"لحظة سبوتنيك" ثورة ما بعد الذكاء الاصطناعي

الحوسبة الكمومية.. الكمبيوتر اللامتناهي في استقبال البيانات ومعالجتها.
الأحد 2024/08/11
وعود مذهلة في مختبر غوغل

ستفتح الحوسبة الكمومية مجالات جديدة من خلال سرعة معالجتها واستقبالها للبيانات مما يعزز احتمالات أن تصيب التوقعات، لدرجة أنها يمكن وصفها بالكمبيوتر اللامتناهي، وستشمل مجالات عديدة، من الطب إلى الفضاء والبيئة والمناخ والطاقة، وستصبح قادرة على القيام بحسابات تعجز أجهزة الكمبيوتر التقليدية عن القيام بها.

كامبريدج (المملكة المتحدة) - تحتدم المنافسة في مجال الحوسبة الكمومية بين الجهات المعنية، إذ يُتوقع أن تشكّل الثورة التكنولوجية المقبلة بعد الذكاء الاصطناعي، ويُعتقد أنها ستتيح تحقيق تقدم كبير في أكثر من مجال، كالتوصل إلى أدوية جديدة ومكافحة الاحترار المناخي.

ويقول باحثون إن الحوسبة الكمومية قد “تحدث ثورة” في مجال الأدوية بعد أن طوروا خط أنابيب جديداً قادراً على اختبار الأدوية، حيث طور باحثون صينيون خط تصنيع للحوسبة الكمومية لاكتشاف الأدوية يمكن أن يأخذ التكنولوجيا من المفهوم إلى تصميم الأدوية في العالم الحقيقي.

ويمكن أن تكون الحوسبة الكمومية مفيدة في تصميم الأدوية لأنها يمكن أن تحاكي التفاعلات بين الجزيئات وتتنبأ بنجاح وسلامة الدواء.

ويكتسب استخدام الحوسبة الكمومية لتغير المناخ موضوع زخم ببطء، وتهدف الأبحاث والصناعات المتعلقة بأجهزة الكمبيوتر الكمومية إلى التعرف على الاستخدامات الواعدة لهذه الكمومية وإيجاد حلول عملية باستخدام تقنيات مختلفة في المجال المناخي.

ويمكن أن تساعد في إنشاء مواد أفضل للتقنيات البديلة مثل الخلايا الشمسية وتوربينات الرياح. كما يمكن أن يقلل من الطاقة العالية اللازمة لتصنيع الأسمدة، وهي العملية التي تستهلك 2 في المئة من الطاقة على مستوى العالم.

الحوسبة الكمومية لن تحمل مجرد تحسّن طفيف مقارنة بأجهزة الكمبيوتر السابقة، بل ستكون خطوة كبيرة إلى الأمام
الحوسبة الكمومية لن تحمل مجرد تحسّن طفيف مقارنة بأجهزة الكمبيوتر السابقة، بل ستكون خطوة كبيرة إلى الأمام

ومن الاستخدامات الأخرى للمحاكاة الكمومية إنشاء محفزات محسنة تعمل على تسريع التفاعلات الكيميائية، فكلما زادت سرعة التفاعلات، قل استهلاك الطاقة والموارد. ويمكن للمحفزات الأفضل أيضًا أن تؤدي وظيفة احتجاز الكربون، وهي تقنية يُقال إنها أفضل طريقة لمعالجة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

ويمكن أيضًا استخدام الحوسبة الكمومية لإنتاج الهيدروجين بكفاءة عن طريق تسريع عملية التحليل الكهربائي.

وهكذا، يمكننا أن نستنتج أن الحوسبة الكمومية هي تقنية واعدة للغاية قد تحدث ثورة في كيفية عمل عالمنا. ولها تطبيقات محتملة في كل المجالات المهمة تقريبًا، مثل الذكاء الاصطناعي، والتنبؤ بالطقس، والتخصيب الأنظف، وتطوير الأدوية المتقدمة، والبطاريات المحسنة، ومكافحة تغير المناخ، والمزيد. وكل هذا يمكن أن يؤدي إلى أرض أفضل لأجيالنا القادمة.

وبالنسبة إلى ستيف بريرلي، مؤسس شركة “ريفرلين” التي تتخذ مقراً في المدينة الجامعية الشهيرة بوسط إنجلترا، فإن هذه التكنولوجيا ستشهد في السنوات المقبلة ما يصفه بـ”لحظة سبوتنيك”، تيمّناً بالقمر الاصطناعي السوفياتي الذي شكّل إطلاقه عام 1957 خطوة كبيرة في مجال غزو الفضاء.

ويقول بريرلي إن “الحوسبة الكمومية لن تحمل مجرد تحسّن طفيف مقارنة بأجهزة الكمبيوتر السابقة، بل ستكون خطوة كبيرة إلى الأمام”.

وتنتج شركته أول معالج دقيق مخصص لهذه التكنولوجيا يتمتع بقدرة حاسوبية هائلة، ويمكنه رصد وتصحيح الأخطاء التي تؤدي حالياً إلى إبطاء تطورها.

ويقول جون مارتينيس، المسؤول السابق عن تطوير هذه التكنولوجيا في مختبر “غوغل كوانتوم إيه آي”، إن صنع الأجهزة “التي ترقى إلى مستوى الوعود المذهلة لهذه التكنولوجيا يتطلب تغييراً هائلاً على صعيد الحجم والموثوقية، ما يستلزم أنظمة موثوقة لتصحيح الأخطاء”.

وفي علامة على الاهتمام بأنشطة شركة “ريفرلين”، وبشكل عام بهذه التكنولوجيا التي تُشبَّه بالذكاء الاصطناعي لناحية التغييرات التي قد تُحدثها، أعلنت الشركة الثلاثاء أنها جمعت 75 مليون دولار من المستثمرين.

Thumbnail

ويقول نائب رئيس شركة “ريفرلين” إيرل كامبل “في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام سنكون قادرين على تطوير أنظمة قادرة على دعم مليون عملية من دون أخطاء”، مقارنة بألف عملية فقط حاليا.

ويوضح كامبل أن هذه العتبة تُعتبر حاسمة لجعل أجهزة الكمبيوتر الكمومية أكثر كفاءة من نظيراتها الحالية.

ومع قدرتها على تحفيز التفاعلات بين الجسيمات والذرات والجزيئات، من المرجح أن تمكّن هذه التكنولوجيا من تطوير أدوية ثورية أو تحسين إنتاج الأسمدة بشكل جذري، وهو قطاع يُنتج انبعاثات كثيرة من ثاني أكسيد الكربون.

كما يمكن لهذه التكنولوجيا أن تمهّد الطريق لبطاريات أكثر كفاءة، والتي تؤدي دوراً رئيسياً في مكافحة الاحترار المناخي.

وتسجل كمية المعلومات التي يمكن لأجهزة الكمبيوتر الكمومية الاستفادة منها ازدياداً كبيراً كلّما توسّع حجمها، على عكس الأجهزة الحالية.

وتعتمد الحوسبة الكلاسيكية على البيانات المخزنة على شكل بتات، والتي لها حالتان محتملتان لا ثالث لهما (0 أو 1).

وتستخدم أجهزة الكمبيوتر الكمومية “الكيوبتات”، وهي وحدات بناء أساسية تحتوي على عدد لا حصر له من الحالات المحتملة التي يمكن تركيبها وتشابكها.

لكنّ هذه العملية التي تستخدم الخصائص غير العادية للمادة على المستوى الذري أو دون الذري لها عيب يتمثل في أن سلوكها الغريب يجعل من الضروري استخدام خوارزميات معقدة لمعالجتها.

كما أن البتات الكمومية حساسة جداً للأخطاء الناجمة عن الضوضاء، وسيكون حل هذه المشكلة “حاسماً”، على ما يؤكد ستيف بريرلي، المحاط بذبذبات ودوائر متكاملة في مختبر شركته.

Thumbnail

ويستثمر عمالقة تكنولوجيا المعلومات مثل غوغل وآي بي أم ومايكروسوفت مبالغ طائلة في هذه التكنولوجيا خصوصاً في محاولة تقليل الأخطاء الناجمة عنها، إما عن طريق حماية الأجهزة أو استخدام الخوارزميات لاكتشاف هذه الأخطاء وتصحيحها.

ونظراً إلى هذا التعقيد، يتجلى الاهتمام بهذه التكنولوجيا في المقام الأول باستخدام أجهزة كمبيوتر كبيرة. وعندما يزاد حجمها، فإن الإمكانيات المقدمة تزيد بشكل أسرع من العيوب التي يتعيّن حلها. بمعنى آخر، تعمل هذه الآلات بشكل أفضل في المهام المعقدة.

ويقول ستيف بريرلي باسماً “بالتأكيد لن نستخدم أجهزة الكمبيوتر الكمومية لإرسال رسائل البريد الإلكتروني”، مضيفاً “سنكون قادرين على حل مشاكل قد تكون غير قابلة للحل لولا ذلك”.

ويعتبر رجل الأعمال أن النتائج التي جرى التوصل إليها “مثيرة للغاية”، لافتاً إلى أن “التحدي الآن هو أن نكون قادرين على توسيع نطاق عملنا”.

وباتت مواضع التقدم الراهنة، بالإضافة إلى قدرة التكنولوجيا على التغلب على جميع أنظمة التشفير الحالية وإنشاء مواد جديدة، تجتذب بالفعل اهتمام الهيئات الناظمة.

ويرى بريرلي أن “من المهم جداً تعلّم الدروس من الذكاء الاصطناعي حتى لا تفاجئنا هذه التكنولوجيا، كما يجب التفكير في آثارها في وقت مبكر جداً”.

ويضيف “أعتقد أن الحوسبة الكمومية ستخضع للتنظيم في نهاية المطاف، لأنها تقنية مهمة للغاية، وأعتقد أن هذه التكنولوجيا لا تريد أي حكومة أن تتجاهلها”.

13