قصة تاريخية لمنتخب الجزائر في نهائيات المونديال

تأهل الجزائر بعد مواجهة فاصلة مشحونة أمام مصر في ملعب أم درمان بالعاصمة السودانية، يظل راسخا في الأذهان إلى اليوم.
الأربعاء 2022/11/16
حسرة واضحة

الجزائر - يُعرف عن الجزائريين شغفهم بكرة القدم ويعدّونها واحدة من أشكال النضال، فكان تأهلهم إلى نهائيات كأس العالم حلما تحقق أربع مرات حتى الآن وتضمن فوزا تاريخيا على ألمانيا الغربية عام 1982.

في 30 أكتوبر 1981 تحقق المُراد. على ملعب مدينة قسنطينة، وكرّر محاربو الصحراء فوزهم على نيجيريا 2 – 1 (الذهاب 2 – 0 في لاغوس) في الدور الأخير للتصفيات الأفريقية بفضل الثنائي التاريخي لخضر بلومي ورابح ماجر، لتعيش البلاد كلها فرحة غير مسبوقة.

وفي الجولة الثالثة لم تجر المباراتان في التوقيت ذاته، لعبت الجزائر مع تشيلي أولا وفازت 3 – 2 بعدما تقدمت بثلاثية نظيفة، وبالتالي فإن ألمانيا كانت تحتاج في مباراتها التالية ضد النمسا إلى الفوز بهدف نظيف ليتأهلا معا وهذا ما جرى فعلا، افتتح هورست هروبيش التسجيل في الدقيقة العاشرة، ثم تبادل المنتخبان تمرير الكرة في وسط الملعب طيلة الوقت المتبقي ليقصى المنتخب العربي.

بقيادة وحيد خليلوزتش حمل منتخب ثعالب الصحراء الآمال العربية في مونديال البرازيل 2014 كونه الممثل الوحيد لهم

والواقعة أثارت حفيظة الجماهير، فألقوا العملات إلى أرض الملعب كتعبير عن الغش. وقال المعلق على التلفزيون النمسوي “هذه فضيحة كروية، هذا عار”، ووصفت بعض الصحف الألمانية منتخب بلادها بالمافيا والعصابة.

وعدّل الاتحاد الدولي (فيفا) قوانينه حيث تجرى مباراتي الجولة الأخيرة في التوقيت ذاته. ويقول ماجر “هذا الجيل دخل التاريخ، كل لاعب منا ترك بصمة إيجابية، والشعب الجزائري كان فخورا بنا، فريقنا كان الأفضل في المونديال”.

في مونديال المكسيك 1986، لم يظهر المنتخب الجزائري القوة التي كان عليها قبل أربع سنوات، بالرغم من حفاظه على غالبية التشكيلة وبقيادة المدرب رابح سعدان. في المباراة الأولى انتزع جمال زيدان التعادل ضد أيرلندا الشمالية 1 – 1، ثم عانت البرازيل الأمرين قبل أن تفوز بهدف كاريكا.

وفي المباراة الأخيرة كانت الخسارة بثلاثية نظيفة أمام إسبانيا. وعاد “الخضر” إلى النهائيات بعد 24 عاما من الغياب بقيادة سعدان أيضا، إذ تأهل للمشاركة في مونديال جنوب أفريقيا 2010، حيث خرج من الدور الأول بعد تعادل سلبي مع إنجلترا وخسارتين أمام سلوفينيا 0 – 1، والخسارة الثانية كانت أمام منتخب الولايات المتحدة بهدف لاندون دونافان.

القصة الأهم في تلك الفترة كانت التأهل بعد مواجهة فاصلة مشحونة أمام مصر أجريت في ملعب أم درمان بالعاصمة السودانية، حسمتها تسديدة عنتر يحيى الصاروخية.

وتفوق المنتخب الجزائري ذهابا في الجزائر العاصمة 3 – 1، قبل أن يرد المنتخب المصري إيابا 2 – 0 في مباراة أجريت في القاهرة سبقها تعرض المشجعين لحافلة المنتخب الجزائري ورشقها بالحجارة، ما أجج الخلافات بين الشعبين وصولا إلى خلاف دبلوماسي، مع شحن إعلامي من الطرفين.

بقيادة المدرب البوسني وحيد خليلوزتش، حمل منتخب ثعالب الصحراء الآمال العربية في مونديال البرازيل 2014، كونه الممثل الوحيد لهم. دخل الفريق المنافسات بطموحات كبيرة ولاسيما أن القرعة جنبته مواجهات من العيار الثقيل. واستهل المشاركة بمواجهة نظيره البلجيكي، حيث تقدم سفيان فغولي من ركلة جزاء، قبل أن يقلب “الشياطين الحمر” النتيجة في الدقائق العشرين الأخيرة، عبر مروان فلايني ودريس ميرتنس.

bb

وبالرغم من الهزيمة، إلا أن طموحات الجزائريين استمرت مرتفعة بعدما قدموا أداء قويا، وتكرس هذا الأمر مع تحقيق انتصار عريض على كوريا الجنوبية 4 – 2.

ودخل منتخب “الخضر” اللقاء الثالث بأفضلية نقطتين أمام روسيا، وبالتالي كان يكفيه التعادل ليصبح ثالث منتخب عربي يبلغ الدور الثاني بعد المغرب (1986) والسعودية (1994)، وتحقق هذا الأمر بعد مباراة بطولية في كوريتيبا.

وتقدم الروس أولا عبر ألكسندر كوكورين في الدقيقة السادسة، إلا أن إسلام سليماني أدرك التعادل برأسه (60) لتضرب الجزائر موعدا مع ألمانيا في بورتو أليغري، بمثابة لإعادة لمباراتهما في مونديال 1982.

وقدم المنتخب الجزائري “ملحمة” أخرى ضد ألمانيا، إلا أن النتيجة كانت في صالح “المانشافت” بعدما امتدت إلى وقت إضافي إثر التعادل سلبا في الوقت الأصلي.

وانتظرت ألمانيا حتى مطلع الشوط الإضافي الأول لتسجل هدف الإنقاذ عبر لاعب الوسط البديل أندري شورله ثم الحسم لمسعود أوزيل، قبل أن تقلص الجزائر الفارق عبر عبد المؤمن جابو في الدقيقة 120+1 بعد مباراة مثيرة حصلت فيها الجزائر على أفضلية في الشوط الأول وألمانيا في الثاني من دون الوصول إلى الشباك في الوقت الأصلي.

وكان الفوز الأول لألمانيا في ثلاث مباريات على الجزائر، وتابع “المانشافت” طريقه نحو منصة التتويج للمرة الرابعة في تاريخه، بينما كانت هذه المباراة الأخيرة للجزائر في المونديال بغيابها عن نسخة روسيا 2018 ونسخة العام الحالي في قطر.

18