لقاء اليابان الاختبار الحقيقي للسعودية في طريق المونديال

وصلت بعثة المنتخب السعودي، إلى مدينة ناريتا اليابانية، استعدادا لمواجهة الساموراي في الجولة الثامنة من تصفيات كأس العالم 2026. ويتقابل المنتخبان على ملعب سايتاما يوم الثلاثاء، بعدما كان الأخضر قد فاز مؤخرا على الصين بهدف نظيف، بينما تغلب الساموراي على البحرين في الجولة الماضية.
الرياض - يعتبر الفوز ليس مقياسا للأداء الجيد في بعض الأحيان، لأنه يعتمد على عدة عوامل أخرى، منها قوة الخصم، وظروف المباراة نفسها، وهو ما يقلق الجماهير السعودية قبل صدام اليابان المرتقب، الثلاثاء المقبل، بالجولة الثامنة من تصفيات كأس العالم 2026.
وقبل صدام اليابان، تمكن “الأخضر” من تحقيق الفوز على أرضه ووسط جماهيره أمام الصين، بهدف دون رد، في ملعب “الأول بارك.” وتمكن رجال المدرب الفرنسي هيرفي رينارد من الوصول للنقطة الـ9 في المركز الثالث بالمجموعة الثالثة، بفارق نقطة واحدة عن أستراليا الوصيفة، و10 نقاط عن اليابان المتصدرة، قبل 3 جولات من النهاية.
صحيح أن السعودية، ظهرت بصورة جيدة أمام الصين، وهو ما جعل البعض يرى بأن المستوى تطور، بعد فترة من الرعونة بكافة المستويات الدفاعية والهجومية.
المباراة شهدت سيطرة كاملة من السعودية سواء على الاستحواذ الذي وصل 80 في المئة أو على مستوى الفرص، بالتسديد 19 مرة، منها 7 مناسبات بين القائمين والعارضة.
وتمكن رينارد من معالجة العقم الهجومي، بعمل واضح من المثلث الهجومي المتمثل في سالم الدوسري وأيمن يحيى وفراس البريكان، بصناعة العديد من الفرص المحققة. كذلك، ظهر وسط الملعب بحالة جيدة، في ما يتعلق بترابط الخطوط بسبب توهج الثلاثي ناصر الدوسري ومصعب الجوير وفيصل الغامدي، وإرسال التمريرات الطولية والبينية بصورة صحيحة. لكن بشكل عام، لا يمكن القول إن المستوى تطور بدرجة كبيرة، لأن المنتخب الصيني ليس مقياسا حقيقيا، بالنظر لظهوره الكارثي في المباراة بكافة النواحي، واعتماده على أسلوب دفاعي بحت، لم يؤت بثماره، بل كان عرضة لاستقبال أكثر من هدف.
غير ذلك، فإن المنتخب الضيف لعب الشوط الثاني بأكمله بـ10 لاعبين، بسبب حالة الطرد التي تعرض لها قبل نهاية النصف الأول، وهو ما أعطى للسعودية حرية أكبر، والتقدم بأكبر عدد ممكن من اللاعبين. صحيح أن المنتخب الصيني لم يشكل خطرا كبيرا، إلا أنه تحصل على 3 ركنيات وبعض الكرات الثابتة، التي كان من الممكن أن يستثمرها بصورة جيدة، ولكن سوء اللمسة الأخيرة، أبعد الخطورة عن مرمى أصحاب الأرض. وبالنظر لموقف الأخضر منذ بداية التصفيات النهائية، نجد أنه لم يحقق سوى انتصارين فقط وكانا أمام الصين، بواقع (2-1) بالجولة الثانية ثم (1-0).
وتعادل 3 مرات بواقع (1-1) مع إندونيسيا و(0-0) ضد البحرين وأستراليا، بالإضافة لهزيمتين ضد اليابان (0-2) ونفس النتيجة بالمواجهة الثانية ضد إندونيسيا.
وتبرهن هذه النتائج، على أن اختبار الصين ليس مقياسا للمستوى، فهو صاحب ثاني أضعف دفاع في التصفيات، باستقبال 17 هدفا.
علامات استفهام
رينارد سيحتاج للعمل على بعض الجوانب الدفاعية والهجومية على مدار 4 أيام، قبل معركة اليابان، حيث ظهرت عدة علامات استفهام
سيحتاج رينارد للعمل على بعض الجوانب الدفاعية والهجومية على مدار 4 أيام، قبل معركة اليابان، حيث ظهرت عدة علامات استفهام، رغم الانتصار أمام الصين.
الفوز على الصين، أخفى بعض علامات الاستفهام التي جاء على رأسها استمرار ظاهرة إهدار الفرص. المنتخب السعودي كان من الممكن أن يحسم مباراة الصين بخمسة أهداف على الأقل، ولكن الرعونة أمام المرمى، كانت من ضمن الأسباب في الفوز، بهدف واحد فقط.
سالم الدوسري وأيمن يحيى على وجه التحديد، حصلا على أكثر من فرصة محققة، ولكنهما لم يستغلا الموقف بشكل جيد، ولكن الانتصار غطى على كافة السلبيات.
وظاهرة إهدار الفرص، لم تكن وليدة الصدفة، فقد عانى المنتخب السعودي طوال الفترة الماضية من هذا الأمر، وهو أمر تجب معالجته، لأن “الأخضر” سيحتاج لاستغلال أنصاف الفرص أمام منتخب بحجم اليابان الذي يتمتع بتنظيم وقدرات كبيرة.
وبعيدا عن الإهدار، فإن السعودية تعاني بشكل واضح على مستوى مركز رأس الحربة حتى وإن تغيرت الأسماء، فقد واصل فراس البريكان السير على نهج زملائه، بعدم الظهور بشكل جيد، قبل أن يتسلم عبدالله آل سالم المهمة منه.
البريكان استسلم للرقابة الدفاعية أمام الصين، وهو ما يضع علامات الاستفهام قبل مواجهة اليابان التي تمتلك قدرات دفاعية، تحتاج للعمل المستمر من أجل هز الشباك.
وبالنسبة للنواحي الدفاعية، فالأخضر لم يتعرض لاختبارات قوية أمام الصين، ولكن تبقى الكرات العرضية أزمة واضحة، ظهرت في الركلات الثابتة، رغم ضعف الخصم، وهي أزمة ليست جديدة منذ ولاية الإيطالي روبرتو مانشيني الماضية.
اختبار حقيقي

سيكون اللعب أمام اليابان، بمثابة الاختبار الحقيقي لرينارد بعد عودته لتدريب المنتخب السعودي، وقياس حجم التطور الذي أحدثه على المجموعة.
رينارد تعرض لانتقادات قوية منذ التعثر أمام إندونيسيا، بهدفين دون رد في نوفمبر الماضي، واستمرت معه، بعد الظهور الباهت في كأس الخليج الأخيرة التي أقيمت في الكويت. وبالتالي، فإن الجماهير السعودية لن تقبل سوى بالانتصار من أجل الحفاظ على حظوظ البطاقة الثانية للتأهل مباشرة إلى مونديال 2026. لكن أحلام الجماهير السعودية، ستصطدم بالمنتخب الياباني الذي يمتلك مجموعة مميزة في كافة المراكز، فهو الأقوى هجوما بتسجيل 24 هدفا، فضلا عن الحصول على بطاقة التأهل الأولى للمونديال.
ورغم أن المباراة لن تؤثر على موقفه بعد التأهل، إلا أن مباريات السعودية واليابان دائما ما تشهد ندية وشراسة كبيرة، بالإضافة لرغبة الخصم في إنهاء التصفيات دون أي هزيمة.
وستكون المباراة بمثابة مفترق طرق في موقف المنتخب السعودي، لأن الفوز سيعني التقدم خطوة كبيرة في المنافسة والابتعاد عن منافسيه، وإذا سقط سيدخل في حسابات صعبة، بالإضافة للانتقادات الإعلامية والجماهيرية.
الفوز على اليابان، ليس مستحيلا، ولكنه سيحتاج للموازنة بين العملية الهجومية والدفاعية، فالخصم يجيد الاختراق من الأطراف والعمق، بالإضافة لقدرته على لعب الكرات الهوائية ببراعة شديدة.
المنتخب الياباني، يعتمد دائما على فرض أسلوبه بضغط عال والتسجيل في الشوط الأول، وهو ما حدث في مواجهة السعودية الأخيرة، بإحراز هدف التقدم بعد 14 دقيقة فقط.
وبالنظر لهذه القدرات الهائلة، تزامنا مع اللعب خارج الديار، فيجب على الأخضر مجاراة الأمور في الدقائق الأولى، حتى يحصل على الثقة ومن ثم يُثبت أقدامه، ويفرض أسلوبه، حتى لا تهتز شباكه مبكرا.