لقب ويمبلدون طموح مشروع للتونسية أنس جابر

ترصد التونسية أنس جابر المصنفة ثانية عالميا مواصلة مشوارها الرائع في بطولة ويمبلدون الإنجليزية، ثالثة البطولات الأربع الكبرى في كرة المضرب، وبلوغ المباراة النهائية للمرة الأولى في مسيرتها الاحترافية في سعيها إلى اللقب الغالي عندما تلاقي الألمانية تاتيانا ماريا العائدة من الإنجاب للمرة الثانية.
لندن - باتت التونسية أُنس جابر أول العرب الواصلين إلى دور الأربعة في بطولة غراند سلام بفوزها على التشيكية ماري بوزكوفا كما باتت أول أفريقية تبلغ نصف النهائي بعد الجنوب أفريقية أماندا كوتزر في العام 1997.
وفي المجمل، فإن جابر هي رابع لاعبة أفريقية تصل إلى الدور نصف النهائي لبطولة كبرى بعد اللاعبات الجنوب أفريقيات أنيت دو بلوي (رولان غاروس 1968)، إيفون فيرماك (ويمبلدون 1983)، وكوتزر (أستراليا المفتوحة 1996 و1997، ورولان غاروس 1997). وقالت اللاعبة البالغة 27 عاما “أنا سعيدة للغاية، خصوصا لأنه حدث على هذا الملعب الذي أحبه”.
وأضافت عن منافستها “كنت أعلم أنها ستجعلني أعمل من أجل كل نقطة، ويسعدني أنني استيقظت في المجموعة الثانية ومن ثم لعبت بشكل جيد للغاية في الثالثة”. وستواجه جابر التي كانت أول لاعبة عربية تبلغ ربع نهائي بطولة كبرى في أستراليا المفتوحة عام 2020، صديقتها ماريا، للتنافس على بطاقة النهائي.
وقالت عن منافستها الألمانية “تاتيانا أحبها، إنها صديقة رائعة، شريكتي في حفلات الشواء!”. وحققت جابر هذا الموسم 35 فوزا، ووحدها المصنفة أولى عالميا البولندية إيغا شفيونتيك التي أقصيت من الدور الثالث، حققت عددا أكبر من الانتصارات (44).
إنجاز عربي وأفريقي
دخلت جابر، في سن السابعة والعشرين، تاريخ البطولات الأربع الكبرى وتحديدا ويمبلدون ببلوغها نصف النهائي في إنجاز للعرب في الغراند سلام، وهي تمني النفس ببلوغ المباراة النهائية وتتويج مسارها الرائع باللقب الكبير الغالي.
وقالت جابر في المؤتمر الصحافي عقب بلوغها نصف النهائي على حساب التشيكية ماري بوزكوفا “إنجازي للعرب وأفريقيا يعني الكثير بالنسبة إلي. كنت أمني النفس منذ البداية بالبقاء أطول فترة ممكنة في المنافسة، توقفت مسيرتي بعض المرات في ربع النهائي وأنا سعيدة بتخطي هذا الحاجز”.
وأشارت إلى أنها تبادلت بعض الرسائل مع نجم كرة المضرب المغربي السابق هشام أرازي قبل مواجهة بوزكوفا وأكد لها أن ربع نهائي البطولات الكبرى يشكل عقدة دائمة للعرب وطلب منها فكها، مؤكدة أنها ردت عليه “سأحاول يا صديقي لكن لا تضع هذه المسؤولية على عاتقي”.
◙ التونسية أنس جابر ترصد مواصلة مشوارها الرائع في بطولة ويمبلدون، وبلوغ المباراة النهائية للمرة الأولى في مسيرتها
وتابعت “كان (أرازي الذي خرج 4 مرات من ربع نهائي بطولات الغراند سلام) سعيدا بعد المباراة وشكرني على نجاحي أخيرا في فك هذه العقدة وبلوغ نصف النهائي، والآن بإمكاني الذهاب بعيدا والتتويج باللقب”. لكن طريق جابر إلى التتويج تمرّ أولا عبر صديقتها المخضرمة ماريا البالغة من العمر 34 عاما والتي تبلي بدورها البلاء الحسن في البطولة الإنجليزية وهي التي أنجبت مولودتها الثانية سيسيليا قبل 15 شهرا فقط.
وعلقت التونسية على مواجهة ماريا قائلة “حظيت ماريا بقرعة صعبة في البطولة خصوصا فوزها على (اللاتفية يلينا) أوستابنكو و(اليونانية) ماريا ساكاري حيث لعبت حقا بطريقة جيدة جدا، أعرف أن بإمكانها اللعب بطريقة جيدة جدا على الملاعب العشبية، لذلك يجب أن أكون على أتم الاستعداد لمواجهتها".
وأضافت جابر التي تتفوق على ماريا في ثلاث مواجهات جمعت بينهما حتى الآن “ستكون مباراتنا حافلة بالكرات القصيرة الساقطة سأتوقع ذلك لكنني سألعب مباراتي، أعرف أنه بإمكاني أن أكون قتالية أو أن ألعب كرات ساقطة قصيرة، بإمكاني تغيير إيقاع اللعب”. وتابعت "يجب أن أكون مستعدة لهذا النوع من الكرات خصوصا أنني شاهدت مباراتها ضد (الفرنسية) باري حيث لعبت كرات ساقطة قصيرة كثيرة. يجب أن أتحدث إلى مدربي وأرى ما سيقوله".
وأشارت جابر إلى علاقتها الجيدة مع عائلة ماريا، وقالت “تبادلت المزاح مع ابنتها شارلوت وقلت لها هل ستساندينني أم والدتك في محاولة مني لتحويل مساندة الطفلتين ناحيتي لكنها عائلة لطيفة جدا وأنا سعيدة جدا بأنها حققت ما تستحقه كونها عانت كثيرا وليس من السهل العودة إلى اللعب على أعلى مستوى بعد الإنجاب مرتين”. وأردفت قائلة “ستكون مباراة رائعة بيننا الكثير من الاحترام بطبيعة الحال لن نكون صديقتين لمدة ساعتين أو لا أعرف كم ستستغرق المباراة ثم نعود صديقتين بعد نهايتها”.
كتابة متواصلة للتاريخ
"العشر الأوليات هي فقط البداية”.. كانت تلك كلمات لاعبة كرة المضرب التونسية أُنس جابر حينما تسلّلت إلى المركز الثامن من التصنيف العالمي للاعبات المحترفات، قبل أن تكرّ السبحة وتحتل الوصافة كأول عربية وأفريقية في مسعاها إلى الصدارة، وتكتب التاريخ في ويمبلدون بكونها أول العرب الواصلين إلى نصف نهائي بطولة كبرى. لا يحيد تركيز التونسية البالغة 27 عاما عن مسارها الذي رسمته بانضباط وبارتباط وثيق ببلدها تونس الذي تفتخر بتمثيله.
لقيت التونسية إشادات عدة بإنجازاتها من قبل لاعبين كبار في كرة المضرب على غرار السويسري روجيه فيدرر والبريطاني أندي موراي والأميركية المصنّفة أولى عالميا سابقا بيلي جين كينغ. ورغم تألقها أمام لاعبات من الصنف الأول وبلوغها ترتيباً متقدماً وثقتها الكبيرة التي تلازمها، ظلت اللاعبة وفيّة إلى مكان نشأتها. ففي حوار سابق قبل انطلاق الألعاب الأولمبية في طوكيو الصيف الماضي، أكدت “دائما ما أقول لا شيء صعب، يجب العمل والتعويل على الذات والإيمان بالقدرات”.
ولفتت “أتحمل مسؤولية توقعات المتابعين لي، ليس فقط من تونس ولكن العرب وأفريقيا كذلك. هذا فخر لي بأن أشرّفهم”. وفي مبادرة منها قامت خلال شهر يوليو الفائت، ببيع مضربيها في المزاد العلني لشراء معدات طبية ومساعدة المستشفيات في بلادها التي شهدت موجة “تسونامي” من وباء كورونا.
يعرف عنها جرأة وصرامة في اللعب ولا تتردّد في أن تتوقف عن اللعب في المباراة لتطلب من أحد المشجعين التزام الصمت لتتمكن من التركيز. كانت بداية أنس في محافظة سوسة الساحلية شرق البلاد في ملاعب على ملك فنادق في المنطقة السياحية، ثم انتقلت إلى ملعب “نادي حمّام سوسة” في ذات المحافظة. حينها اكتشف مدربها نبيل مليكة موهبة فريدة بشخصية “تحاول أن تكون المتميزة” على بقية رفاقها من البنات والأولاد كذلك.