لماذا يرفض الناتو الانضمام لمعاهدة الحظر النووي

عندما صادقت هندوراس على معاهدة حظر الأسلحة النووية المعروفة أيضا باسم “معاهدة الحظر النووي” نهاية الشهر الماضي، لتصبح العضو الخمسين فيها، فتح الطريق أمام تنفيذها خلال تسعين يوما، ولكن مع ذلك لا تزال هناك شكوك في جدواها وخاصة من حلف الناتو، الذي يرى أنها لن تحل محل أي اتفاقية دولية أخرى بالنظر إلى حجم الغموض الذي يحيط بها.
بروكسل- يتمسك حلف شمال الأطلسي (ناتو) بموقفه حيال الانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية، حيث يرى قادته أن المخاطر تفوق الفوائد المحتملة لأعضاء الناتو، ولا يزال أعضاء ملتزمين بالحفاظ على تحالف نووي. وقد جدد الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ الثلاثاء انتقاده للمعاهدة قائلا إنها “لن تنجح في الواقع”.
وتبدو معاهدة حظر الأسلحة النووية، التي تدخل حيز التنفيذ في الـ22 من يناير المقبل، جذابة للوهلة الأولى، لكنها لن تنجح لأنه لا توجد آلية لضمان تخفيض متوازن في الأسلحة وعدم وجود آلية للتحقق وعلاوة على ذلك، لم توقع أي دولة تمتلك بالفعل أسلحة نووية على المعاهدة الأممية حتى الآن.
ويرى محللون أن تأثير واستمرارية المعاهدة سيعتمدان في النهاية على كيفية معالجة أعضائها ومؤيديها لعدة أسئلة حول تنفيذها بما في ذلك تلك التي أثيرت التوافق مع عضوية الناتو والامتثال والعالمية والعلاقة مع معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والمخاوف العملية حول مستحقات الأعضاء وانعقادهم.
وتحظر معاهدة الحظر النووي تقريبا جميع الأنشطة المرتبطة بالأسلحة النووية مثل الحيازة والتخزين والاختبار، بالإضافة إلى ذلك، لا يجوز لأعضاء المعاهدة “مساعدة أو تشجيع أو حث أي شخص بأي شكل من الأشكال على المشاركة في أي نشاط محظور على دولة طرف بموجب هذه المعاهدة” أو “التماس أو تلقي المساعدة بأي شكل من الأشكال” من الأنشطة التي تحظرها المعاهدة.
ويعني ذلك أنه لا يمكن للدول أن تشارك بشكل مباشر في الممارسات التي تدعم استمرار امتلاك الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها، وهذا له تداعيات واضحة على الولايات المتحدة وحلف الناتو الذي يرفض بشدة التوقيع عليها.
وتعتقد هيذر ويليامز وهي زميلة ستانتون للأمن النووي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في تقرير نشرته مدونة “الحرب على الصخور” الأميركية أن العضوية في المعاهدة تشكل مخاطرة كبيرة للغاية بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة حتى تثبت ما إذا كانت تحسن أو تقوض أمن الأعضاء وتعالج المخاوف المتعلقة بمصداقيتها.
ويجادل النقاد بأن معاهدة الحظر النووي ليست أداة قابلة للتطبيق لنزع السلاح النووي لأنها لا تحتوي على نظام تحقق قوي ولأنها قد تقوض جهود نزع السلاح ومنع الانتشار الحالية، مثل معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
وهناك انتقاد إضافي هو أن معاهدة الحظر النووي لن تتمكن من تحقيق هدفها المتمثل في وضع معيار قانوني جديد ضد الأسلحة النووية، على غرار ما هو موجود للأسلحة البيولوجية والكيميائية، لأنه لا يشمل كتلة قوية من الدول، بما في ذلك تلك التي تمتلك بالفعل أسلحة نووية.
ومن خلال التركيز على الأسلحة بدلا من البيئة الأمنية فإنها تتجاهل الديناميكيات التي تدفع الدول إلى الاعتماد على الأسلحة النووية في المقام الأول، ولذلك إذا كان من غير المحتمل أن تنضم الولايات المتحدة إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية، فلماذا يهتم صناع السياسة والخبراء الأميركيون بدخولها حيز التنفيذ؟
هنا تجيب ويليامز بالقول إنه ببساطة لأن أعضاء الناتو مهتمون بمسألة نزع السلاح وقد يغريهم الانضمام إلى المعاهدة بمرور الوقت، ستكون لهذا تداعيات كبيرة على المهمة النووية الأميركية ويمكن أن يؤدي إلى استقطاب الناتو.
واستهدف مؤيدو المعاهدة باستمرار حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين للانسحاب من مهمة الناتو النووية، ولكن حتى الآن، فشلت جهودهم، إذ يظل حلف الناتو ثابتا في التزامه بالردع النووي، مدعوما بالترسانات النووية الاستراتيجية لفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وكذلك الأسلحة النووية الأميركية المنتشرة في أوروبا.
ومع ذلك، من منظور الحلفاء الأوروبيين للولايات المتحدة، قد تكون هناك بعض الفوائد لعضوية معاهدة حظر الأسلحة النووية، حيث تتعرض الحكومات الأوروبية لضغوط من جانب الجمهور الذي يدعم نزع السلاح النووي.
وستكون العضوية في المعاهدة التزاما رمزيا بـ”نزع السلاح العام والكامل” على النحو المنصوص عليه في المادة السادسة من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
وفي رسالة حديثة، جادل 56 من القادة السابقين في دول الناتو بأن معاهدة الحظر يمكن أن “تساعد في إنهاء عقود من الشلل في نزع السلاح”، ويطالب الحلفاء ببعض القيادة الأخلاقية الدولية على أسس إنسانية عبر إبعاد أنفسهم عن أكثر الأسلحة تدميرا على وجه الأرض.
محللون يرون أن تأثير واستمرارية المعاهدة سيعتمدان في النهاية على كيفية معالجة أعضائها ومؤيديها لعدة أسئلة حول تنفيذها
لكن العضوية في المعاهدة ستكون على حساب الأمن القومي، فإذا انضم أحد حلفاء الناتو إلى معاهدة الحظر النووي، فهذا يعني أنه سيتعين عليهم التخلي عن التهديد باستخدام الأسلحة النووية نيابة عنهم “المظلة النووية” والتوقف عن دعم مهمة الناتو النووية.
والأهم من ذلك، أن خمسة أعضاء في الناتو يدعمون بشكل مباشر المهمة النووية للولايات المتحدة من خلال إنشاء قاعدة لطائرات ذات قدرة مزدوجة، والتي يمكن أن تشكل امتلاك أسلحة نووية أو تلقيها أو التهديد باستخدامها أو وضعها أو تركيبها أو نشرها.
ووفقا لبراد روبرتس، خبير السياسة النووية في مختبر لورانس ليفرمور الوطني، يبدو أن العضوية في الناتو ومعاهدة الحظر النووي متنافيتان، حيث قال “أيد رؤساء دول أو حكومات الناتو بالإجماع ثلاث مرات على الأقل خلال العقد الماضي استمرار دور الأسلحة النووية في موقف الردع والدفاع للحلف”.