قطر تستقبل نجوم العالم في مونديال 2022

رجال سانشيز أمام فرصة لمواجهة الكبار في أول ظهور عالمي.
الأحد 2022/11/20
العنابي يحلم بإنجاز عالمي على أرض عربية

تفتتح كأس العالم 2022 في قطر اليوم الأحد في نسخة منتظرة واستثنائية تقام لأول مرة في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وبمشاركة 32 منتخبا بينها 4 منتخبات عربية وصلت إلى المونديال بجدارة. في هذه النسخة تتواجد قطر كونها البلد المضيف، والسعودية، والمغرب وتونس. القرعة التي سُحبت مطلع أفريل لم تكن رحيمة بالمنتخبات العربية ووضعتها في مجموعات شرسة بجانب منافسين أقوياء، ما يجعل مهمة العبور إلى الأدوار القادمة صعبة للغاية.

الدوحة - تنطلق نهائيات كأس العالم لكرة القدم للمرّة الأولى في الشرق الأوسط، وتستعد قطر لاحتضان 32 منتخبا على مدى شهر، على وقع شكوك لم تنقطع منذ منح الدولة الخليجية حقّ الاستضافة قبل 12 عاما. ووصلت كل المنتخبات إلى الدوحة التي تستقطب وضواحيها معظم المشاركين باستثناء بعض الذين فضلوا البقاء بعيدين عن الأضواء، على غرار ألمانيا في الرويس الواقعة في شمال البلاد (110 كلم)، السعودية على شاطئ سيلين (57 كلم جنوب)، وبلجيكا على شاطئ سلوى (90 كلم جنوب - غرب).

وستكون النسخة الثانية والعشرون من بطولة كأس العالم، بطولة كرة القدم الدولية للرجال التي تقام كل أربع سنوات والتي تتنافس عليها المنتخبات الوطنية الأعضاء في الاتحاد الدولي لكرة القدم. ستكون هذه أول نسخة من كأس العالم تقام في الوطن العربي والثانية التي تقام في آسيا بعد نسخة 2002 التي لُعبت في كوريا الجنوبية واليابان.

هذه النسخة هي السابعة والأخيرة من نسخ كأس العالم التي يشارك فيها 32 منتخبا (بدأ ذلك منذ كأس العالم 1998). في عام 2018، درس الاتحاد الدولي لكرة القدم إمكانية توسيع البطولة لتشمل 48 منتخبا والمقرر عقدها في 2026 وتطبيقها في نسخة 2022، ومع ذلك في 22 مايو 2019، تم التخلي عن هذه الفكرة بسبب العديد من الصعوبات، أهمها أن لجنة التنظيم خططت مبدئيا لاستيعاب 32 وليس 48 فريقا، حيث سيشارك 48 منتخبا في نسخة 2026 المقرر تنظيمها في الولايات المتحدة، المكسيك وكندا.

بسبب حرارة الصيف الشديدة في قطر ستقام نهائيات كأس العالم هذه المرة من أواخر نوفمبر إلى منتصف ديسمبر، مما يجعلها أول بطولة لا تقام في مايو أو يونيو أو يوليو. سيتم لعب البطولة في فترة زمنية أقل حوالي 29 يوما. ستقام المباراة الأولى في البطولة بين قطر والإكوادور على ملعب البيت بالخور. ومن المقرر أن تقام المباراة النهائية في 18 ديسمبر 2022، وهو اليوم الوطني لقطر. حامل لقب كأس العالم هو منتخب فرنسا.

طريق طويل

أمام المنتخب السعودي مهمة صعبة لبلوغ مداره
أمام المنتخب السعودي مهمة صعبة لبلوغ مداره

القول بأن قطر بدأت ممارسة كرة القدم منذ عشر سنوات هو أمر غير واقعي حسب خبراء، ومسار المنتخب الذي يخوض كأس العالم لأول مرة على أرضه لا بد أن يكون أقدم من ذلك. وهذا ما يذكره الذين ساهموا في صناعة كرة القدم القطرية، مثل المدرب الأوروغوياني خورخي فوساتي، حسبما قال. اكتشفت الإمارة الخليجية الصغيرة كرة القدم في الأربعينات من القرن الماضي. خاضت أول مباراة دولية عام 1970 ووصلت إلى نهائي كأس العالم تحت 20 عاما في عام 1981 بفريق مكوّن من لاعبين ولدوا لأبوين قطريين. آنذاك، أقصت البرازيل 3 - 2 وإنجلترا 2 - 1 في طريقها إلى النهائي حيث خسرت أمام ألمانيا الغربية.

بعد استقلال البلاد في عام 1971، “رغب الأمير في بناء مكانته حول فريق كرة قدم قوي”، كما يوضح رافائيل لو ماغوارييك المتخصص في الجغرافيا السياسية للرياضة في دول الخليج بجامعة تور. لكن منذ منتصف التسعينات، “مع إثراء المجتمع، لم يعد الشباب القطري يميلون إلى ممارسة مهنة رياضية”، حسبما يقول، لذلك بدأت قطر في تجنيس الرياضيين من الجاليات العربية (السودانيين واليمنيين والمصريين والعراقيين) الذين يعيشون في الدوحة. ويؤكد مدرب المنتخب السابق فيليب تروسييه “عندما وصلت، كان المنتخب الوطني يتألف من لاعبين من دول أجنبية لديهم ثقافة كرة القدم بالفعل، وأفارقة وجيران لقطر تم تجنيسهم”.

ويضيف الفرنسي “لم يكن هناك الكثير من الموارد البشرية (750 ألف مواطن) وكرة القدم لم تكن ممارسة منتظمة”، إلى جانب قلة الاهتمام ولكن أيضًا غياب البنية التحتية والمدربين. ومع ذلك، يلاحظ تروسييه أن “بين قادة البلاد زخما لخلق جاذبية رياضية من خلال تنظيم البطولات الكبرى (بدءًا من دورة الألعاب الآسيوية في عام 2006) ومن خلال تزويد البلاد بالبنية التحتية الضرورية”. وشرعت قطر في توظيف مدربين أجانب ولاعبين دوليين في نهاية مسيرتهم المهنية لتطوير أنديتها.

منتخب قطر يمتلك فرصة لتحقيق إنجاز لافت في أول ظهور له في النهائيات العالمية، لما سيحظى به من دعم جماهيري

من جهته، يذكر فوسّاتي الذي وصل إلى الإمارة عام 2006 لتدريب فريق السد أن “اللاعبين المحليين كانوا يفتقرون إلى العقلية الاحترافية” لكن لم يكن من الصعب تغييرهم. ويقول الأوروغوياني “لم يكونوا كذلك لأن أحدا لم يطلب منهم ذلك”. في المنتخب الذي تولى المسؤولية عنه في عامي 2007 و2008، “كان الأمر نفسه”، لكن المدير الفني استطاع الاعتماد على لاعبي السد تحت قيادته بالفعل. وقال “بالفعل في عام 2011، كان للاعبي كرة القدم عقلية مختلفة”.

في عام 2004، أسّست قطر أيضا أكاديمية أسباير المسؤولة عن تدريب الرياضيين الذين سيمثلونها في المستقبل، المولودين في الدولة (غالبا من آباء أجانب) أو الذين يتم اختيارهم وهم أطفال خارج حدود الإمارة. في العام نفسه، فرض الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قيودا على شروط تجنيس اللاعبين، مما جعل المشروع حاسما لتشكيل فريق كرة القدم الوطني الذي تم وضعه وفقًا لمبادئ مدرسة كرة القدم الإسبانية.

استقر المدرب الحالي فيليكس سانشيز هناك في عام 2006، حيث أشرف على الأسماء الكبيرة المستقبلية، بما في ذلك المهاجمين أكرم عفيف والمعز علي. ويقول الفرنسي كريستيان غوركوف مدرب نادي الغرافة سابقا “إستراتيجية البناء طويلة المدى هذه مفاجئة تمامًا في قطر لأنها قامت على فترة زمنية قصيرة”. تمت ترقية سانشيز في عام 2013 إلى منصب مدير المنتخب تحت 19 عامًا، وقاده إلى الفوز بالبطولة الآسيوية في عام 2014. بعدما أصبح مدربا للكبار في عام 2017 ، قدم الفني الإسباني للبلاد لقبها الرئيسي الأول: كأس آسيا في عام 2019.

وتطوّر منتخب قطر من خلال الدعوات للمشاركة في المسابقات القارية الكبرى، مثل كوبا أميركا 2019 أو الكأس الذهبية 2021 (منطقة أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي). وستكون المحطة التالية، بالنسبة إلى سانشيز وقطر، رؤية مضيف كأس العالم 2022 يتأهل من المجموعة الأولى (مع الإكوادور وهولندا والسنغال).

فرصة كبيرة

هذه أول نسخة من كأس العالم تقام في الوطن العربي والثانية التي تقام في آسيا بعد 2002 في كوريا الجنوبية واليابان
هذه أول نسخة من كأس العالم تقام في الوطن العربي والثانية التي تقام في آسيا بعد 2002 في كوريا الجنوبية واليابان

يمتلك المنتخب القطري فرصة كبيرة لتحقيق إنجاز لافت في أول ظهور له في النهائيات العالمية، لما سيحظى به من دعم جماهيري غير محدود على أرضه. كما تتوفر رغبة كبيرة في تقديم صورة لائقة على المستطيل الأخضر تكمل المشهد الرائع الذي صنعته الدوحة من ملاعب ومشاريع عظيمة جعلت الكثير يتنبأ بنسخة مونديالية مميزة. ويخوض العنابي البطولة في المجموعة الأولى بجانب هولندا وصيفة بطل العالم ثلاث مرات وصاحبة الخبرة الكبيرة في المحافل العالمية، والسنغال المتوجة بكأس الأمم الأفريقية الأخيرة، والإكوادور رابع أميركا اللاتينية.

لدى قطر تشكيلة قوية لفتت الأنظار عقب التتويج بلقب كأس آسيا صيف 2019 بقيادة المدرب الإسباني فليكس سانشيز، الذي وصل إلى الدوحة عام 2006 للتدريب في أكاديمية “أسباير” التي خرج منها معظم نجوم الكرة القطرية حاليا. بلاعبين أمثال أكرم عفيفي والمعز علي وبوعلام خوخي وحسن الهيدوس وصلاح زكريا وعبدالعزيز حاتم وغيرهم كثيرون، لن يقتصر طموح قطر على تقديم أداء “مشرّف” والاكتفاء بالمنافسة على إحدى بطاقات العبور إلى دور الـ16، حيث بذل الاتحاد القطري جهدا جبارا في إعداد منتخب يبحث عن التميز على أرضه وبين جماهيره.

واستعد “العنابي” خلال 12 عاما لكل أنواع المنافسين، وخاض 22 مباراة دولية بين رسمية وودية في 2021، ولعب هذا العام مباريات تحضيرية عديدة فاز في آخرها على بلغاريا بهدفين لواحد.

سيكون تواجد المنتخب السعودي في الجارة قطر هو السادس في النهائيات العالمية منذ الظهور الأول في الولايات المتحدة عام 1994. ويطمح رجال المدرب الفرنسي هيرفي رينارد إلى تكرار إنجاز أول مشاركة لهم، حين بلغ “الأخضر” دور ثمن النهائي متصدرا مجموعة كانت تضم أيضا هولندا وبلجيكا والمغرب، قبل أن تُقصيه السويد.

لكن أمام المنتخب السعودي مهمة صعبة لبلوغ مداره، إذ يتواجد في المجموعة الثالثة مع الأرجنتين المتوجة بلقب كوبا أميركا 2021 والمكسيك المتواجدة بشكل شبه دائم في العرس العالمي وبولندا بمجموعة من اللاعبين المحترفين في أندية أوروبية كبرى يتقدمهم المهاجم روبرت ليفاندوفسكي أفضل لاعب في العالم عام 2021، حسب تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

القول بأن قطر بدأت ممارسة كرة القدم منذ عشر سنوات هو أمر غير واقعي حسب خبراء، ومسار المنتخب الذي يخوض كأس العالم لأول مرة على أرضه لا بد أن يكون أقدم من ذلك

كما فرضت القرعة على منتخب تونس التواجد في مجموعة صعبة جدا تضم حامل اللقب المنتخب الفرنسي والدنمارك القادمة للمنافسة بتشكيلة مميزة بجانب أستراليا المنافس الأسهل. الحضور في مونديال قطر هو السادس لـ”نسور قرطاج” بعد أعوام 1978 و1998 و2002 و2006 و2018، ولم يسبق للمنتخب التونسي أن تجاوز الدور الأول، والظهور الأبرز كان في مونديال الأرجنتين حين حقق التونسيون أول فوز للعرب في النهائيات العالمية بتغلبهم على المكسيك بثلاثة أهداف لواحد.

مهمة الوصول إلى ثمن نهائي المونديال لأول مرة في التاريخ لن تكون بالأمر السهل على كتيبة جلال القادري، في ظل رغبة فرنسا في الحفاظ

على لقبها وطموح الدنمارك في مواصلة تألقها في المحافل الكبيرة بعد أن بلغت نصف نهائي بطولة أمم أوروبا الأخيرة “يورو 2020”.

ويعول التونسيون في تجاوز الدور الأول على نضج كروي وتكتيكي جيد تمتلكه أسماء اعتادت على اللعب مع بعضها البعض منذ فترة طويلة أمثال يوسف المساكني وفرجاني ساسي المحترفين في الدوري القطري ونجمي الأهلي والزمالك المصريين علي معلول وسيف الدين الجزيري ونعيم السليتي لاعب الاتفاق السعودي.

من ناحية ثانية وبعدما اصطدم بمنتخبي إسبانيا والبرتغال في النسخة الماضية وقبلها مع البرازيل في 1998 وهولندا وبلجيكا في 1994 وإنجلترا وبولندا والبرتغال في 1986، وجد المنتخب المغربي نفسه مرة أخرى في مجموعة صعبة تضم بلجيكا العامرة بنجوم عالميين وكرواتيا وصيفة بطل العالم وكندا التي تشارك للمرة الثانية في تاريخ البطولة.

يمتلك المغرب منتخبا يضم عناصر مميزة محترفة في أندية أوروبية مرموقة، وإذا ما استطاع وليد الركراكي، الذي تسلم الإدارة الفنية قبل نحو 3 أشهر، التغلب على الزمن وإعداد عناصره بالشكل المطلوب فإنه سيخلق مشاكل كبيرة أمام أقوى المنافسين.

حظوظ مرتفعة

فرصة كبيرة لتحقيق إنجاز لافت
فرصة كبيرة لتحقيق إنجاز عالمي

تحظى الأرجنتين بحظوظ مرتفعة إلى جانب البرازيل بطلة العالم خمس مرات (رقم قياسي) التي مازح نجمها نيمار زميله ميسي في باريس سان جرمان الفرنسي بقوله “في بعض الأحيان نتحدث عن إمكانية اللقاء في نصف النهائي أو في النهائي. أقول لميسي إنني سأكون البطل وسأهزمه ونضحك على ذلك”. وفي حال تتويج البرازيل أو الأرجنتين، ستنتهي هيمنة أوروبية مستمرة على اللقب بدأت منذ 2006 حتى 2018 في البطولة المقامة مرة كل أربع سنوات والتي سيرتفع عدد المشاركين فيها إلى 48 منتخبا في 2026.

لكن الركن الثالث من قوة سان جرمان الضاربة الفرنسي كيليان مبابي يبدو جاهزا للدفاع عن لقب “الديوك” والسير على خطى البرازيل، آخر منتخب دافع عن لقبه بنجاحه في 1962، رغم إصابات لحقت بتشكيلة المدرب ديدييه ديشامب يتقدمها لاعبا الوسط بول بوغبا ونغولو كانتي. وعن تعافي المهاجم كريم بنزيمة والمدافع رافائيل فاران قال زميلهما لاعب الوسط أدريان رابيو الجمعة “هما بحالة جيدة. تدربا لوحدهما حسب البروتوكول المفروض. هما متحمسان للعب، لكن لا أعلم إذا كانا سيخوضان المباراة الأولى”.

18