كسرت الحواجز ورفعت التحدي.. كوفنتري لا ترضى سوى بالزعامة

لوزان (سويسرا) - أفضل سباحة في تاريخ أفريقيا وأول امرأة وأفريقية ترأس اللجنة الأولمبية الدولية، حطّمت الزمبابوية كيرستي كوفنتري العديد من الحواجز وأصبحت بعمر الحادية والأربعين أصغر رئيسة للجنة الأولمبية الدولية منذ البارون الفرنسي بيار دوكوبرتان.
يترك فوز حاملة سبع ميداليات أولمبية التي تغلبت على ستة مرشحين من الوزن الثقيل في الدورة الأولى في مارس الماضي، بعد حملة انتخابية خالية من أية مقترحات ملموسة، سؤالا مفتوحا: أي نوع من القادة ستكون كوفنتري التي شغلت عضوية اللجنة الدولية منذ 2013؟ قالت الخميس “الرياضة غيّرت حياتي بشكل جذري،” مستمدة من مسيرتها رسالة سياسية “ضمان تكافؤ الفرص في وصول الرياضيين من مختلف المشارب إلى الرياضة.”
رسمت كوفنتري التي ستجلس الإثنين على الكرسي الأول في لجنة لوزان، مصيرها في زمبابوي، وهي دولة متواضعة على الصعيدين الرياضي والسياسي: بعيدة عن الثلاثي القوي في السباحة الولايات المتحدة/أستراليا/الصين، وعلى بعد أكثر من عشرة آلاف كيلومتر عن اللجنة الأولمبية الدولية التي رأسها دوما رجال غربيون. نشأت ابنة هراري في عائلة رياضية من أقلية بيضاء تدير شركة للكيميائيات: مارست والدتها وجدتها كرة المضرب ورأس جدها اتحاد السباحة، فيما مثل اثنان من أعمامها روديسيا (في السباحة والملاكمة) قبل الاستقلال عام 1980.
من الحلم إلى النفي
تتذكر الشقراء ذات البنية الرياضية والسلوك الهادئ “كنت دائما تنافسية، لدرجة أني مُنعت من لعب الورق مع عائلتي لأني كنت أكره الخسارة”. بدأت كوفنتري السباحة قبل سن الثانية، في ناد يضم ستة أعضاء. تألقت في حوض السباحة دون أن تحصر نفسها فيها. ونظرا لعدم وجود مسبح داخلي في البلاد، انتقلت “إلى الهوكي على العشب، الكروس، وكرة المضرب” خلال فصل الشتاء، في تركيبة ستنسب إليها الفضل لاحقا في طول عمرها الرياضي.
كوفنتري التي ستجلس الإثنين على الكرسي الأول في لجنة لوزان، رسمت مصيرها في زمبابوي، وهي دولة متواضعة
جذبها أولمبياد برشلونة 1992 على الشاشة، فوعدت الفتاة الصغيرة والديها بـ”الذهاب إلى الألعاب في يوم ما وإحراز ميدالية ذهبية لزمبابوي” التي كانت تمتلك ميدالية يتيمة في 1980 بفضل تتويج لاعبات الهوكي. وأوضحت كوفنتري التي بلغت بعمر السادسة عشرة نصف نهائي سباق 100 م ظهرا في أولمبياد سيدني 2000، مازحة: “ابتسما وقالا لي انه يتعين القيام بعمل شاق وتقديم التضحيات والاستيقاظ باكرا. قلت حسنا- كنت بعمر التاسعة، ماذا كنت أعرف؟”
على غرار سباحين آخرين، فإن بلوغ القمة يأتي من خلال المنفى: حصلت العام التالي على منحة دراسية في جامعة أوبورن الأميركية، انتقلت من التمارين الفردية إلى تمارين جماعية مع رياضيين رفيعي المستوى واكتشفت الإثارة في بطولة الجامعات أن سي إيه إيه.
مضايقات وإيقاف
كرست نفسها في أولمبياد أثينا 2004، مع ذهبية 200 م ظهرا، فضية 100 م ظهرا وبرونزية 200 متنوعة، ثم نالت أربع ميداليات في بكين 2008 (ذهبية 200 م ظهرا وفضيات 100 م ظهرا و200 م متنوعة و400 م متنوعة). عام 2013، دخلت لجنة الرياضيين في اللجنة الأولمبية الدولية، اعتزلت أحواض السباحة بعد أولمبياد ريو 2016 متجهة إلى العمل السياسي، فشغلت عام 2018 منصب وزيرة الرياضة، الفنون والشباب في حكومة الرئيس إميرسون منانغاغوا.
خلف الأخير عام 2017 روبرت موغابي الذي أطاحه الجيش عن حكم دام 37 عاما، مما عزز الآمال في تجديد ديموقراطي، وتعافي الاقتصاد الذي كان في حالة ركود. لكن الصديق المقرب لموغابي، وعلى غراره عضو الحزب الحاكم منذ الاستقلال عام 1980، بات معروفا بأنه أكثر استبدادا من سلفه. وعندما سئلت عن الطبيعة الاستبدادية للنظام، شددت على أنها كانت واحدة من سبعة وزراء “غير تابعين” للحزب الحاكم منذ الاستقلال، زانو بي أف، وأنها ركزت على “ما يمكنها تغييره.”
وأضافت “أعتقد أن كل بلد لديه تحدياته ومشكلاته، أليس كذلك؟ بالنظر إلى زمبابوي تحديدا، كانت انتخابات 2023 المرة الأولى منذ أكثر من 20 أو 30 عاما التي لم تشهد عنفا. هذه خطوة في الاتجاه الصحيح”. بعد قليل من وصولها، تصدت للتحرش الجنسي داخل اتحاد الهوكي ثم كرة القدم (ضد الحكام السيدات)، متحملة مسؤولية الإيقاف من الاتحادات الدولية على خلفية التدخل الحكومي، لمدة ثلاثة أشهر في الهوكي و18 شهرا في كرة القدم، ما حرم الجماهير من متابعة منتخباتها الوطنية.
تذكرت كوفنتري التي ضمها سلفها الألماني توماس باخ إلى لجنته التنفيذية في 2018، ثم عُيّنت في 2021 على رأس لجنة تقييم أولمبياد 2032 في بريزبين “كان قرارا صائبا (…) هناك أمور عزيزة على قلبي ولا يمكنني التسامح معها نهائيا”. مع ذلك، فشلت في الارتقاء بملاعب البلاد إلى معايير الاتحاد الدولي (فيفا)، لدرجة أن زمبابوي تخوض مبارياتها البيتية خارج البلاد، ولا يزال مشروع قانونها للنزاهة (منشطات، تحرش، تلاعب في نتائج المباريات) بانتظار الإقرار بعد أكثر من ثلاث سنوات على صياغته.