كورونا يستنزف الموارد المخصصة لأوبئة المناطق المدارية

تراجع الجهود المبذولة من الدول لمكافحة الأمراض المدارية المهملة بسبب الانشغال بمكافحة وباء كورونا الجديد، ينذر بمشاكل أخطر لا تهدد صحة وحياة الفقراء فحسب، بل يمكن أن تؤدي إلى أخطار جديدة تنعكس على الصحة والاقتصاد والأمن في العالم.
نيروبي- حذر خبراء طبيون من أن تستنزف جائحة كوفيد – 19 الموارد المبذولة في مكافحة مجموعة من أخطر الأمراض التي تصيب 1.7 مليار من أفقر سكان الأرض.
وسلطت المؤسسات الخيرية الضوء على مجموعة متنوعة من الأمراض المعدية التي لا تزال تسبب معاناة هائلة في جميع أنحاء العالم، على الرغم من أن الوقاية منها وعلاجها ممكن، ويأتي ذلك في إطار الاحتفال باليوم العالمي للأمراض المدارية المهملة، والموافق لـ30 يناير من كل عام.
ورغم انتشار الأمراض المدارية المهملة وتداعياتها، إلا أنها لا تحل ضمن أولويات الصحة العامة، وتشمل الجذام وداء شاغاس، والديدان المعوية، وحمى الضنك والشيكونغونيا، ومرض دودة غينيا، والجرب، والتراخوما، وداء البلهارسيا، ومرض الفلاريا أو داء الفيل، والداء العليقي، وداء كلابية الذنب أو العمى النهري، وداء المثقبيات الأفريقي البشري والمعروف بمرض النوم.
وسبق أن طالب العديد من العلماء والسياسيين من أمثال الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر والفيزيائي البريطاني الراحل ستيفن هوكينغ، بالقضاء على أمراض المناطق المدارية المهملة إلا أنها لا تزال تؤثر على المليارات من الأشخاص.
وتصيب الأمراض المدارية المهملة أكثر من 1.7 مليار إنسان على مستوى العالم، وهي أيضا مسؤولة عن آلاف الوفيات التي يمكن الوقاية منها كل عام. وقد انخفض عدد المتضررين من 2 مليار في 2010 إلى 1.6 مليار في 2017.
وتتسبب هذه الأمراض في فقدان البصر والتشوهات الجسدية وتديم حلقة الفقر، وتُبقي ملايين الأطفال خارج المدرسة ومثلهم من البالغين بعيدا عن العمل.
وازداد عدد أمراض المناطق المدارية المهملة من 17إلى 20 في 2016 مع إضافة ثلاثة أمراض جديدة: الورم الفطري، وداء الفطريات من فصيلة الأرومية، والعدوى الفطرية العميقة الأخرى. وتنتشر الأمراض المدارية المهملة بين السكان الفقراء الذين يعيشون في المناخات المدارية وشبه الاستوائية بأفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية.
وتصيب هذه الأمراض أولئك الذين لا يتمتعون بالمياه النظيفة والصرف الصحي والخدمات الصحية الأساسية اللازمة لحماية أنفسهم من الإصابة بالبكتيريا والفايروسات ومسببات الأمراض الأخرى. وتشمل أبناء المجتمعات في المناطق النائية والريفية والأحياء الحضرية الفقيرة أو مناطق الصراع.
وأعرب العلماء عن مخاوفهم من أن الانحباس الحراري يمكن أن يزيد من عدد الأشخاص المعرضين للبعوض الحامل للفايروسات بما في ذلك حمى الضنك وفايروس زيكا بمقدار مليار بحلول سنة 2080 إذا استمر ارتفاع درجة الحرارة بالمعدلات الحالية.
وتجدر الإشارة إلى أن الفئات ذات الدخل المرتفع نادرا ما تتأثر بمثل هذه الأمراض. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، تبقى اقتصادات أكثر من 70 في المئة من البلدان والأقاليم التي أبلغت عن وجود أمراض المناطق المدارية المهملة، منخفضة الدخل.
وتعد العديد من أمراض المناطق المدارية المهملة حالات مزمنة تتطور ببطء وتزداد سوءا إذا لم يتم اكتشافها أو علاجها. ويمكن أن يكون الضرر الذي تسببه غير قابل للإصلاح.
فعلى سبيل المثال، تلحق التراخوما (عدوى بكتيرية في العين) الضرر بالجفون، ما يتسبب في التواء الرموش إلى الداخل وفرك العين. وإذا لم يتم تصحيحها بالجراحة، فقد تؤدي إلى فقدان البصر نهائيا. ويمكن أن تسبب أمراض المناطق المدارية المهملة ألما شديدا وإعاقات على مدى الحياة، مع عواقب طويلة المدى للمريض وعائلته.
وغالبا ما يتم وصم الأشخاص المصابين بأمراض المناطق المدارية المهملة واستبعادهم من المجتمع، وهي ممارسة تبرز مع الأشخاص المصابين بالجذام، وغالبا ما يخلّف ذلك تأثيرا سلبيا على صحتهم العقلية.
وفي 2012، اتفقت منظمة الصحة العالمية والدول الأعضاء على أول خارطة طريق عالمية تهدف إلى القضاء على 17 مرضا من أمراض المناطق المدارية المهملة. وتم تعريف ثلاثة أمراض أخرى: حمى الضنك وداء الكلب ولدغات الأفاعي على أنها من هذه الأمراض.
وحتى الآن، تخلصت 42 دولة من مرض واحد مصنّف في هذه اللائحة على الأقل. وأصدرت منظمة الصحة العالمية خطتها الثانية لمدة 10 سنوات في 28 يناير بهدف القضاء على واحد على الأقل من 20 داء معترفا به في 90 دولة على الأقل بحلول سنة 2030.
1.7 مليار شخص معرضون إلى الإصابة بالأمراض المدارية المسؤولة عن آلاف الوفيات
كما تهدف المنظمة إلى جعل الأدوية آمنة ومتاحة واستهداف حشرات البعوض والذباب والقراد التي تنشر بعض أمراض المناطق المدارية المهملة، لخفض عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى العلاج بنسبة 90 في المئة خلال السنوات العشر القادمة.
ويقول خبراء الصحة إن الوباء العالمي يعيق الجهود المبذولة للتخفيف من أمراض المناطق المدارية المهملة، ويدفع أنظمة الرعاية الصحية المنهكة بالفعل إلى نقطة الانهيار.
وقالت منظمة الصحة العالمية في سبتمبر إن تفشي المرض أصاب برامج أمراض المناطق المدارية المهملة، حيث اضطرت الدول إلى تعليق التدخلات العلاجية الجماعية واكتشاف الحالات النشيطة وتأخير التشخيص والعلاج. وأشارت إلى إعادة تكليف الموظفين الأساسيين للتعامل مع الجائحة وتصنيع الأدوية وشحنها وتسليمها.