كيف تتكيف مع تغيرات العمل في ظل عصر الرقمنة؟

أفضل خيار مواجهة تحديات التغيير طواعية.
الجمعة 2023/10/20
التغيرات المتسارعة تزعزع استقرار العاملين

العاملون الذين أحيلوا على التقاعد في ثمانينات القرن الماضي أمضوا فترة عملهم دون أن يواجهوا أي تغيرات يمكن ملاحظتها، اليوم التغيرات في نطاق العمل هي من السرعة بحيث باتت تشكل عبئا نفسيا على العاملين.

نورمبيرغ (ألمانيا) - يوما تلو الآخر لا شيء يتغير، نفس الروتين ونفس يوم العمل المعتاد. هكذا كان الحال بالنسبة إلى الكثيرين حتى وقت قريب. ولكن اليوم، يمكن أن تجلب الرقمنة معها تغيرات مستمرة في محيط حياتك العملية، فمع تبني برنامج جديد، تتم مراجعة سير العمل وإعادة هيكلة فرق العمل. وهذا من شأنه أن يجلب تنوعا مرحبا به، لأن وظيفة بدون تحديات جديدة يمكن أن تصبح مملة. ولكن التغير يمكن أيضا أن يكون جذريا وبوتيرة سريعة للغاية يصعب التأقلم معها، أو ببساطة يصبح الأمر متعبا.

وتقول كورنيلا نيسين أستاذة علم النفس الصناعي والتنظيمي في جامعة إيرلانجين في ألمانيا إن “التغيرات في عالم العمل تزعزع استقرار الكثير من العاملين”.

وتضيف نيسين أن التغيرات تصاحبها غالبا مشاعر مختلطة؛ حيث أنه ربما يتم اعتبار التغيرات تحديات إيجابية. مع ذلك، يشعر الكثير بالتهديد والقلق من عدم تمكنهم من التأقلم مع المهام الجديدة، وربما يصل الأمر أيضا إلى فقدان وظيفتهم.

ميتشيل بيكر: ما رأيناه لم يكن سوى خدش لسطح ما هو ممكن
ميتشيل بيكر: ما رأيناه لم يكن سوى خدش لسطح ما هو ممكن

وتحذر نيسين من أن الخوف قد يسبب المزيد من الارتباك “إذا كنت خائفا، لا تتعلم بصورة جيدة كافية، أيضا سوف تكون أقل قدرة على التكيف مع الوضع الجديد”.

وغالبا ما يصاحب الغموض شعور بالوقوع تحت رحمة الأشياء، والمضي في ظل التغيرات بدون السماح بالمساعدة في تشكيلها. ولكن حتى إذا كانت الإدارة تتخذ قرارات بدون مشاركة العاملين، فإن الانتظار السلبي والتجنب المزعج من أسوأ المسارات التي يمكن اتباعها، وفقا لما يقوله الخبراء.

وتقول مارتينا نوهل المدربة في مجال الوظائف، وتعمل على تقديم نصائح للأشخاص الذين يشعرون بأنهم عالقون في عملية التغيير الوظيفي “يجب أن يكون توجه التغيير الإيجابي واضحا وملموسا، وإلا سوف نقع ضحية اللاوعي، وهو للأسف غير حريص على التغيير على الإطلاق”.

ولكن كيف يفترض أن ينجح الأمر عندما تشعر بالفعل بالمعاناة في ظل المهام الجديدة غير المألوفة، ناهيك عن التي تصلك عبر بريدك الإلكتروني وتطالبك بحضور تدريب على الأداة الرقمية الجديدة؟

وتوضح نوهل “أفضل طريقة أعرفها هي مواجهة تحديات التغيير طواعية في حياتك الخاصة مرة تلو الأخرى”.

مع ذلك، يجب أن لا تبحث عن طريق مختصر تسهل به الأمر لنفسك، وفق ما قالته نوهل التي أضافت مؤكدة أن “قرقرة المعدة” المسيطر عليها تعد أمرا مهما “من خلال تجربة الكفاءة الذاتية، يمكنك حينذاك التغلب على مشاريع التغير الوظيفي. مبادئ التغيير دائما ما تكون مماثلة”.

وتؤكد نوهل أن التحدث مع الزملاء الذين يعطونك الانطباع بأنهم يتكيفون بصورة جيدة مع التغير يمكن أن يساعدك؛ كيف ينجحون في البقاء منفتحين للتعامل مع الأمور الجديدة والحفاظ على الرغبة في التعلم؟

وتتمثل مشكلتنا عادة مع عمليات التغيير في انشغال المسؤولين أنفسهم بدرجة كبيرة، وتواجدهم الدائم في اجتماعات وبالتالي صعوبة التواصل معهم. وتقول نيسين “في أسوأ الحالات، يتم ترك الفريق للتعامل مع الأمور بنفسه”.

وهذا الأمر يمكن أن يتسبب في سلوكيات سلبية في اتجاهات مختلفة: إما سوف يجمعهم سوية الشعور بعدم الأمان، مع تكثيف مشاعر القلق والإحساس بالرفض. أو يتم تهميش أولئك الأقل قدرة على التعامل مع الابتكارات.

لتحقيق النجاح في أجواء العمل من المهم جدا أن يشعر الفرد أنه في أيد أمينة مع فريق وأن الجميع يسير في نفس الاتجاه

وتضيف نيسين “مع ذلك، من المهم لتحقيق النجاح أن يشعر الفرد أنه في أيد أمينة مع الفريق، وأن الجميع يسير في نفس الاتجاه”.

وتشير نيسين إلى أن هناك تحيزا دائما يتعلق بالتعامل مع الأكبر سنا، وأن لديهم مشاكل أكثر تجاه التكيف مع الأمور الجديدة والاستمرار في التعليم. ولكن الدراسات أظهرت عدم وجود صلة مباشرة بين العمر والتكيف.

مع ذلك، ما يحدث هو أن هناك حالات كثيرة يقصى فيها الكبار في السن عن التدريب بسبب عمرهم و”هذا يعد تمييزا”. وعلى أي حال، يعد مناخ التعليم الإيجابي الذي يجعل الأشخاص يرغبون في الاستمرار بالتعلم أمرا مهما، خاصة في ظل التغيير المستمر، بحسب ما أكدته نيسين.

ولكن ماذا إذا كنت، بالرغم من كل شيء، تشعر أنك لم تعد في المكان الصحيح، وأنه لم يعد بإمكانك الهروب من الحمل الزائد؟

تقول نوهل في هذه الحالة، إن السعي للحصول على وظيفة جديدة يعد أمرا منطقيا، مع ذلك “لا تنس أنك ستصطحب كفاءاتك وقدراتك الحقيقية للتغيير معك”.

12