لقاح أوكسفورد "صياد" ماهر في اقتناص خلايا كورونا

الهيئة التنظيمة للأدوية في بريطانيا تستعد للموافقة على اللقاح الجديد خلال الأسبوع الجاري.
الثلاثاء 2020/12/29
ضوء في آخر النفق

مصادر مطلعة في الحكومة البريطانية ترجح إمكانية الموافقة على لقاح جامعة أوكسفورد وأسترازينيكا في غضون أيام، والذي يعوّل عليه العلماء كثيرا في كسب المعركة ضد فايروس كورونا، الذي أودى بحياة أكثر من 1.5 مليون شخص في العالم، وألحق ضررا شديدا بالاقتصاد، وأوقف مظاهر الحياة الطبيعية في جميع أنحاء العالم.

لندن – تستعد المملكة المتحدة للموافقة على اللقاح، الذي أنتجته جامعة أكسفورد وشركة استرازينيكا، ولمنح البلاد أداة قوية أخرى لمحاربة جائحة كورونا مع تصاعد القلق من تزايد الإصابات.

ويمكن للهيئة التنظيمة للأدوية في بريطانيا الموافقة على استخدام اللقاح خلال الأسبوع الجاري، وفقا لما ذكره مصدر مطلع على المداولات السرية بشأن الموافقة على اللقاح، حسبما أفادت وكالة بلومبرج للأنباء.

وكان الرئيس التنفيذي لشركة استرازينيكا باسكال سوريوت ومسؤولو الصحة في بريطانيا قد قالوا في وقت سابق إنهم يأملون في الموافقة على اللقاح بحلول نهاية العام.

وقالت وزارة الصحة البريطانية الأحد، إنه يجب إعطاء وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية وقتا لإجراء مراجعة لبيانات لقاح أوكسفورد-أسترازينيكا لفايروس كورونا.

وقالت متحدثة باسم الوزارة “يجب أن نمنح وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية الوقت الآن للقيام بعملها المهم ويجب أن ننتظر توصياتها”.

وكانت المتحدثة ترد على تقرير لصحيفة صنداي تليغراف، الذي أفاد بأن بريطانيا ستطرح اللقاح اعتبارا من الرابع من يناير وفق خطط يضعها الوزراء.

وقالت الصحيفة إن الحكومة تأمل في إعطاء الجرعة الأولى من لقاح أكسفورد، الذي حصلت شركة أسترازينيكا للأدوية على ترخيص إنتاجه أو لقاح شركة فايزر لمليوني شخص خلال الأسبوعين المقبلين.

وأضافت الصحيفة أنه من المتوقع أن توافق الجهات التنظيمية الطبية على لقاح أكسفورد في غضون أيام.

عامل تغيير اللعبة

لقاح أكسفورد:

  • ينتج استجابة مناعية قوية لدى كبار السن
  • أقلّ كلفة وأسهل في التخزين والنقل
  • يخزّن في درجات حرارة عادية

ووصف البروفيسور كالوم سمبل لقاح أكسفورد بأنه “عامل تغيير اللعبة” إذا تمت الموافقة عليه من قبل وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية في الأيام القادمة.

وقال سمبل، خبير أمراض الجهاز التنفسي وعضو المجموعة الاستشارية لحالات الطوارئ في بريطانيا “يمكن تخزين اللقاح في درجة حرارة أكثر ملاءمة، وبالتالي يمكن نقله إلى جميع أنحاء البلاد بسهولة أكبر”.

وأضاف سمبل في حديثه لهيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي، “هذا اللقاح مهم جدا لأنه لا يولد الأجسام المضادة، التي تحميك من الإصابة بالعدوى فحسب، بل يولد أيضا هذه  الخلايا التائية وكأنها (الصياد) الذي يقتنص خلايا الفايروس السيئة”.

وإذا تمّت الموافقة على اللقاح، سيتمّ تسليم 4 ملايين جرعة إلى المملكة المتّحدة قبل نهاية العام، تليها 40 مليون جرعة أخرى قبل نهاية مارس 2021.

وباعت المجموعة الصيدلانية مئات الملايين من الجرعات مسبقا في عدة قارات ووقعت شراكات مع منتجين آخرين لإنتاج الجرعات محليا، إذ يصل الطلب المتوقع على اللقاح إلى المليارات من الجرعات.

ويتمتّع لقاح أسترازينيكا بميزة استخدام تقنيّة تقليديّة تجعله أقلّ كلفة وأسهل في التخزين والنقل. ويحتاج لقاحا فايزر وموديرنا إلى تخزينهما في دراجات حرارة منخفضة للغاية.

كما أظهرت بيانات من التجارب المبكرة، أن لقاح فايروس كورونا المستجد الذي طورته جامعة أكسفورد البريطانية، ينتج استجابة مناعية قوية لدى كبار السن، وهم من بين الفئات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بمضاعفات الوباء.
وتشير نتائج المرحلتين الأولى والثانية من التجارب، إلى أن كبار السن قد يكونون قادرين على بناء مناعة قوية، وفقا للبيانات المنشورة في مجلة “لانسيت” الطبية.

ويرى الخبراء أن الموافقة على لقاح أوكسفورد-أسترازينيكا تعد أمرا حيويا في المعركة ضد فايروس كورونا، الذي أودى بحياة أكثر من 1.5 مليون شخص في العالم، وألحق ضررا شديدا بالاقتصاد، وأوقف مظاهر الحياة الطبيعية في جميع أنحاء العالم.

ويعتقد غالبية العلماء بضرورة امتلاك 70 في المئة على الأقل من السكان أجساما مضادة لمنع تفشي المرض. لكن بعض الخبراء أشاروا إلى أنه حتى وإن امتلك نصف سكان الأرض أجساما مضادة، فقد يكون ثمة تأثير وقائي.
وأطلقت أوروبا الأحد حملة ضخمة للتطعيم ضد فايروس كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد – 19 في محاولة للسيطرة على الجائحة، لكن العديد من الأوروبيين يشككون في سرعة اختبار اللقاحات والموافقة عليها ويحجمون عن تلقي الجرعة.

وأبرم الاتحاد الأوروبي عقودا مع مجموعة من شركات الأدوية، منها فايزر وبيونتيك ومودرنا وأسترازينيكا، للحصول على ما يتجاوز ملياري جرعة في المجمل. ويهدف الاتحاد إلى تطعيم كل البالغين خلال العام المقبل.

التردد في أخذ اللقاح

كالوم سمبل: لقاح أوكسفورديحمي من العدوى ويقتنص خلايا الفايروس
كالوم سمبل: لقاح أوكسفورديحمي من العدوى ويقتنص خلايا الفايروس

لكن استطلاعات أشارت إلى مستويات كبيرة من التردد تجاه التطعيم في عدة بلدان، من فرنسا وحتى بولندا، حيث اعتاد الكثيرون أن يستغرق تطوير اللقاحات عقودا وليس شهورا فقط.

وأظهرت الاستطلاعات في بولندا، حيث يتعمق انعدام الثقة في المؤسسات العامة، أن أقل من 40 في المئة من الناس يعتزمون تلقي التطعيم في الوقت الحالي. وفي أحد مستشفيات وارسو، حيث بدأ التطعيم اليوم، لم يطلب اللقاح سوى نصف الطاقم الطبي.

وفي إسبانيا، وهي واحدة من أشد البلدان الأوروبية تضررا بالوباء، قال جيرمان الذي يعمل مغنيا وملحنا موسيقيا (28 عاما)، إنه لن يذهب لتلقي اللقاح في الوقت الحالي.

وفي بلغاريا، شبّه أسقف مسيحي أرثوذكسي كوفيد – 19 بمرض شلل الأطفال. وأظهرت استطلاعات للرأي هناك أن 45 في المئة من الناس قالوا إنهم لن يحصلوا على جرعة اللقاح في حين قال 40 في المئة إنهم يعتزمون الانتظار لمعرفة ما إذا كانت ستظهر أي آثار جانبية سلبية.

وقال الأسقف تيهون للصحافيين بعد حصوله على التطعيم في صوفيا، “بالنسبة لي، أتلقى كل لقاح مضاد لأي مرض”.

لكن لا يبدو أن التردد واسع النطاق يأخذ بعين الاعتبار التطورات العلمية على مدى العقود الماضية.

ووفقا لدراسة أجريت عام 2013، تستغرق الطريقة التقليدية لإنتاج لقاح ما يزيد على عقد في المتوسط. واستغرق إنتاج أحد لقاحات الإنفلونزا الوبائية أكثر من ثماني سنوات بينما استغرق لقاح التهاب الكبد (بي) حوالي 18 عاما في طور الإعداد.

واستغرق تطوير لقاح شركة مودرنا 63 يوما بدءا من التسلسل الجيني حتى وصوله إلى أول جرعة للبشر.

وقال جيريمي فارار مدير وحدة الأبحاث السريرية بجامعة أكسفورد التي تدعمها مؤسسة ويلكام تراست الخيرية “سوف ننظر إلى التقدم الذي جرى إحرازه في عام 2020 ونقول “كانت تلك حقا مرحلة حقق فيها العلم قفزة كبيرة إلى الأمام”.

وارتبط لقاح فايزر-بيونتيك بعدد قليل من حالات الحساسية الشديدة بعد طرحه في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، لكن لم تظهر التجارب السريرية أي آثار جانبية خطيرة طويلة المدى.

في السويد يرغب أكثر من اثنين من كل ثلاثة أفراد في تلقي التطعيم. ومع ذلك، يرفض البعض اللقاح.

وقالت ليزا رينبيرج (32 عاما) “إن أعطاني أحدهم عشرة ملايين يورو، فلن أتلقى اللقاح”.

 

17