كورونا يقدم الورود الفلسطينية "هدية" للمواشي

أثّر غياب مظاهر الاحتفال بقدوم رأس السنة الميلادية الجديدة بسبب الإجراءات المتبعة في غزة لمواجهة تفشي فايروس كورونا، على بيع الورود، مما أنعش توقعات أصحاب المزارع بأن يتحوّل الجوري والقرنفل إلى “هدايا” للمواشي لا للبشر.
رفح (فلسطين)- لن يتمكن المزارع الفلسطيني لبّاد حجازي من تسويق منتجات حقله الواقع في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة والمزروع بأصناف مختلفة من الورود مع نهاية هذا العام، بالتزامن مع موسم الاحتفالات بالعام الجديد.
وتحول فرح حجازي بقدوم رأس السنة الميلادية، التي تنتعش فيها أسعار الزهور بشكل ملحوظ، إلى خيبة أمل، قائلا إنه أصيب “بخيبة أمل كبيرة جرّاء حالة الإغلاق المفروضة لمنع تفشي كورونا، والتي بدورها ستحول دون أي مظاهر للاحتفال بالعام الجديد، وبالتالي عدم وجود مبيعات للورود هذا العام”.
ورغم انشغال بعض المزارعين بمن فيهم حجازي بتجهيز المئات من ورود “الجوري” بألوانها الزاهية لتجار وأصحاب محال في القطاع، إلا أنهم متخوفون من عدم بيع جميع الكمية التي أنتجتها مزارعهم ليكون مصيرها بذلك أن تتحول إلى “هدايا” للمواشي في رأس السنة.
وأشار حجازي إلى أنه أتلف “قبل نحو يومين مساحات واسعة مزروعة بزهور اللوندا، حيث ذهبت طعاما للمواشي جرّاء قلة المبيعات”، رغم أن مزرعته تنتج حاليا أصنافا تصلح للبيع في السوق المحلي ومنها الجوري والزنبق واللونضا والخرسيوت والقرنفل وليمونيوم (العويذران).
ويحاول المئات من الأشخاص التخفيف من وطأة الحياة الاقتصادية والاجتماعية عبر المشاركة الخجولة في إنعاش موسم الاحتفالات، على الرغم من أن قدوم رأس السنة الميلادية لم يكن يحظى باحتفاء كبير في قطاع غزة المحافِظ بطبيعته.
وهذه المشاركة كانت تتسم بتبادل الهدايا خاصة الورود، وقضاء ساعات الليل خارج المنزل، في المقاهي والمطاعم والأماكن العامة، حتّى لحظة إعلان الدخول في العام الجديد. لكن الإجراءات التي تتخذها الجهات الحكومية في غزة، للحد من تفشي فايروس كورونا في القطاع، خاصة حظر التجول الليلي، ستحرم الفلسطينيين من المشاركة في هذا الموسم.
ويعتبر حجازي أحد المزارعين القلائل الذين لا يزالون يتمسكون بمهنة زراعة الورود في غزة، بالرغم من الخسائر المادية الكبيرة جرّاء انخفاض مبيعاتها محليا بفعل تردّي الأوضاع الاقتصادية.
وأشار حجازي إلى أن الضربة الاقتصادية لهذا الموسم تأتي امتدادا للخسائر التي تكبّدوها خلال موسم الصيف والمناسبات العامة كحفلات الزفاف، والتي كانت تعتبر موسما مهما لبيع الورود.
وأضاف “غالبية محلات بيع الورود تأثرت خلال جائحة كورونا، حيث باتت حفلات الزفاف محدودة جدا أو غير موجودة، والمناسبات العامة اختفت، وكذلك الفعاليات التي ينظّمها القطاع الخاص، والتي كانت أيضا تساهم في زيادة مبيعاتنا بالعادة”.
وتكبدت مزرعة حجازي خسائر بلغت نحو 42 ألف دولار، نتيجة تداعيات كورونا وتراجع البيع بشكل كبير. ولفت المزارع الفلسطيني إلى أن مبيعات الورود في موسم احتفالات العام الجديد “كانت أمله الوحيد في تصريف كميات الهدايا، والحصول على مردود مادي يمكّنه من توفير احتياجاته، ودفع التزاماته المادية”.
وعبّر عن تخوفاته من “تكبد خسائر كبيرة تفاقم من تردي أوضاعه المادية، حال لم يتمكن من تسويق ما لديه ويكون هناك سوق كما كل عام”.
ووفق وزارة الزراعة بغزة، فإن القطاع كان يضم “المئات من الدونمات من الورود والزهور فيما لم يتبق غير 10 دونمات تقريبا تتركز في مدينتي خان يونس ورفح (جنوب)، لعزوف المزارعين عن زراعتها منذ سنوات”.
وقبل العام 2012، كانت تنتشر في رفح نحو 500 مزرعة للزهور، تصدّر أغلب إنتاجها إلى الخارج. وقال حجازي “توقّف التصدير نهاية عام 2011 إلى هولندا جراء إغلاق المعابر، ما دفعنا إلى التوجّه نحو السوق المحلي المنهك من حالة الركود جرّاء تردّي الأوضاع الاقتصادية للسكان”.
ويأمل في أن “ينهض سوق بيع الورود خلال الأيام القليلة المقبلة، رغم تلاشي ذلك جرّاء إجراءات مكافحة الجائحة”، إذ جاءت أزمة كورونا لتلقي بظلالها السلبية على قطاع مزارع الزهور بغزة، والذي يعاني من حالة ركود.