كورونا يرسي السفن السياحية في الموانئ

الإجراءات الصارمة على متن الفنادق العائمة لا تحمي من الوباء.
الأحد 2020/08/16
سيلفي للذكرى

لم يستثن وباء كورونا أيّ نشاط سياحي، ما جعل الفنادق والشواطئ تخلو من زائريها، والدول التي تعتمد على السياحة كرافد اقتصادي تتكبد خسائر طائلة، وها هي السفن السياحية التي كانت تؤمّن رحلات عبر دول عديدة تعاني اليوم من عزوف السياح خوفا من تفشي الوباء.

بريمرهافن (ألمانيا) - توفر البواخر السياحية أو ما يعرف بالفنادق العائمة إمكانية اكتشاف العالم بسرعة وسهولة؛ حيث يمكن للسياح الانتقال من ميناء إلى آخر بين عشية وضحاها دون الاضطرار إلى حزم الحقائب والأمتعة، ولكن مع تفشي وباء كورونا أصبحت هذه الرحلات تشكل خطورة كبيرة، وأصبحت المزايا السابقة بمثابة عيوب خطيرة.

ومع رفع القيود مؤخرا في الكثير من البلدان حول العالم عادت الرحلات البحرية السياحية مرة أخرى، ولكن مع اتباع اشتراطات صارمة في ما يتعلق بالنظافة الشخصية والتباعد الاجتماعي.

وأعلنت شركة الملاحة العالمية “توي كروزس” عن انطلاق الرحلات السياحية بواسطة البواخر “ماين شيف1″ و”ماين شيف2” انطلاقا من هامبورغ وكييل الألمانيتين باتجاه السواحل النرويجية، كما تعتزم شركة “عايدة كروزس” البدء في رحلاتها السياحية خلال شهر أغسطس الجاري انطلاقا من روستوك وكييل إلى السواحل النرويجية أيضا، بالإضافة إلى استئناف العمل في الشركات المتخصصة في الرحلات النهرية.

وتمتاز الرحلات السياحية على متن البواخر التابعة لشركتي توي كروزس وعايدة كروزس بأنها رحلات بحرية فقط، أو ما يعرف باسم الرحلات الزرقاء.

وأوضح الأكاديمي ألكسيس باباثاناسيس، خبير الرحلات البحرية في جامعة بريمرهافن، قائلا، “تحاول شركات الملاحة البحرية حاليا إحكام الإغلاق في نظام مغلق أصلا؛ حيث لن تتوافر أمام السياح فرصة لزيارة الموانئ أو مشاهدة المعالم السياحية أو القيام برحلات وجولات سياحية على اليابسة”.

بالإضافة إلى تقييد الحياة الاجتماعية والترفيه على متن البواخر، وهنا يظهر التساؤل ما إذا كان هذا النوع من الرحلات البحرية لا يزال يجذب السياح؟

الالتزام بالتباعد الاجتماعي على متن السفن السياحية يتطلب انضباطا كبيرا من السياح وطاقم الباخرة وهذا صعب التحقيق

وكثيرا ما يتم التساؤل عن مدى الإغلاق على البواخر السياحية على المدى المتوسط، وأجاب الخبير السياحي باباثاناسيس عن هذا السؤال بقوله، “يمكن تصور وجود شراكات وثيقة مع بعض الموانئ، التي تتم فيها مراقبة جميع الإجراءات بصرامة”. كما يمكن وجود سلسلة من الشركاء الحصريين على اليابسة، بحيث يمكن لشركات الملاحة العالمية ضمان سلامة السياح داخل هذه المنظومة.

وأضافت شركة عايدة كروزس أنه يمكن إضافة المزيد من الوجهات السياحية الخارجية إلى برنامجها السياحي اعتمادا على إعادة فتح الموانئ الأوروبية، وليس هناك بيانات محددة حاليا حول إعادة فتح الموانئ.

ولا تقتصر الإجراءات الصارمة على متن البواخر السياحية على عدم النزول إلى الموانئ أو القيام برحلات، بل تبحر السفن السياحية بعدد أقل من السياح مع تطبيق مفاهيم النظافة الصارمة، مع ضرورة الالتزام بالتباعد الاجتماعي بين السياح على متن الباخرة، بحيث لا تقل المسافة الفاصلة بين السائح والآخر عن 1.5 متر. وأضاف الخبير الألماني باباثاناسيس، أنه يمكن الالتزام بالتباعد الاجتماعي على متن السفن السياحية، غير أن ذلك يتطلب انضباطا كبيرا من السياح وطاقم الباخرة.

وهناك بعض الأسئلة المهمة المتعلقة بخطر العدوى بفايروس كورونا على متن البواخر السياحية، ومنها كيف يمكن منع المصابين بالفايروس من الصعود إلى متن الباخرة السياحية، لتفادي إصابة الآخرين؟ وماذا يحدث إذا تفشى فايروس كورونا بين السياح على متن السفينة السياحية؟

وأكدت شركتا الملاحة البحرية، توي كروزس وعايدة كروزس، أنهما تقومان بقياس درجة حرارة السياح قبل القيام بإجراءات تسجيل الدخول على متن الباخرة السياحة.

وأوضح الطبيب كريستيان أوتومان، رئيس رابطة أطباء السفن السياحية، أن هذا الإجراء لا يوفر حماية من فايروس كورونا تقريبا؛ نظرا لأنه يتم قياس درجة الحرارة من الجبهة، وهناك أشخاص مصابون بفايروس كورونا لا تظهر عليهم أعراض حمى أو أيّ أعراض مرضية أخرى.

الطاقم ملتزم بالإجراءات
الطاقم ملتزم بالإجراءات

وأوضح الطبيب الألماني أنه من الأفضل إجراء اختبارات “بي.سي.آر” لجميع السياح يوم الإبحار، ولكن لا يتم إجراء مثل هذه الاختبارات حاليا عند الصعود على متن البواخر السياحية لشركتي توي كروزس أو عايدة كروزس أو عند مغادرتها، غير أن الشركات الملاحية البحرية أكدت أنه يمكن إجراء مثل هذه الاختبارات عند الحاجة إليها.

وعند ظهور حالة إصابة مؤكدة بفايروس كورونا فإنه يتم تطبيق خطة طوارئ تفصيلية. وأوضحت كوديا زونيشسن من شركة توي كروزس قائلة، “عند الاشتباه في حالة فايروس كورونا فإنه يتم عزل السائح في أسرع وقت ممكن على متن الباخرة، وبعد ذلك يتم نقله إلى مستشفى مناسب لمواصلة العلاج على اليابسة”.

وبغض النظر عن موقع الباخرة لن يضطر السياح إلى الانتظار لمدة أسبوعين على متن السفينة، وأكدت شركة عايدة كروزس أنه في حالة الإصابة بفايروس كورونا فإنه سيتم توفير الرعاية الطبية في أسرع وقت ممكن ومغادرة الباخرة وضمان رحلة العودة للسياح.

وأوضح الخبير ألكسيس باباثاناسيس، أن شركات الملاحة البحرية تتمتع بخبرة كبيرة في التعامل مع مسببات الأمراض على متن البواخر السياحية، وقد تمكنت من الحد من تفشي عدوى نوروفايروس (Norovirus) خلال السنوات الأخيرة.

كما أن الصورة المأخوذة عن الفنادق العائمة باعتبارها مصدرا لتفشي وباء كورونا ليست صحيحة؛ حيث يمكن أن تنتشر الإصابة بالمرض بين السياح في الفنادق والمنتجعات السياحية العادية مثل البواخر السياحية، ومن المتوقع أن تعود حركة السياحة البحرية إلى سابق عهدها بعدما يتم طرح اللقاح المضاد لفايروس كورونا.

16