قهوة علوكي

السبت 2016/07/30

منشغل الآن بالبحث عن مصادفة عظيمة مبهجة تبدّل حياتي تبديلا. قوة دماغي الحار ليست بأقلّ من قوة مخ دونالد ترامب وسلفادور دالي وماركيز ومارك روزنبيرغ ومردوخ وأبي الطيب المتنبئ.

سأختصر المسافة الهائلةَ صوب المجد المنتظر، وأذهب مذهب السهل الممتنع، وأحطّ الرحال على حكاية مذهلة بطلها الكولونيل وجه الياباني ساندرز، مخترع ألإمبراطورية الكونية الاستطعامية الأشهر حتى اليوم “كنتاكي”.

أظن أنّ السيد هارلاند لم يصنع شيئا عبقريا به كثير كدّ فكريّ قويّ. هو اكتشف بنعمة الذائقة والتجريب المتصل، طريقة جديدة لقلي الدجاج، وخلطة فقدت سريتها على الأرجح، من مجموعة أعشاب لتتبيل الدجاجة وأطرافها، وقد وقف الله والصبر وزوجته ومقامرة الحكيم خلف حلمه الكبير، فصارت تجارته بملايين مملينة، وذاع اسمه من خواصر كنتاكي حتى عتبات سور الصين.

سأصير مثله بسهولة وصبر قليل. نصف حياتي ببغداد العباسية العليلة، كانت مع أكلة الفلافل شاريا ذواقة أكولا، ومن ثمّ صاحب كمشة دكاكين مرسومات على أول العمر. أضفتُ لمهروس الحمّص وكماله سائل العمبة الأصفر الكثيف، ما لم يضفه حتى عباقرة المصريين والفلسطينيين والعراقيين تاليا، من أبي منير بشارع الخيّام مرورا بمحمود النايف بشارع فلسطين، وصولا إلى حجّي فالح بظهر جامع السامرائي، والنهاية ستكون بأبي فؤاد الراسخ في صحن عمّون اللذيذ.

بعد الدجاج والفلافل والهمبرغر الذي لي فيه طنّة ورنّة، سأطير صوب الحسوة الأشهر في الأرض، وأنشئ غرفة تجريب لا خرير لمائها العزيز، بباب فنجان قهوة الصباح والمساء والسهر، فأطحن قليلا قليلا من نواة الزيتون والتمر اليابس الوفير، مع كثير كثيرٍ من البنّ الذي ينام على بقيا خضرة قبل الشواء، وطعم أريده الليلةَ أن يبقى سرا برأسي، فأُنتجُ كيس قهوة لم تعرفْه الناس من قبل، ومن عطرها وطعمها تكاد تصيح احتسوني قبل أنْ تفقدوني، وأسمّي حلمي الجبار “قهوة علّوكي”.

سأفكّ كلّ بيبان التجريب والتغريب وكيمياء العقل، وسأزرع سحري بقدْر الباميا وملفوف السلق وشيّ البيض وقلي بيض الغنم. سأصنعُ من خصية الثور طعما عجبا.

سأظلّ أرشّ تحديقاتي فوق عصرية جاري الطيب أبي بشير، وهو يغازل سيارتهُ التراثية، كما لو أنه يقف بباب مدرسة ابتدائية، ناطرا جديلة ما زالت تلثغ بأول الحروف. سأمكثُ على الأرض وأُعرّش فوق خزنتها ألف سنة. سأنجح بقوة الصبر والتحمّل الجميل.

24