قندهار تنبض بالحياة بفتح مقاه ونواد للنساء

منح عدد من الشباب الأفغان قندهار روحا عصرية تقطع مع سنوات من الحظر، حيث فتحوا مقاهي ونوادي يسمح فيها بدخول النساء، كما أعادوا الكثير من الأنشطة الترفيهية للمدينة الجنوبية رغم خشيتهم من عودة طالبان للسيطرة على حياتهم.
قندهار (أفغانستان) – بدأت مدينة قندهار الواقعة في جنوب أفغانستان بعد أن كانت مركزا لحكومة حركة طالبان المتشددة، تتحول شيئا فشيئا إلى مدينة تنبض بالحياة وتنتشر فيها المقاهي التي تعج بالحركة والجامعات المختلطة، حتى بات هناك ناد رياضي للنساء.
وفي حي أينو ماينا الراقي في المدينة يمكن سماع ضحك رواد مقهى “ديلايت” العصري، الذي يسمح بدخول النساء، وهو أمر لم تعتد عليه المدينة بعد.
كما يتوجه شبان كل مساء إلى نادي “أرينا”، وهو مقهى عصري أيضا في المدينة البالغ عدد سكانها 700 ألف نسمة، للعب البلياردو ومتابعة مباريات كرة القدم على شاشة عملاقة أو تدخين الشيشة، وهي مسائل لم يكن من الممكن تصورها خلال حكم طالبان لأفغانستان بين 1996 و2001.
وقال نظير أحمد، مالك نادي أرينا، “لم يكن في قندهار ما يشبه هذا المكان عندما بنيناه وليس هناك حتى الآن مكان مثله في كل الجنوب”.
لكن شبان المدينة يخشون من ضياع الحريات التي تحققت بصعوبة، في وقت تصعد طالبان هجماتها في معقلها السابق رغم محادثات سلام مع الحكومة.
وكانت الحركة المتشددة فرضت حظرا على جميع أشكال الترفيه من الموسيقى والأفلام إلى إطلاق الطائرات الورقية.
ولا تزال مشاهد الجلد والإعدامات العلنية في ساحات المدينة تؤرق المواطنين، لكن قندهار مرت بتحول كبير، إذ يمكن رؤية نساء يجلسن بشكل جانبي على المقعد الخلفي للدراجات النارية، وعائلات تقوم بنزهات، فيما أضاءت العديد من المدن نوافير الماء التي يتدفق ماؤها عند المغيب بينما تقوم أكشاك الطعام بتقديم الوجبات الأفغانية الساخنة حتى الليل.

وتواجه أفغانستان حاليا احتمالا حقيقيا يتمثل بإعادة بعض السلطة للحركة المتمردة. ولا تزال قندهار تحت سيطرة القوات الحكومية لكن طالبان تقف على أعتابها.
وقال أحمد البالغ من العمر 30 عاما “آمل أن تكون طالبان قد تغيرت وستسمح ببقاء هذا النادي مفتوحا”. ويتساءل محمد ياسين، مالك مقهى ديلايت “أيّ سلام سيكون إذا أغلقوا مقهانا؟”.
وأضاف “لن نلتزم إذا طلبت منا طالبان عدم السماح بدخول الزبائن النساء”. فخلال حكم طالبان مُنعت الفتيات من ارتياد المدرسة، وعوقبت النساء المتهمات بجرائم مثل الزنا بالرجم حتى الموت في ملاعب رياضية.
ومنذ الإطاحة بالحركة، حققت النساء تقدما ملحوظا في بعض المدن وانضممن إلى اليد العاملة في مناصب طموحة في قطاع الإعلام والسياسة بل حتى القوات الأمنية.
وتخشى النساء في قندهار من خسارة بعض الحريات التي اكتسبنها بصعوبة. وأوضحت مريم دراني، التي أطلقت العديد من المبادرات الموجهة للنساء، “كانت هناك مدرسة واحدة للفتيات والآن لدينا 15”.
ومن بين المبادرات التي أطلقتها دراني مركز تعليمي ومحطة إذاعية بل حتى ناد رياضي تتردد عليه بعض النساء سرا. وتابعت دراني البالغة من العمر 36 عاما “هناك احتمال من عودة طالبان وإعادة فرض قيود على النساء مجددا”.
لكن البعض عبرن عن تفاؤل حذر مثل شكرية علي التي تعمل في إذاعة ميرمن، المحطة التي تديرها نساء وأطلقتها دراني التي حازت مؤخرا على جائزة من منظمة مراسلون بلا حدود المدافعة عن حرية الصحافة.
وترى علي أن “طالبان قد تكون تغيرت”. وتشدد والدتها فيروزا التي أجبرت على ترك عملها كخياطة خلال حكم طالبان، على أنها “إذا خرجت اليوم من دون برقع فالأمر ليس بمشكلة”، مشيرة “لكن في السابق (خلال حكم طالبان) كنت سأُرمى في السجن”.
