"قيادة" المرأة.. الفصل الثاني

هل تتذكرون “جعل الرجاجيل الماحي”، الأغنية الساخرة التي حققت الملايين من المشاهدات على موقع يوتيوب كتعبير وشكوى ساخرة للمرأة السعودية من تسلط الرجل عليها، لدرجة أصبحت تتمنى معها الفناء لكل الرجال؟ المقال اليوم ليس عن تَحَقُقْ رغبة المرأة بقيادة السيارة، ولكن عن ضرورة البدء بالفصل الثاني وهو تمكين المرأة القادرة من مراكز القيادة في جميع مناحي الحياة.
نحن بحاجة لمشاركة المرأة المؤهلة في مراكز صنع القرار في المؤسسات والهيئات الحكومية والأهلية. النهضة التنموية المُبهرة التي يقودها الأمير محمد بن سلمان باقتدار، تتطلب نظرة جادة لتوسيع خيارات العمل أمام المرأة السعودية وزيادة مشاركتها في السلطة التنفيذية والمجالس التشريعية.
المرأة السعودية تشغل عددا محدودا جداً من المناصب في الوظائف العامة، مع أنها أصبحت شريكا فاعلا وهاما في العديد من الهيئات والجمعيات الأهلية مثل الغرف التجارية، والأندية الأدبية، وجمعيات الخدمات الاجتماعية، وبعض المؤسسات الحكومية. لدينا أمثلة إيجابية مشجعة، مثل تماضر الرماح أول نائبة لوزير العمل “للتنمية الاجتماعية”، ونورة الفايز نائبة وزير التربية والتعليم (سابقا). هذا جيد ولكننا نتطلع لزيادة تمثيل المرأة القادرة والجديرة في المناصب القيادية العليا.
من أبرز أهداف رؤية 2030 رفع مستوى مشاركة المرأة في سوق العمل. المرأة السعودية نجحت في الوصول إلى رتبة معالي، كنائب وزير ومدير جامعة. نتطلع لاستثمار طاقات المرأة السعودية وأن تشارك في اجتماعات مجلس الوزراء بحقائب وزارية.
أما ما يتعلق بالسلطة التشريعية، فقد صدر أمر ملكي في 12 ديسمبر 2014 ينص على أن تكون المرأة عضوا يتمتع بالحقوق الكاملة للعضوية في مجلس الشورى، وأن تشغل نسبة 20 بالمئة من مقاعد العضوية كحد أدنى.
المجلس الحالي يضم في عضويته 30 امرأة من أصل 150 هم مجموع أعضاء مجلس الشورى السعودي. الرياض أقرت مشاركة المرأة في الترشح والانتخاب لعضوية المجالس البلدية، وذلكننا مازلنا بحاجة لتحقيق التوازن بين الجنسين لتقليص الفجوة في القطاعين العام والخاص. رؤية المملكة العربية السعودية 2030 تهدف إلى زيادة مشاركة النساء في قطاع العمل بنسبة تتراوح بين 22 بالمئة و30 بالمئة بحلول 2030.
وزارة العدل كشفت هذا الأسبوع عن ارتفاع الرخص الممنوحة للمحاميات خلال السنوات الثلاث الماضية إلى 240 بالمئة. ارتفع عدد المحاميات من 63 إلى 280 محامية، هذا جيد. لدينا أقسام للنساء في السلك العسكري والجوازات والسجون والمطارات والدفاع المدني ومكافحة المخدرات، ولكن نسبة مشاركة المرأة في القطاع العام وعلى جميع المستويات الوظيفية مازالت ضئيلة.
لعلي أذكر بعض الأمثلة. عدد العاملين في المراتب العليا والممتازة والـ15، و14، و13، و12، و11 من الرجال بلغ 9795، بينما عدد السيدات لا يتعدى 154 سيدة. النظام الأساسي للحكم يؤكد على حقوق المواطن وواجباته دون تمييز بين الذكر والأنثى. نحن بحاجة لإعطاء الفرصة للمرأة السعودية الجديرة والمؤهلة لرئاسة عمادات وكليات الجامعات، وأن تصبح سفيرة في السلك الدبلوماسي، وأن تشارك بفاعلية وترأس الوفود الرسمية لتمثيل المملكة في المحافل الدولية.
في يونيو 2013، وللمرة الخامسة على التوالي، توجه وفد من المشايخ لمقابلة وزير العمل، ثم توجهوا لمكتب أمير الرياض للاعتراض على “مخالفات” عمل المرأة. اليوم المرأة السعودية تعمل وتُحَلِق وتقود، والقادم أجمل. نحتاج لخلق ثقافة عمل قائمة على مبدأ الجدارة والمساواة بين الجميع من الجنسين. الطريق صعب ووعر ولكن فقط على من يفقد الأمل.