لعبة الأرقام تكشف لعنة العنصرية في الملاعب الألمانية

تحولت ملاعب كرة القدم الألمانية إلى مسرح يتفجر بالإساءات العنصرية العلنية والفجة تجاه كل من اللاعبين الأجانب الذين ينشطون في سباق البوندسليغا، كما هو الحال في بعض الدول الأوروبية الكبيرة. وكان الاتحاد الألماني لكرة القدم قد أعلن في وقت سابق عن 35 حالة تمييز في موسم 2016-2017.
فرانكفورت (ألمانيا) - كشفت الأرقام الصادرة عن مكتب تسجيل حالات التمييز في كرة القدم في ولاية شمال الراين – فيستفاليا أن العنصرية لا تزال تمثل مشكلة في كرة القدم الألمانية. وسجل المكتب 211 حالة تمييز عنصري في الولاية، منها 95 حالة في كرة القدم للمحترفين، وذلك منذ يوليو 2022.
ويزيد هذا العدد عن الأرقام المعلنة من الاتحاد الألماني لكرة القدم الذي سجل ثلاث حالات تمييز عنصري في الموسم الماضي على مستوى منافسات المحترفين. وكان الاتحاد الألماني قد أعلن عن 35 حالة تمييز في موسم 2016 – 2017، وقال مايكل مورش المتحدث باسم الاتحاد إن “كل حالة هي واحدة من الكثير”.
ويختلف مكتب ولاية شمال الراين – فيستفاليا عن الاتحاد الألماني في أنه يسجل حالات العنصرية على شبكات التواصل الاجتماعي، إلى جانب الشعارات اليمينية التي تحملها ملصقات أو ملابس أو لافتات، إلى جانب السلوك العام في الملاعب.
وقالت إلينا مولر المتحدثة باسم المكتب “لا نسجل التصرفات اللفظية والجسدية فقط”. وأضافت “أغلب الحالات تتعلق بسلوك غير لائق من المشجعين. وفي الوقت الحالي، تمت ملاحظة المزيد من حالات أداء تحية هتلر وتم الإبلاغ عنها”.
تعصب وغضب
تجدر الإشارة إلى أن إساءات عنصرية وجهت عبر وسائل التواصل الاجتماعي للاعبين في الدوري الألماني (بوندسليغا) من بينهم دايوت أوباميكانو وماتيس تيل لاعبا بايرن ميونخ وبنجامين هنريكس لاعب لايبزيغ ويوسوفا موكوكو لاعب بوروسيا دورتموند وجيسيك نجانكام لاعب آينتراخت فرانكفورت. وعند الحديث عن ازدواجية المعايير الألمانية لا بد من التعريج على العنصرية وازدواجية المعايير الكروية التي يتعرض لها لاعبو المنتخب أو الفرق من أصول أجنبية.
وكان آخرها عندما ألغيت مباراة في دوري الدرجة الثالثة الألماني لكرة القدم بين فريقي دويسبورغ وأوسنابروك في أواخر عام 2019، وذلك بعدما وجه أحد المشجعين إساءة عنصرية إلى لاعب فريق أوسنابروك، آرون أوبوكو.
◙ الإساءات العنصرية وجهت للاعبين في الدوري الألماني من بينهم دايوت أوباميكانو وماتيس تيل لاعبا بايرن ميونخ
وحسب تقارير إعلامية، فإنه بسبب القلق من انتشار ظاهرة التعصب الرياضي بين جمهور الأندية الألمانية، اضطر اتحاد كرة القدم الألماني في سبتمبر 2018 إلى تغيير مكان مباراة المنتخب الألماني والبيرو قبل أسبوعين على إقامتها، إذ جرى نقلها من مدينة فرانكفورت إلى مدينة سينسهايم، خوفا من تعصب جمهور المدينة الأولى.
وفي واقعة شبه متكررة، نقلت وكالة أسوشيتد برس في أكتوبر 2021 خبر استهداف مشجعين في ألمانيا لاعبي كرة قدم أجانب سود البشرة بإساءات عنصرية وألقوا عليهم أغراضا وجعة خلال مباراة بين فريقي هامبورغ أس.في وفورتونا دوسلدورف انتهت بالتعادل.
من جهتها، ذكرت صحيفة “بيلد” أن هذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها إلغاء مباراة في كرة القدم الاحترافية بألمانيا بسبب العنصرية. وعلى صعيد المنتخب الوطني، وبالرغم من مساهمته الكبيرة في تتويج المنتخب الألماني ببطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل، فإن اللاعب مسعود أوزيل ذا الأصول التركية لم يسلم من أن يكون عرضة للعنصرية في ألمانيا، ما دفعه إلى اعتزال اللعب دوليّا بعد خروج المنتخب الألماني مبكرا من مونديال روسيا 2018.
وكتب أوزيل واصفا ازدواجية المعايير التي دفعته إلى تعليق قميصه الوطني “أنا ألماني عندما نفوز، لكنني مهاجر عندما نخسر”، وذلك عقب موجة العنصرية التي أثارتها وسائل الإعلام الألمانية والمشجعون والسياسيون والاتحاد الوطني لكرة القدم. وفي سياق متصل، كشف نجم توتنهام الإنجليزي والمنتخب الكوري الجنوبي سون هيونغ – مين لأول مرة في يوليو الماضي أنه عانى من عنصرية الجمهور خلال اللعب في الدوري الألماني لكرة القدم بين عامي 2008 و2015، لكنه حقق ثأره بعد تسببه في إخراج المنتخب الألماني من الدور الأول لمونديال روسيا 2018.
رقم قياسي
في سياق آخر وللبقاء في دائرة الأرقام يمكن التذكير بأن فرانك شميت المدير الفني لفريق هايدنهايم بات بصدد الانفراد بالرقم القياسي للمدرب الأكثر بقاء مع فريق واحد في تاريخ كرة القدم الاحترافية بألمانيا. وينفرد شميت بالرقم القياسي عندما يستضيف هايدنهايم فريق فيردر بريمن الأحد ضمن منافسات الدوري الألماني (بوندسليغا).
وتأتي المباراة بعد 16 عاما بالضبط على الظهور الأول لشميت كمدرب، حينما قاد هايدنهايم للفوز على نورمانيا جموند 2 – 1 في دوري الدرجة الرابعة يوم السابع عشر من سبتمبر 2007. وسيحطم شميت الرقم القياسي الذي كان مسجلا باسم فولكر فينكه الذي استمر في تدريب فرايبورغ منذ يوليو 1991 وحتى يونيو 2007. وقاد شميت (49 عاما) فريق هايدنهايم، الذي يمثل مدينة في جنوب ألمانيا يسكنها 50 ألف نسمة، للصعود من الدرجة الرابعة حتى وصل إلى الدرجة الأولى، وقد قاده في 590 مباراة حتى الآن.
ومع ذلك، لم يبد شميت اهتماما كبيرا بالرقم القياسي، وإنما صرح قائلا "سأكون سعيدا مع نهاية اليوم". وتحظى مباراة الأحد بأهمية كبيرة نظرا لأن فيردر بريمن كان قد حرم هايدنهايم من الصعود إلى البوندسليغا قبل ثلاثة أعوام، بالفوز عليه في ملحق الصعود والهبوط. ولم يبد فينكه استياء إزاء فقدان رقمه القياسي، وقال في تصريحات صحافية “التهنئة، وكل التهاني لهايدنهايم". وأضاف فينكه "النادي يشكل نموذجا هائلا في الاستمرارية وإمكانية تحقيق أشياء كبيرة في موقع صغير. أنا سعيد حقا بصعود هايدنهايم إلى البوندسليغا".