كشمير أرض حرب تتجدد منذ سبعة عقود

الهند تقرر إلغاء المادة 370 من الدستور التي تمنح وضعا خاصا لمنطقة كشمير المتنازع عليها مع باكستان.
الثلاثاء 2019/08/06
قدر كشمير أن تكون أرض صراع

نيودلهي - إن المتابع لأدق تفاصيل النزاع الهندي الباكستاني حول إقليم كشمير التابع للشطر الهندي ذي الأغلبية المسلمة، لا يتفاجأ بالقرار الجديد الذي أعلنت عنه نيودلهي الاثنين عبر إلغائها مادة دستورية كانت تسمح بالحكم الذاتي لولاية “جامو وكشمير”.

قرار هندي أجج الوضع الساخن بين البلدين وستكون تبعاته السياسية وربما العسكرية محط أنظار العالم، خاصة وأن الهند وباكستان المتسابقتين على التسلح النووي تبادلا التهم في الأشهر الأخيرة وكان محور الصراع ولاية “جامو وكشمير”.

وبالعودة إلى الممهدات التي كانت وراء دفع الهند إلى اتخاذ هذا القرار المثير للجدل، يتبين أن المعركة قد تم التحضير لها منذ أشهر بين الطرفين، ففي منتصف فبراير الماضي اتهمت الهند جارتها باكستان بالقيام بدور مباشر في هجوم انتحاري أسفر عن مقتل 40 جنديا من القوات شبه العسكرية الهندية، في كشمير التي تسيطر عليها الهند.

ثم تصاعدت الأحداث مرة أخرى، عندما صرّحت باكستان بأنها أسقطت طائرتين هنديتين فوق كشمير التي تسيطر عليها باكستان، وذلك بعد يوم واحد فقط من تصريحات الهند بأن قواتها الجوية شنت غارات جوية ضد معسكر مزعوم للمتشددين في الأراضي الباكستانية.

كل هذه العوامل وفق العديد من الخبراء، كانت مجرّد محركات لإحياء الصراع حول إقليم كشمير وهو ما تم بالفعل، حيث تعود اليوم إلى الواجهة قضية الحكم الذاتي لولاية “جامو وكشمير”، الشطر الهندي من إقليم كشمير، مع إعلان نيودلهي إلغاء مادة دستورية كانت تسمح بالحكم الذاتي للولاية.

وكانت السلطات في كشمير الهندية متهيئة منذ الأحد لمثل هذا القرار حيث فرضت حظرا على التجمّعات العامة وأغلقت المدارس في كبرى مدن الإقليم والمناطق المحيطة بها، وذلك في خضمّ تجدّد التوتّر بين نيودلهي وإسلام أباد اللتين تتنازعان السيطرة على الإقليم.

وبعد صدور القرار لم تتمهل باكستان سوى سويعات قليلة، لتعلن رفضها القاطع لقرار نيودلهي، معتبرة أن الخطوة “غير قانونية”، و”تنتهك” القرارات الأممية.

وبدأت الأزمة مع إعلان وزير الداخلية الهندي، أميت شاه، الاثنين، أمام البرلمان، أن الحكومة الاتحادية قررت إلغاء المادة 370 من الدستور التي تمنح وضعا خاصا لمنطقة كشمير المتنازع عليها، وتتيح لولاية “جامو وكشمير” الخاضعة لسيطرة الهند وضع قوانينها الخاصة.

وأضاف أميت شاه أنه “سيتم تطبيق الدستور بأكمله على ولاية جامو وكشمير” ذات الغالبية المسلمة؛ ما ينهي حقوق الولاية في وضع قوانين خاصة بها. ونشرت لاحقا، وزارة العدل الهندية مرسوما رئاسيا بإلغاء المادة 370 من الدستور.

إلغاء نيودلهي مادة دستورية تسمح بالحكم الذاتي لولاية جامو وكشمير، يثير غضب إسلام أباد التي وصفت الخطوة بأنها انتهاك للقرارات الأممية

ونص المرسوم على أن الإجراء دخل حيز التنفيذ “فورا”. والمادة 370 في الدستور الهندي التي تم الإعلان عن إلغائها؛ تمنح سكان “جامو وكشمير” منذ عام 1974 الحق في دستور خاص يكفل لهم عملية صنع القرار بشكل مستقل عن الحكومة المركزية.

ولم تتأخر باكستان في ردها على القرار الهندي سوى سويعات قليلة، حيث كان رد فعلها سريعا جدا، حين ندد وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي، الاثنين، بقرار الهند، مؤكدا أن “هذه الخطوة تنتهك” قرارات الأمم المتحدة.

وأضاف أن باكستان ستكثف جهودها الدبلوماسية للحيلولة دون تطبيق ذلك. وفي تصريحات لاحقة نقلتها قناة “جيو نيوز” المحلية، حذر قريشي من أن مواطني “جامو وكشمير” مهددون بـ”الإبادة الجماعية” و”التطهير العرقي”.

وأضاف أنه سيطلب من الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي والدول الصديقة ومنظمات حقوق الإنسان عدم الصمت إزاء تلك القضية.

وفي بيان، قالت الخارجية الباكستانية إن إسلام أباد تعتزم دراسة جميع الخيارات الممكنة، للتصدي للقرار الذي وصفته بـ”الخطوة غير القانونية”.

واعتبر البيان أن “منطقة جامو وكشمير المحتلة من جانب الهند هي محل نزاع معترف به دوليا”، محذرا من أنه “لا يمكن لخطوة منفردة من جانب الحكومة الهندية أن تغير هذا الوضع المتنازع عليه، حسبما تضمنته قرارات مجلس الأمن الدولي”.

ولفت إلى أن القرار “لن يلقى قبولا من شعب جامو وكشمير ولا باكستان”، مجددا التزام إسلام أباد “الثابت في قضية كشمير ودعمها السياسي والدبلوماسي والمعنوي لشعب جامو وكشمير المحتل، وإعمال حقهم غير القابل للتصرف في تقرير المصير”.

وفي الأثناء، أعربت منظمة التعاون الإسلامي، الاثنين، عن “القلق البالغ إزاء تدهور الوضع في جامو وكشمير التي تحتلها الهند”. وأشارت المنظمة إلى “انتهاكات هندية” في أعقاب إعادة نشر قوات شبه عسكرية إضافية في الولاية.

Thumbnail

ووفق وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أعربت المنظمة عن حزنها لـ”وقوع المزيد عن الإصابات في صفوف المدنيين”، مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل لإيجاد حل سلمي للنزاع.

ووقعت مناوشات على الحدود الفاصلة بين شطري الإقليم، خلال الفترة الأخيرة، عقب حشد عسكري لنيودلهي في الجزء الخاضع لها، وتعليمات بإخلاء السياح و”الحجيج الهندوس” من المنطقة بدعوى “التهديد الأمني”.

ويطلق اسم “جامو وكشمير”، على الجزء الخاضع لسيطرة الهند، ويضم جماعات مقاومة تكافح منذ 1989، ضد ما تعتبره “احتلالا هنديا” لمناطقها.

ويطالب سكانه بالاستقلال عن الهند، والانضمام إلى باكستان، منذ استقلال البلدين عن بريطانيا عام 1947، واقتسامهما الإقليم.

وخاضت باكستان والهند 3 حروب أعوام 1948 و1965 و1971، ما أسفر عن مقتل نحو 70 ألف شخص من الطرفين.

ومنذ 1989، قُتل أكثر من 100 ألف كشميري، وتعرضت أكثر من 10 آلاف امرأة للاغتصاب، في الشطر الخاضع للهند من الإقليم، حسب جهات حقوقية، مع استمرار أعمال مقاومة مسلحة من قبل جماعات إسلامية ووطنية.

6