لقاح "سبوتنيك – في" غير فعال في تخفيف ارتياب الروس

فقدان لقاح سبوتنيك – في لمصداقيته يُفشل حملة التلقيح ضد المتحوّر دلتا.
الخميس 2021/11/04
أكثر من نصف الشعب الروسي يعارضون لقاح "سبوتنيك – في"

في الوقت الذي تسجل فيه أغلب بلدان العالم تراجعا لفايروس كورونا، لا تزال أرقام ضحايا الجائحة في روسيا في ارتفاع رغم أنها من البلدان الأولى التي طورت لقاحات. ولم يقبل الروس على تلقي لقاح "سبوتنيك – في" الذي طورته مخابر معهد أبحاث "غامالي" وتم إنتاجه بالاشتراك مع الصندوق الروسي للاستثمارات، ما أدى إلى انتشار الإصابات في صفوفهم وكثرة الوفيات جراء تفشي المتحوّر "دلتا" بشكل كبير.

موسكو- يرفض الملايين من الروس تلقي لقاح “سبوتنيك – في” الذي طورته بلادهم ما أدى إلى إفشال حملة التلقيح التي يقوم بها الكرملين في أوج انتشار قوي لكوفيد – 19 الذي حصد المزيد من الوفيات.

ويطرح هذا الوضع مشكلة تتجاوز الحدود الروسية، حيث يؤكد الخبراء أن مكافحة الوباء الذي تسبب في حوالي خمسة ملايين وفاة في العالم يجب أن تكون شاملة لكي تكون فعالة.

وقالت تامارا أليكسيفا المتقاعدة البالغة من العمر 67 عاما إنها لن تتلقى “أبدا سبوتنيك – في” الذي “يسمى لقاحا”، فيما فياتشيسلاف “ليس لديه أي ثقة” في السلطات الروسية ويفضل الانتظار، أما ألكسندر فقد اشترى شهادة صحية مزيفة في دلالة واضحة على ارتياب الروس إزاء اللقاح.

وبسبب الخوف أو عدم الثقة أو سياسة الترقب، يرفض الملايين من الروس تلقي لقاح “سبوتنيك – في” الذي طورته بلادهم ما أدى إلى إفشال حملة التلقيح التي يقوم بها الكرملين في ظل انتشار قوي لفايروس كورونا وتسجيل المزيد من الوفيات.

لقاح "سبوتنيك – في" يعرف بأنه "لقاح ذو ناقلين" ويتم استخدامه على 3 مراحل
لقاح "سبوتنيك – في" يعرف بأنه "لقاح ذو ناقلين" ويتم استخدامه على 3 مراحل 

وتم تطعيم ثلث الروس تقريبا البالغ عددهم 146 مليونا، ما يسهل انتشار المتحورة دلتا في بلد يسجل أرقاماً قياسية في عدد الوفيات اليومية تتجاوز الألف.

ولقاح “سبوتنيك – في” الذي أعلن عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السنة الماضية قبل ظهور اللقاحات الغربية كان يفترض أن يثبت تفوق العلماء الروس وأن يتيح لموسكو طي صفحة كوفيد – 19 سريعا.

لكن لم يتم أخذ ارتياب الروس الشديد في الحسبان. وتساءل فياتشيسلاف في المسبح الذي لا يزال يرتاده رغم الأزمة الصحية “السلطات تكذب علينا في الكثير من المواضيع، فكيف يمكن تصديقها بشأن التلقيح؟”. وأضاف رجل الأعمال البالغ من العمر 52 عاما “ليس لدي أي ثقة”.

ورغم أنها عانت من فايروس كورونا على مدى أيام، ترفض سفيتلانا جيتلوكينا أيضا تلقي اللقاح. وقالت هذه المحللة المالية البالغة من العمر 54 عاما “إنه لقاح تجريبي، وأنا لست قردة”، معتبرة أنه ليس هناك “معطيات كافية” بشأنه.

وإذا كانت روسيا تضم مثل هذا العدد من معارضي اللقاح، فإن “الارتياب العميق بالمؤسسات” يفسر هذا الرفض أكثر مما هو الخوف من اللقاح نفسه، كما قالت عالمة الأنثروبولوجيا الروسية ألكسندرا أركييبوفا.

وأضافت أن “البعض يعتقدون أنه لا يمكنهم توقع أي شيء جيد من الحكومة (…) وأن مختبراتهم غير قادرة على إنتاج الأسبرين أو حتى لقاح جيد”.

وقالت أليكسيفا إنها منزعجة من خطاب الكرملين حول تفوق “سبوتنيك – في” على الأمصال الغربية.

وأضافت وهي تسير نحو محطة مترو “يريدون منا أن نصدق أن لدينا أفضل العلماء في العالم كما كان عليه الحال زمن الاتحاد السوفييتي”، مضيفة “لن أقبل هذا اللقاح المزعوم”.

وتتأثر مصداقية “سبوتنيك – في” الذي استخدمته أيضا عدة دول وتم التحقق من فعاليته من قبل مجلة “ذي لانسيت” الطبية المرموقة بعدم الموافقة عليه من قبل منظمة الصحة العالمية ووكالة الأدوية الأوروبية.

ونتيجة لرفض هذا اللقاح يزدهر بيع شهادات التطعيم التي يطلبها بعض أرباب العمل. وبدلا من التطعيم المجاني فضل ألكسندر وهو رجل أعمال مستقل يبلغ من العمر 45 عاما دفع 5500 روبل (70 يورو) لشراء شهادة صحية، وهو “يعرف الكثير من الأشخاص” الذين فعلوا الشيء نفسه.

وأمام فشل حملته دعا الكرملين الذي كان يريد تلقيح 60 في المئة من الروس في سبتمبر الماضي إلى إظهار “حس المواطنة”، وقال بوتين “رجاء، كونوا مسؤولين”. وللتغلب على هذا التردد تتناوب السلطات بين تقديم حوافز مثل اليانصيب للفوز بسيارات، والتشدد مع فرض قيود.

وهكذا قررت سلطات موسكو المدينة الأكثر تضررا من الوباء إغلاق الخدمات غير الأساسية من الثامن والعشرين من أكتوبر حتى السابع من نوفمبر الجاري، وأعلن بوتين في موازاة ذلك أسبوع عطلة للحد من التنقلات.

وبحسب عالم الاجتماع ستيبان غونتشاروف من مركز ليفادا المستقل تبدو المهمة صعبة، حيث أن استطلاعات الرأي تظهر أن نسبة معارضي اللقاح تتراوح “بين 50 و55 في المئة من السكان” وقد بقيت على هذا المستوى منذ أشهر.

وقال غونتشاروف إنه على الكرملين “استعادة ثقة الشعب” من خلال وضع “سياسة أكثر تماسكا” بعد أشهر من التناوب بين القيود وتخفيف الإجراءات. لكن أفضل سفراء للقاح يبقون هؤلاء الذين غيروا رأيهم بعدما أدخلوا إلى المستشفيات لإصابتهم بشكل حاد بكوفيد – 19.

الملايين من الروس يرفضون تلقي لقاح "سبوتنيك – في" الذي طورته بلادهم ما أدى إلى إفشال حملة التلقيح
الملايين من الروس يرفضون تلقي لقاح "سبوتنيك – في" الذي طورته بلادهم ما أدى إلى إفشال حملة التلقيح

وقال يفغيني ريابكوف الطبيب في معهد موسكو سكليفوسوفسكي “أولئك الذين نجوا من المرض يصبحون حلفاء لنا”، مضيفا “حين يغادرون المستشفى يطلبون من أقربائهم تلقي اللقاح”. ويعرف لقاح “سبوتنيك – في” الروسي بأنه “لقاح ذو ناقلين”، ويتم استخدامه على 3 مراحل أولاها إيجاد فايروس غير قادر على التكاثر واستخدامه لنقل المادة الجينية لفايروس كورونا إلى الخلية البشرية.

ويتم نزع جين التكاثر من الفايروس الناقل الذي يتم استخدامه في نقل جينات فايروس كورونا إلى الخلايا البشرية لتحفيزها على إنتاج الأجسام المضادة، في عملية التلقيج الأولى التي تمثل المرحلة الثانية. وتعد عملية التقليح الثانية هي المرحلة الثالثة في عملية استخدام لقاح “سبوتنيك – في” المضاد لفايروس كورونا المستجد.

وتم تطوير اللقاح إثر ظهور الجائحة بواسطة معهد أبحاث “غامالي”، بينما تم إنتاجه بالتعاون مع الصندوق الروسي للاستثمارات. وفي أبريل الماضي كشفت نتائج تحليل بيانات 3.8 مليون مواطن روسي حصلوا على لقاح “سبوتنيك – في” أن فاعليته بلغت 97.6 في المئة.

وكان وزير الصحة الروسي ميخائيل موراشكو قد أعلن أن بلاده اقتربت من التوصل إلى اتفاق نهائي مع منظمة الصحة العالمية لتسجيل لقاح “سبوتنيك – في” الروسي.

وقال خلال اجتماع لمنتدى متخصص في ملف الصناعة الطبية الحيوية إنه “تم استكمال حزمة المستندات المطلوبة لتسجيل اللقاح لدى المنظمة الدولية”، مؤكداً “تذليل جميع العقبات”. وأوضح الوزير أنه “كان عليهم إعداد ونقل مجموعة من المستندات وفقاً لقواعد معينة، وقد تم الآن استكمالها وتجاوز جميع العقبات (…) لم تكن لدى منظمة الصحة العالمية متطلبات خاصة بشأن اللقاح الروسي، وإنما كانت هناك استفسارات حول بعض الوثائق”.

ووفقاً للوزير الروسي فإن منظمة الصحة العالمية “ليس لديها مخاوف بشأن اللقاح، ولم تقدم أي شكاوى حول المنتج، كانت هناك أسئلة حول الملف، ويتم تشكيل حزمة من الوثائق لكل منتج يخضع لتقييم الخبراء، وبناءً عليه يضعون الاستنتاجات”.

يُذكر أن موسكو خاضت مفاوضات طويلة لتسجيل لقاح “سبوتنيك – في” الذي تم تسجيله رسمياً في أكثر من 70 دولة، لكنه ما يزال يخضع منذ شهور لمراجعة من قبل منظمة الصحة العالمية ووكالة الأدوية الأوروبية. وكان وزير الصحة الروسي أجرى جولة مفاوضات حول هذا الموضوع مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في جنيف.

مصداقية "سبوتنيك – في" الذي استخدمته عدة دول تتأثر بعدم الموافقة عليه من قبل منظمة الصحة العالمية

وبالتوازي مع ذلك أعلنت وزارة الصحة أن روسيا والاتحاد الأوروبي عقدا اجتماعاً جديداً بشأن مسألة الاعتراف المتبادل بشهادات التطعيم ضد فايروس كورونا. وجاء في بيان الوزارة أن “عملية التفاوض مستمرة بشأن مسألة الاعتراف المتبادل بشهادات التطعيم بين روسيا والاتحاد الأوروبي.

وتم عقد اجتماع عمل دوري عن طريق الفيديو بين ممثلي وزارة الصحة الروسية والاتحاد الأوروبي”.

وأضاف البيان أن روسيا والاتحاد الأوروبي سيعقدان سلسلة من المشاورات على مستوى الخبراء للاتفاق على المعايير الرئيسية للاعتراف المتبادل بشهادات التطعيم ضد فايروس كورونا.

وجاء في البيان “خلال الاجتماع حدّد الطرفان الخطوات المشتركة التالية: ستعقد سلسلة من مشاورات الخبراء للاتفاق على المعايير القانونية والفنية الرئيسية للاعتراف المتبادل بشهادات التطعيم”.

17