"قسد" تربط انضمامها إلى الجيش السوري بالانتقال السياسي وكتابة الدستور

عناصر داعش في المخيمات مسألة شائكة وفي حاجة إلى جهود دولية.
الأحد 2025/01/26
الأكراد ورقة صعبة

أكراد سوريا لا يفوتون الفرصة دون تأكيد رغبتهم في الحل السياسي وحسم الخلافات عبر الحوار حتى يسحبوا البساط من تحت أقدام تركيا، التي تريد أن تصورهم كقوة مناوئة لاستقرار سوريا بعد الأسد. لكن لا يعرف مدى تفاعل الإدارة الجديدة مع الرغبة الكردية.

القاهرة- تسود حالة من الدفء بين الإدارة الجديدة في دمشق والأكراد على مستوى التصريحات والإشارات، في ظل مفاوضات تجري بين الطرفين حاليا، جاء آخرها متمثلا في قيام أسعد الشيباني وزير الخارجية بالتغريد باللغة الكردية على منصة إكس، مشيدا بالأكراد ومنوها لتعرضهم لظلم في عهد النظام السابق، ووجوب بناء بلد من الأطياف السورية كافة يشعر فيه الجميع بالمساواة والعدالة.

ولم تمنع حالة الدفء الكلامي بقاء عقدة انضمام قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى الجيش السوري الجديد، إذ أعلن وزير الدفاع مرهف أبوحصرة رفض التحاقها كفصيل واحد إنما كأفراد، بينما ربط الأكراد الانضمام إلى الجيش باكتمال عملية الانتقال السياسي وكتابة الدستور الجديد.

وأكدت ليلى موسى ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية (الجناح السياسي لقوات قسد) في القاهرة لـ”العرب” أن القضية السورية سياسية بالدرجة الأولى، ويمكن معالجة جميع الملفات والنقاط الخلافية بالحوار والنقاش طالما توجد رغبة جادة من الطرفين تشكل أرضية إيجابية يمكن البناء عليها.

وقالت إن “سيناريو المواجهة العسكرية مستبعد بين الطرفين، وننظر إلى تصريحات الحكومة الجديدة بإيجابية، ويمكن البناء عليها، ونأمل أن نلمس ترجمة تلك التصريحات إلى وقائع ملموسة“.

واعتبرت موسى أنه من المبكر الحديث عن دمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش الوطني السوري الذي يتم الحديث عنه، ما لم تكن هناك عملية انتقال سياسي شامل، ودستور متفق عليه وآلية ومنهجية لعملية الدمج، مؤكدة أن “قسد” أعلنت منذ تأسيسها أنها ستكون جزءًا من الجيش السوري.

ويبرر الأكراد موقفهم الحالي بتأجيل مسألة الانضمام إلى الجيش بأن حكومة دمشق ليست لديها السيطرة الفعلية على جميع الفصائل، خاصة فصيل “الجيش الوطني” الذي يتحرك بأوامر من تركيا ويخوض معارك مع “قسد” في منبج وسد تشرين، إلى جانب مواجهة عناصر تنظيم داعش بالشراكة مع التحالف الدولي.

وأكدت ليلى موسى لـ”العرب” أن ما تقوم به تركيا في المواجهات عند منطقة سد تشرين باستهداف المدنيين العزل لإجبارهم على التراجع هو “حرب إبادة”، ومخاطر انهيار السد على حياة الناس منافية لجميع المواثيق والأعراف الدولية، لكنّ هناك إصرارا من الشعب على حماية أراضيه ورفض الوصاية والتدخل التركي، فالمسألة بالنسبة إليه “وجود أو لا وجود”، لذلك فهو في حالة تلاحم مع القوات، وتوجد مناوبات بشكل دوري من قبل المدنيين.

وذكرت ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية بالقاهرة أن تركيا لديها أطماعها التوسعية وهي ماضية في إستراتيجيتها في سوريا، وتعمل بكل ما في وسعها لاستغلال المرحلة الانتقالية التي تشوبها الفوضى والضبابية، وتفرض نفسها وصيا على الشأن السوري، لذلك فوجود الإدارة الذاتية الكردية يشكل حجرة عثرة أمام أجنداتها، وتسعى بشتى السبل للسيطرة على سد تشرين، وحال تمكنها ستمضي في احتلال باقي المناطق.

ليلى موسى لـ"العرب": تمكن معالجة النقاط الخلافية بالحوار طالما توجد رغبة جادة من الطرفين تشكل أرضية إيجابية يمكن البناء عليها
ليلى موسى لـ"العرب": تمكن معالجة النقاط الخلافية بالحوار طالما توجد رغبة جادة من الطرفين تشكل أرضية إيجابية يمكن البناء عليها

ويبدو أن محاولة تقريب وجهات النظر بين أنقرة و”قسد” التي لعبها الزعيم الكردي مسعود بارزاني لم تسفر عن نتائج ملموسة، حيث تستمر المعارك بين الجانبين.

وقالت مصادر كردية، طلبت عدم ذكر اسمها، لـ”العرب” إن بارزاني لديه علاقات جيدة مع تركيا، وربما يحاول تخفيف التوتر بينها وبين قوات سوريا الديمقراطية، وأن اللقاء الذي جمع بارزاني بقائد “قسد” مظلوم عبدي في السادس عشر من يناير الجاري في أربيل شهد الحديث عن أهمية وحدة الموقف الكردي في سوريا، وتشكيل وفد كردي موحد للمفاوضات مع دمشق.

وأضافت المصادر ذاتها أن اللقاء يمكن أن يثمر في الفترة المقبلة عن حوار كردي – كردي يوحّد الصفوف، وهناك بعض الأطراف الكردية السورية محسوبة على بارزاني، كما قد يسهم في فك الاحتقان مع أنقرة، في ظل لقاءات تركية مع الزعيم الكردي عبدالله أوجلان، وإذا نضجت اللقاءات ستكون مفيدة للكرد في سوريا وتركيا.

وتجري في تركيا خطوات لمعالجة القضية الكردية من خلال مشاورات ولقاءات تجريها قوى وأحزاب تركية مع عبدالله أوجلان، بموافقة الدولة التركية.

وتضم سوريا جبهتين كرديتين، الأولى هي الأكبر وتطبق فكر أوجلان، وتمثلها أحزاب الوحدة الوطنية الكردية التي تشكل الإدارة الذاتية في شمال وشمال شرق سوريا وذراعها العسكرية قوات سوريا الديمقراطية، والثانية أصغر ويمثلها المجلس الوطني الكردي القريب من تركيا، وهو موال لبارزاني، وقد تفضي التطورات للوحدة بين الطرفين.

وأوضحت ليلى موسى ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في القاهرة لـ”العرب” أن “قسد” أبدت من طرفها استعدادها للحوار وحل الإشكاليات بالطرق السلمية، ومعالجة المخاوف والذرائع التركية، عبر إطلاق العديد من المبادرات، والوساطات من دول صديقة، ولكن بلا نتيجة، وما زالت أنقرة مستمرة في هجماتها عبر مرتزقتها من السوريين.

وأشارت إلى مخاوف تركيا من قيام نظام حكم ديمقراطي وطني تعددي على حدودها (في سوريا) وانتقال التجربة إلى الداخل التركي، لذلك فهي تسعى بكل السبل لفرض وصايتها على سوريا وجعلها نسخة من تجربتها في الحكم.

ولم تنفِ ليلى موسى قيام مسعود بارزاني بلعب دور وساطة بين الجانبين، قائلة “إن زيارة الجنرال مظلوم عبدي إلى أربيل أتت في إطار ترتيب البيت الكردي وتوحيد صفّه في سوريا، والحوار الكردي – الكردي القائم بين الأحزاب والتيارات الكردية في سوريا، وليس مستبعدا لعب بارزاني دور الوساطة بين قوات سوريا الديمقراطية وأنقرة، خاصة أنه تربطه علاقات جيدة مع الرئيس رجب طيب أردوغان“.

الأكراد يبررون موقفهم الحالي بتأجيل مسألة الانضمام إلى الجيش بأن حكومة دمشق ليست لديها السيطرة الفعلية على جميع الفصائل، خاصة فصيل "الجيش الوطني"

وتبقى مسألة السجون التي تضم قيادات تنظيم داعش وتشرف عليها الإدارة الذاتية وقوات “قسد” أحد الملفات العالقة، التي يشير مراقبون إلى احتمال أن يستخدمها الأكراد كورقة ضغط ضد حكومة دمشق أو تركيا في حال فشل المفاوضات والوساطات، مع استبعاد تسليم إدارة هذه السجون للإدارة السورية الجديدة في الوقت الحالي.

وعلّقت ليلى موسى على ذلك لـ”العرب” مكتفية بقولها “إن عناصر تنظيم داعش وعائلاتهم في السجون والمخيمات مسألة شائكة ومعقدة، ومعالجتها في حاجة إلى جهود دولية، ومن المبكر الحديث عنها، لأن قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي لا تزال ماضية في مكافحة التنظيم“.

وأشارت إلى أن هناك ملفات أخرى في حاجة إلى معالجتها بين الإدارة الذاتية والحكومة الجديدة، وثمة أولويات لمعالجة أوضاع السوريين.

7