كورونا يلزم الدمشقيين بالسهر في بيوتهم ليلة رأس السنة

إضاءة شجرة عيد الميلاد في باب توما بلا جماهير.
الخميس 2020/12/31
شجرة صغيرة في البيت

دمشق - “لأول مرة منذ أكثر من 25 عاما سأقضي سهرة عيد رأس السنة الميلادية في منزلي خوفا من الإصابة بفايروس كورونا الذي أخاف العالم كله”.. بهذه الكلمات عبر الشاب أحمد داود عن مشاعره الحزينة الممزوجة بالخوف من الوضع المأساوي الذي تعيشه البلاد هذه الأيام، بعد تفشي فايروس كورونا بشكل كبير في سوريا.

وقال أحمد (42 عاما)، وهو من سكان صحنايا بريف دمشق الجنوبي، لوكالة أنباء (شينخوا) “قبل عام من الآن كنا نخطط مع مجموعة من الأصدقاء كيف سنقضي سهرتي عيدي الميلاد ورأس السنة، وفي أي مطعم سنجتمع، وكنا منهمكين بالتخطيط لهذا اليوم”، مبيّنا أن كل شخص من هذه المجموعة التي كانت تسهر معا في السابق، سيقضي عيد رأس السنة في منزله برفقة أفراد أسرته خشية الإصابة بكورونا، وسط حالة من الحزن.

وتابع “لقد أرخى مرض فايروس كورونا الجديد بظلاله الرهيبة على حياتنا، وألغى منها طقوسا كثيرة كنا نحبها، وننتظرها من عام إلى آخر”، مؤكدا أنه “رغم كل هذا الحزن، إلا أن الخوف من الإصابة بهذا الفايروس يخفف من حدة الألم والغضب الموجودين بداخلنا”.

وبحسب إحصائيات لوزارة الصحة السورية فقد سجلت البلاد حتى الآن 11033 إصابة بفايروس كورونا، شفيت منها 5141 ووفاة 678 حالة.

كما أصدرت وزارة السياحة السورية تعميما يقضي بإلغاء الحفلات في المطاعم وإغلاقها، كإجراء احترازي لمنع تفشي الوباء.وعبر ماجد الهناوي (38 عاما) عن تخوفه من السهر هو الآخر في الأماكن العامة، مؤكدا أن البقاء في المنزل “أمان لي ولعائلتي من السهر في المطعم”.

وقال الهناوي “بالرغم من أن وزارة السياحة منعت إقامة الحفلات في المطاعم، والتحذير من التجمعات في الأماكن المغلقة، إلا أن البعض غير ملتزم بهذه التعليمات، وغير مدرك لخطورة الوضع”، لافتا إلى أن عدد الإصابات بكورونا أكثر بكثير من الأرقام التي تعلنها وزارة الصحة، وهذا يشكل خطرا على الناس في ما بعد ويزيد من عدوى انتشار المرض.

وتابع الشاب الثلاثيني أن “فايروس كورونا الجديد جعلنا نحجر أنفسنا في بيوتنا حجرا إلزاميا، وهذا شيء إيجابي من وجهة نظري”، مؤكدا أن هذا الوضع “زاد من الترابط الأسري في ما بين الأسرة الواحدة”.

ولم يبد الهناوي انزعاجه الكثير من حرمانه من السهر خارج المنزل، بقدر ما عبّر عن تخوفه من الإصابة بهذا المرض الذي يهدد حياة الناس، مشيرا إلى أن ظهور سلالة جديدة من الفايروس يثير الخوف بين الناس.

وزارة السياحة السورية تصدر تعميما يقضي بإلغاء الحفلات في المطاعم كإجراء احترازي لمنع تفشي فايروس كورونا
وزارة السياحة السورية تصدر تعميما يقضي بإلغاء الحفلات في المطاعم كإجراء احترازي لمنع تفشي فايروس كورونا

وبدورها، قالت الشابة حنان (34 عاما)، وهي متزوجة ولديها طفلين صغيرين، من سكان مدينة دمشق “كنا نأمل أن نقضي سهرة عيد الميلاد في مكان ما خارج المنزل، ونستمتع بطقوس الاحتفال بعيد الميلاد، وإضاءة شجرة عيد الميلاد في باب توما شرق دمشق، لكن كما يقال تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فكان مرض فايروس كورونا الجديد وانتشاره السريع جعلا الناس تحتفل في المنازل مع أفراد الأسرة”.

وأضافت حنان التي وقفت بجانب شجرة عيد الميلاد “في هذا العام كان الوضع مختلفا، فلم نخرج للمشاركة في كرنفال إضاءة شجرة عيد الميلاد”، مشيرة إلى أنها اشترت شجرة صغيرة وقامت مع طفليها بتزينها وإضاءتها في المنزل والاحتفال مع عائلتها بعيد الميلاد.

وقالت “لقد اصطنعنا الفرح، ولكن الكل كان يرغب في الخروج والتمتع بالسير في شوارع دمشق القديمة ورؤية الناس وهي تحتفل”، معربة عن أملها في أن يكون العام القادم أفضل ويتم القضاء على هذا الفايروس الذي أجبر الناس على طقوس جديدة لم تكن مألوفة من قبل.

واحتفلت غالبية الأسر السورية، والدمشقية خصوصا، بعيد الميلاد في المنازل حرصا على سلامة أفرادها من الإصابة بالمرض، وخاصة كبار السن، كما أعرب الكثير من الناس عن قضاء عيد رأس الميلاد أيضا في المنازل، خشية الإصابة بفايروس كورونا.

ولم تخف أم عمر تخوفها من الإصابة بكورونا، لكنها في ذات الوقت قالت إن “الغلاء وفايروس كورونا غيّبا البهجة والفرح عن الكثير من البيوت في سوريا”، مؤكدة أن الغلاء الفاحش حرم السوريين من شراء اللحم وبعض الفاكهة.

وقالت أم عمر وعلامات الحزن تترسم على وجهها “نحن بشكل عام لا نفكر في السهر

بالمطعم، وكنا في ما مضى من الوقت نحضّر الطعام الذي يحبه أولادنا، أما الآن يا حسرتي لم نعد قادرين على شراء اللحم بسبب غلائه الكبير، وقلة الدخل لأسرتي”، مؤكدة أن الطعام في عيد رأس السنة سيكون بسيطا، وأضافت “لكن المهمّ هو السلامة وعدم الإصابة بفايروس كورونا”.

20