كاتب لم أزره
خيّل إليّ، وأنا آوي حزينة على خبر وفاته، أني أسير بين سطور روايته؛ كنت شيئا صغيرا يتحرك بين خطوطها إلى أن حلّ الصباح وكان ضوؤه يشبه ضوء الرواية. روايته التي هي أهمّ رواية بوليسية كتبت في إيران، وقد صدرت أول مرة في سبعينات القرن الماضي.
ینتمي هاشمي نجاد فی الشعر إلى حركة “الشعر الآخر” أو “الموجة الحديثة”، وهي الحركة التي أسّسها في نهايات ستينات القرن الماضي أروع الشعراء الإيرانيين من أمثال بيجن إلهي، ويد الله رويائي وآخرون في الشعر الفارسي المعاصر وتتميّز أعمال هؤلاء بنبرتها المختلفة عن تيار الشعر الفارسي الحديث المتعارف عليه بلغتهم التي احتوت صوفية ليس في نزوعها التعبيري وحسب، بل في النص والرؤية واللغة أيضا.
نصوصه النقدية منذ بدايتها أحدثت صدى واسعا في الوسط الأدبي في إيران بسبب تطرّقه الذكيّ والماهر إلى تقنيات القصة والرواية، كما أنه قام ببحوث مهمّة ودقيقة جدا في الموروث القصصي الصوفي، سواء في ما يخص جمع القصص الصوفية والحكايات الخاصة بالعرفانيين، أو النظرة الحديثة لبنية القصة الصوفية، ومكوّناتها. وقد ترجم كتبا لكل من تي. إس. إليوت وويلهلم رايش، وريموند تشاندلر، إلى جانب كثير من البحث والسبر في جذور السرد في الحكايات الفارسية القديمة.
كان دائما ثمة شيء ما يمنعني من زيارته رغم أنه كان صديقا لأقرب الناس إليّ، وساكنا في ركن الشارع الذي أسكنه. كان يسكن هناك قبل أن أعرف وقبل أن أسكن الشارع؛ مقيما في ملكوت صمته في عزلة لا يبلغ حضرتها إلا بضعة أصدقاء مقرّبين، ولم يكن جلّ الأصدقاء الكتّاب يعرفون مكانه، وكلما جرى الحديث عنه وأخبرت أحداً عن مكان بيته يقول لي “هيّا، إذن أنت تعرفينه، تعالي نزوره”.
وليس محض صدفة حين أفتح “مواقف” النفّري -كعادتي في الالتجاء إلى الصوفي- ليقول لي شيئا يخفّف من وطأة خبر رحيله على قلبي، فإذا به يكشف لي “أقمْ في مقامك تشربْ من عين الحياة، فلا تموت في الدنيا ولا في الآخرة”.
شاعرة ومترجمة من إيران