قهوة بالمشاعر

الأربعاء 2015/07/01

شاطئ مليء بالحصى والمحار.. فأختارك دون سواك أو تختارني.. ويمتدّ بيننا وترٌ من شـدّ عجيب.. قد تكون ظاهرة شد سطحي، مثلما تعلمنا في المدارس، أو شـدّ عميق حقيقيّ.. لا يهم.. المهم انها حالة تتسلل الى حاضرنا فتستأثرُ بشيء من أفكارنا.. وتفرحنا دون أن نعي.. نتواتر.. نشتاق بلا سبب.. أقول بلا سبب لأننا لسنا عاشقين.. (فأنا لا اُريد الإعتراف بذلك الآن على الأقل!).. نحن فقط حصاتان جمعتهما الصدفة على شاطىءٍ تحفّ به التفاصيل وتلوّنه الدهشة..

لا أدَعُ لخبرتي في الحب ان تعكـّر صفو بدايتنا.. لا أسمح لإستباق الأحداث أن يمدّ أصابعه فيعبث بتقافز النبضات طيّ أضلاعي.. أفسح مجالاً للحلم أن يوقد شمعة تأملي بهدوء وطول أناة.. ولن احرق مراحلنا.. فقد جعلني عشقي للقهوة التركية أن أعشق النار الهادئة.. ولذا صار لفنجان القهوة الذي اُعده بنفسي طعماً خاصاً واسماً خاصاً هو: "قهوة بالمشاعر"!

ها أنني أدَعُ مشاعرنا تهدر خيفيفة متباطئة تتناسب عكسياً مع ضربات قلبي وأنا أقرأ حروفك لي وكأنني أسمعها بصوتك.. وأتخيل أصابعك وهي تدوس على لوحة المفاتيح أو تلمس بنعومة شاشة هاتفك المحمول وكأنك تمسّـد خصلات شعري.. فأسمعك هامساً كنت أو صارخاً.. ويغدو لكل حرف منك قوة تحييني وتجعلني أهيم ولهاً بأي شيء يشير الى وجودك في حياتي ولو على هيئة صورة..

لكنك لست بصورة!.. ولا أنا.. ولسنا حصى او محاراً.. بل ها انني أرى فيك رجلاً يستطيع أن يستبدّ بقبيلة نساء تسكنني ما أن يشيرَ إليّ بحرف!

ولأنك مثلي تعرف معنى الحرف.. ولأنك خبرت فن الكلمات مثلي وانتميت لهوَسها وإغرائها.. فلابد أنك مثلي أيضاً تعرف معنى أن نعيش حالة حب كي نكتب.. أو أن نكتب لنعيش حالة حب!

كلا الأمرين واحد.. سواء أكان على سرير الورقة او على سريرٍ من عشبٍ نديّ أو من حريرٍ وريش نعام.. كله حب ياسيدي.. كله حب!.. وكله سينتهي ذاتَ ملل يعلن وجوده ما أن تبتدئ الأصابع بالعزف على وترٍ مشدود من كتابة جديدة او إبداع جديد او حب من نوع آخر.. قد لا يكون الأمر صالحاً لكل زمان ومكان وكل حالة عشق.. وقد لا يتفق فيه معي كل العشاق.. لكنه يحدث على أية حال.. وهو في أقل القليل يبقى حاضراً نابضاً ساري المفعول عند فعل الكتابة..

وأنا أعشق حروفك!.. ربما كانت هذه هي إشارة البدء او لحظة الإشتعال الخارقة التي خلقت منك ومني طاقتين تشعان ضياءً في زمن صار للظلام فيه صفة لا تجارى.. فأنا أشمّ رائحة جسدي تنضح من حروفك.. مثلما أخبرتـَني ذات يوم بأنك تشمّ رائحة جسدك وهي تفوح من بين نبرات صوتي المبحوح.. ولن أنسى كم ضحكنا على الهاتف يومئذ حين قلت لك أن صوتي لا بحة فيه الا حين أكون بين يديك!

وبين يديك تعني بين يديك!.. سواء أكنا معاً على الهاتف او على الشاطئ او على ذمة الحروف.. أو تحت سقف الحقيقة او سقف الحلم..

فها أنني الآن وحدي.. أشرب قهوتي بالمشاعر واُحس ببحة صوتي.. لأنني ما أن فكرت فيك حتى غدوت بين يديك..

21