. صرتُ أحبكَ وأنا بكامل قوايَ العقلية.. وأنا في أقصى حالات الوعي والتركيز.. وأنا على أخطرِ حافةٍ من فتحِ حدقتيّ على مصراعيهما.. وانفتاح قلبي على أوجهِ.. ونَفَسي الصاعد والنازلَ على أقصاه..
أحبكَ أكثر.. ربما لأنك أيقظتَ طفولتي ونضجي معا.. فتوحّدا أخيرا باسمكَ.. وجعلاني اُصدّقُ بكل حواسي ولوامسي ومجسّاتي معنى أن تكون عاشقا رغم كل شيء.. بلهفة دفيئة ربما.. بعاطفة عاصفة مغلّفة ربما.. أو بتلفت وصمت وارتباك.. ولكنك عاشق على كل حال!
وسأزعمُ لنفسي ولو إلى حين بأني أصدّقك.. مثلما زعمتَ أنت أمامي في لحظة كشفٍ نادرة.. ولو أن ذلك كان كما شئتَ أنت لا كما أشاءُ أنا.. ولو كما يحلو لك أن يكون الأمر لا كما يحلو لي أنا.. ولو بالصيغة الدافئة التي اخترتَ أن نكون عليها.. حتى غدوتُ مثلك: هادئة.. عاقلة.. مثل قطة وديعة لا تجيد الخربشة ولا تتقن العراك!
بلى أحبكَ أكثر.. حتى بتُّ أحسّ بنسغ العافية يسري في تفاصيل جسدي.. بلى قد تعافيت.. فما عادت تنتابني نوباتُ الصرعِ تحتَ سماءِ عينيكَ! ولا حالاتُ الهستيريا أمام شمسِ صوتك!.. ولا سوراتُ الهلوسة تحتَ فيءِ أصابعك!..
ما عدتُ أطمحُ أن أتمرّغَ فوقَ شاطئ المستحيل.. أو أن ألهثَ انفعالا وخبلا.. صار يكفيني أن أغفوَ قليلا وأنت تقصُّ عليّ حكايات سندريلاّ وقطر الندى والأميرة النائمة.. صارت تقنعني قطعةُ حلوى صغيرة من وقتكَ الثمين.. أقضمها ساعاتٍ وأحس طعم حلاوتها يدوم في فمِ أيامي طويلا.. وتكفيني وردة ياسمين من فيض كلماتك لتعطرني ليالي وليالي.. ونظرة دفءٍ حانية منك لتضيء ليلَ أرقي بفانوس التمنيّ.. مثلما صرتُ أرتوي بقبلةٍ عابرةٍ على جبين محبتي.. بدلَ وجع المناقيرِ واحتراقِ الجوانح..
فشكرا لك سيدي.. ها إنك أقنعتني تماما بمعنى أن أوازنَ ما بين موتي على يديك وبين حياتي فيهما.. بعد أن تمكنتَ تماما من ترويض مشاعري وتشذيب حواسي ولملمة جنوني وتوحيد تشتتي وأرشفة مواجعي.. ببساطة.. بهدوء.. بصدق.. بعفوية.. وأيضا.. وقبل كل شيء: باُبوّة خالصة!
أشكركَ لأنك احتويتَ ما يعتريني.. وما يتشظى من انفجاراتٍ كونية في أفكاري.. وما يتناثر من ثرثرةِ أجنحتي بكَ ولكَ وباسمك..
فكنتُ لك.. بعد أن شفيتُ وتماثلتُ للتعقـّل وتعافيت.. لا من حبك.. بل من نفسي ومن هواجسي وقلقِ واضطرامِ نار قلبي..اليوم.. اُحبّك أكثر..
لا لأنك مثلي أو تشبهني أو صنوي.. بل لأنني صرت ربما أشبه بك.. ولكن حذار حذار.. لن يدوم تعقلي على يديك إلا إذا دامت لهفتك عليّ.. وما أن يستشعر قلبي تلكؤا فيك.. ستجدني أخرى من جديد! أو لعلك ستلقاني أنا.. مثلما كنتُ ومثلما سأبقى.. تلك الأنا التي لن تكون أنت أبدا..