لقب السكوديتو يضع إنزاغي على لائحة المدربين العمالقة

توّج إنتر بلقب الدوري الإيطالي لكرة القدم للمرة الـ20 في تاريخه بفوزه على جاره اللدود مضيفه ميلان 2 – 1 في دربي ديلا مادونينا، في ختام منافسات المرحلة الثالثة والثلاثين. ورفع إنتر رصيده في المركز الأول إلى 86 نقطة وابتعد بفارق 17 نقطة عن وصيفه ميلان الذي لم يعد بإمكانه اللحاق به قبل 5 مراحل من النهاية.
ميلانو- حجز سيموني إنزاغي مكانا لنفسه بين المدربين الكبار بعدما قاد إنتر إلى استعادة لقب الدوري الايطالي لكرة القدم، محرزا أيضا أوّل ألقابه في الـ”سكوديتو” خلال مسيرته اليافعة وبطريقة مثيرة في ديربي ميلانو الاثنين.
يُعدّ الفوز بلقب الدوري الإيطالي الإنجاز الأكبر لإنزاغي في مسيرته، بما في ذلك اللقب الذي فاز به مع لاتسيو كلاعب قبل 24 عاما، ويأتي ذلك بعد ثلاثة أعوام من أوضاع رمادية داخل أسوار النادي في ظل المشاكل الاقتصادية التي أرهقت كاهله، لكنه نجح في الوصول بسفينته إلى شاطئ الأمان.
كان إنزاغي (48 عاما) يتمتع بمسيرة أقل لمعانا من شقيقه الأكبر فيليبو الذي كان من أهم الهدّافين في أيامه سواء مع ميلان أو يوفنتوس، إذ فاز بلقب دوري أبطال أوروبا مرّتين وكأس العالم للمنتخبات مرة. من جهته قضّى إنزاغي الشقيق الأصغر، وهو مهاجم أيضا، معظم مسيرته في نادي لاتسيو، حيث يحظى بشعبية كبيرة بين المشجعين على الرغم من سجله المتواضع من الأهداف ناهيك عن الفوز بلقب الدوري مرة يتيمة.
خطف الأضواء
لكن على صعيد التدريب لمع سيموني أكثر، لاسيما على رأس أحد أعرق الفرق في إيطاليا وأوروبا، بخلاف فيليبو الذي يعاني لحجز مكانة له بعد مسيرة مظفرة كلاعب. وبالفعل نال سيموني سريعا الثناء على عمله، والأبرز كان من أشهر المدربين في العالم الإسباني بيب غوارديولا، من خلال قيادة نيراتزوري إلى نهائي دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، قبل أن يخسر بصعوبة أمام مانشستر سيتي الإنجليزي الغنيّ.
وُصف إنزاغي بأنه متخصّص في مسابقات الكؤوس قبل هذا الموسم، حيث فاز بلقب كأس إيطاليا ثلاث مرات والكأس السوبر خمس مرات، وذلك منذ أن بدأ مسيرته التدريبية المحترفة في لاتسيو عام 2016. وتجاوز إنزاغي الجدل الواسع الذي تعلق بفترة الانتقالات الصيفية، ليقود فريقه إلى لقبه الـ20 في الدوري ويفضّ شراكته مع جاره اللدود ميلان صاحب الـ19 لقبا.
يُعد إنزاغي أيضا من بين خمسة مدربين فقط -إلى جانب الأرجنتيني – الفرنسي هيلينيو هيريرا الفائز بكأس أندية أوروبا (دوري الأبطال حاليا) مرتين وروبرتو مانشيني وجوفاني تراباتوني وأرباد فايس- تمكنوا من تحقيق 100 فوز أو أكثر على رأس إنتر. تولى إنزاغي تدريب لاتسيو قبل ثماني سنوات بعدما كان يشرف على فرق الناشئين، وترك تأثيرا سريعا، حيث أعاد نادي العاصمة إلى المنافسة الأوروبية وخسر نهائي كأس إيطاليا أمام يوفنتوس القويّ جدا آنذاك.
مع 23 هدفا في 30 مباراة، قام الأرجنتيني مارتينيز بتحسين رصيده في الدوري بعد أن أصبح قلب الهجوم الرئيسي لإنتر
ولطالما عُرف لاتسيو بأنه الطرف الأدنى مقارنة بجاره روما، فنيا وماليا، فضلا عن أنّ ناديي العاصمة هما الأقل إمكانيات مقارنة بالثلاثي العملاق يوفنتوس وأنتر وميلان، وهي الأندية التي تعد بدورها أقلّ قدرة من عمالقة أوروبا.
كان فوزه بكأس إيطاليا عام 2019، إضافة إلى لقب الكأس السوبر مرّتين، وكلاهما على حساب يوفنتوس، فضلا عن التأهل لدوري أبطال أوروبا عام 2020، بمثابة نجاحات حضّت النادي اللومباردي على التعاقد معه ليحلّ مكان المخضرم أنتونيو كونتي صاحب السمعة الجيدة. وصل إنزاغي إلى إنتر قبل ثلاث سنوات وكان النادي على مشارف الدخول في تخبّط فني كبير بعد رحيل كونتي وبيع البلجيكي روميلو لوكاكو والمغربي أشرف حكيمي اللذين أسهما في فوز إنتر باللقب آنذاك. أدّت هذه التغييرات إلى احتجاجات واسعة من الجماهير خارج مقرّ النادي.
ومع ذلك اعتاد إنزاغي على بذل المزيد من الجهد مع إمكانيات أقل في لاتسيو، وفي تناقض واضح مع كونتي قام بإبرام صفقات منخفضة لتعويض رحيل بعض النجوم، عوضا عن الشكوى من خسارة ركائز مهمة جدا يتمناها كل مدرب. إنه شيء اعتاد عليه إنزاغي، حيث جاء موسم إنتر المحلّي الرائع بعد فترة انتقالات عاصفة شهدت رحيل العديد من أبرز نجومه وسط مشاكل مالية داخل أروقة النادي. لم يكن إنتر قد حسم حتى هوية حارسه الأساسي قبل أسبوعين من انطلاق الدوري المحلي، بعد بيع الكاميروني أندريه أونانا إلى مانشستر يونايتد الإنجليزي مقابل 57 مليون يورو.
في المقابل تعاقد النادي مع السويسري يان سومر، حارس بايرن ميونخ الاحتياطي، مقابل أجر زهيد نسبيا، بينما لم ينضم الفرنسي بنجامان بافار إلا في اليوم الأخير من فترة الانتقالات، لكنه أظهر لاحقا أهمية هذه الصفقة بعدما شقّ طريقه في دفاع إنتر المكون من ثلاثة لاعبين. وبالتزامن مع ذلك قام مواطنه الآخر ماركوس تورام بتشكيل شراكة مدمرة مع الأرجنتيني لاوتارو مارتينيز، ما أنسى الجماهير فقدان المهاجمَين البوسني إدين دجيكو ولوكاكو. لقد كانت قدرة إنزاغي على التكيف والحصول على أفضل النتائج من مجموعة غير ثابتة من اللاعبين هي السمة المميزة لعهده في ميلانو، حيث نجح في تشكيل فريق استثنائي لا شك أنّه سيكون الفريق الذي يسعى الجميع لهزْمه مع حلول شهر أغسطس المقبل.
أبطال التتويج
لطالما كان المهاجم الأرجنتيني لاوتارو مارتينيز لاعبا رئيسيا في صفوف إنتر، لكن منذ أن أصبح قائدا للفريق في بداية الموسم أظهر نفسه كقائد بالقدوة. مع 23 هدفا في 30 مباراة، قام مارتينيز مرّة أخرى بتحسين رصيده في دوري الدرجة الأولى بعد أن أصبح قلب الهجوم الرئيسي لإنتر، خصوصا بعد رحيل البلجيكي روميلو لوكاكو والبوسني إدين دجيكو. كما لعب المهاجم البالغ من العمر 26 عاما دورا حاسما في تأقلم الفرنسي ماركوس تورام بشكل جيّد في موسمه الأول، حيث تحمّل ثقل قيادة هجوم نيراتزوري.
وأدّت المشاكل المالية الأخيرة التي عانى منها إنتر إلى اضطرار النادي إلى البحث عن صفقات، وكان ماركوس تورام بمثابة صفقة جيّدة كونه انتقل إلى صفوفه مجانا. عاد المهاجم الدولي الفرنسي، ابن ليليان المتوج بلقب كأس العالم عام 1998 مع منتخب “الزرق”، إلى بلد ميلاده قادما من بوروسيا مونشنغلادباخ الألماني الصيف الماضي بمهمة لا يحسد عليها، وهي سد الفجوة التي تركها رحيل دجيكو ولوكاكو.
كذلك أعلن قائد المنتخب التركي هاكان تشالهان أوغلو نفسه أفضل لاعب وسط (صانع ألعاب) في العالم في فبراير الماضي، بعد يومين من فوز إنتر على أتلتيكو مدريد الإسباني في ذهاب ثمن نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا. تألق تشالهان أوغلو في الدور العميق الذي اختاره له المدرب سيموني إنزاغي بعد رحيل الكرواتي مارسيلو بروزوفيتش إلى الدوري السعودي، حيث مزج بين صناعة اللعب وهزّ الشباك بتسجيله 11 هدفا مع ثلاث تمريرات حاسمة. صفقة أخرى وُفِّق إنتر في الحصول عليها بمقابل مادي مناسب لتعويض رحيل نجم آخر في صفوفه ويتعلّق الأمر بحارس المرمى السويسري يان سومر الذي ذكرت وسائل الإعلام الإيطالية أن النادي دفع ستة ملايين يورو لضمّه إلى صفوفه خلفا للدولي الكاميروني أندريه أونانا المنتقل إلى مانشستر يونايتد الإنجليزي.