قبة ساحة الوصل تاج يكلل إكسبو 2020 دبي

تشهد دبي ثورة في عالم العمارة والهندسة المعمارية، فربع عدد رافعات الأبراج في العالم تقريباً تعمل دون كلل هنا، مما يترك للناظر الكثير من روائع فنون العمارة الساحرة ليمتع ناظريه بها، آخر هذه الإبداعات نصب قبة ساحة الوصل العملاقة التي تمثل أبرز معلم في إكسبو 2020 دبي.
دبي - تكللت أشهر العمل الشاق والتخطيط الدقيق بتتويج ناجح لقبة ساحة الوصل العملاقة التي تمثل أبرز معلم في إكسبو 2020 دبي والذي سيقام على مدار 6 أشهر خلال الفترة من 20 أكتوبر 2020 إلى العاشر من أبريل 2021.
واستغرقت عملية وضع التاج الضخم في مكانه أعلى القبة العملاقة المصنوعة من الفولاذ ساعات طويلة من العمل الهندسي الشاق والدقيق.
ويصل حجم القبة إلى 724 ألف متر مكعب وارتفاعها إلى 67.5 مترا متجاوزا طول برج بيزا المائل في إيطاليا.
وتغطي القبة الفولاذية ساحة الوصل بقطر 130 مترا في قلب موقع إكسبو دبي وستكون المعلم المعماري الأحدث في المدينة. وقال رئيس اللجنة العليا لإكسبو دبي الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، “تتويج قبة ساحة الوصل هي علامة تاريخية فارقة ليس لإكسبو 2020 وحسب بل لكل دبي والإمارات العربية المتحدة”.
وأضاف “إن هذه الأيقونة العمرانية الجديدة هي ضمن قائمة من التصاميم الملهمة التي جاءت ثمرة للعمل المشترك والدؤوب، وهي مثال حقيقي على ما يمكن لبلادنا أن تفعله حينما تتوحد المهارات والمواهب لإنجاز عمل رائع”، مشيدا بجهد آلاف الفنيين والعاملين في الموقع الذين حولوا القبة إلى واقع ملموس .
تحدّ معماري
قال المهندس أحمد الخطيب الرئيس التنفيذي للتطوير والتسليم العقاري في إكسبو 2020 دبي في تصريح لوكالة أنباء الإمارات (وام)، إن “مئات من المختصين شاركوا في هذه العملية البالغة الدقة، واستخدموا معدات رفع متخصصة لإتمام هذه المهمة التي شكلت تحديا هندسيا فريدا”.
وأكد، أن تتويج قبة ساحة الوصل، شكل حدثا مذهلا بكل ما تحمل الكلمة من معان، وواحدة من العمليات الهندسية الأصعب والأكثر دقة في العالم لعدة أسباب من بينها تعقيدات الدخول إلى الموقع.
وأوضح أن “رفع كتلة بثقل وضخامة تاج قبة ساحة الوصل، عملية هندسية معقدة للغاية، فيها الكثير من المتغيرات أيضا، مثل حدوث تحول في اتجاه الرياح، أو حرارة الجو، وهي متغيرات قد تؤثر بشكل كبير على حساباتنا، لذا، فإن المتابعة وإعادة التقييم بشكل مستمر كانتا أمرا ضروريا طوال عملية رفع التاج إلى قمة القبة”.
ويمثل تتويج القبة محطة بالغة الأهمية في رحلة التحضير لاستضافة الحدث الدولي مع قرب اكتمال جميع أعمال الإنشاء الدائمة التي يقودها إكسبو 2020 بحلول نهاية العام الجاري وفقا للجدول الزمني الموضوع.
ويصل وزن المكون الفولاذي في تاج قبة ساحة الوصل إلى 550 طنا وبطول 22.5 مترا، لذا فقد كان من الضروري أن تكون في وضعها السليم والدقيق على قمة القضبان الفولاذية بهامش خطأ لا يتجاوز ثلاثة ملّيمترات.
وتمت العملية باستخدام تقنية تسمى تقنية رافعات الشد الحبلية، ووصل الوزن الإجمالي – بما في ذلك المكونات والمعدات اللازمة لرفع القبة خلال العملية- إلى 830 طنا أي ما يعادل وزن 600 سيارة صغيرة.
وتم استخدام 18 رافعة هيدروليكية مدعومة بحبال شد من الصلب المتصلة بـ18 من القوائم المؤقتة لرفع التاج الفولاذي شيئا فشيئا.
وجرى وضع التاج على قمة الهيكل الرئيسي للقبة والبالغ ارتفاعه 45 مترا فوق سطح الأرض، وتم ربطه بالهيكل القائم من خلال 53 نقطة ربط. وشارك 800 شخص ما بين فنيين وخبراء إنشاءات في متابعة العمل طوال الليل حيث عكفوا على مراقبة كل ملّيمتر من العملية بعناية شديدة باستخدام أجهزة تعمل بالنظام العالمي لتحديد المواقع “جي.بي.أس” للتأكد من وضع التاج في مكانه بدقة.
وللحفاظ على وضع القضبان الفولاذية التي تربط التاج بهيكل القبة، فقد تم شد تلك القضبان بعدد من الكابلات أثناء عملية التتويج من أجل ربط قضبان التاج الفولاذي بحلقة الضغط الوسطى المؤقتة.
وأجرت فرق العمل العديد من اختبارات الرفع لقياس حركة التاج العملاق أثناء رفعه من الأرض، وجرى ضبط كابلات الشد حتى أصبحت نقاط ربط محيط قضبان القبة في الوضع السليم اللازم لبدء عملية الرفع بالكامل.
حجم القبة يصل إلى 724 ألف متر مكعب وارتفاعها إلى 67.5 مترا متجاوزا طول برج بيزا المائل في إيطاليا
وكلل تتويج قبة ساحة الوصل جهودا استمرت على مدى 14 شهرا للتحضير لهذه اللحظة. بدأت تلك الاستعدادات عندما غادرت القطع الأخيرة من قضبان القبة الفولاذية إيطاليا في السادس والعشرين من يونيو 2018، ووصلت أولى المكونات منفصلة إلى دبي في يوليو من العام ذاته، وجرى تجميع التاج بعناية على الأرض قبل رفعه إلى مكانه.
وبعد وضع تاج القبة في مكانه، ستبدأ عملية اللحام لتثبيت التاج في هيكل القبة والتي ستستغرق 25 يوما لإتمامها.
وتجسد قبة ساحة الوصل الشعار الرئيسي لإكسبو 2020 دبي وهو “تواصل العقول وصنع المستقبل” لكونها ثمرة تعاون دولي بإسهامات من شركات من 13 بلدا.
وتم تصميم ساحة الوصل من قبل شركة الهندسة المعمارية “أدريان سميث آند غوردون جيل” التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، كما جرى توريد الفولاذ الخام الذي استخدم في بناء قبة ساحة الوصل من جمهورية التشيك والمجر وبولندا.
وعملت شركات في بلجيكا وألمانيا وإسبانيا على تشكيل منحنيات قضبان قبة ساحة الوصل الفولاذية قبل أن تعمل شركة “سيمولاي ريموند” على تجميع تلك القضبان في إيطاليا.
وجرى شحن القضبان الفولاذية على دفعات إلى دبي من خلال شركة موانئ دبي العالمية شريك إكسبو 2020 دبي للتجارة الدولية.
وستزود القبة بأحدث شاشات العرض من قبل خبراء شركة كريستي المتخصصين في السمعيات والبصريات.
احتفالات وتقنيات
قال المهندس أحمد الخطيب، إن ساحة الوصل تعد القلب النابض في موقع إكسبو 2020، وستكون القبة بمثابة شاشة عرض مبتكرة بنطاق 360 درجة، وستوفر تجربة مميزة لملايين الزوار خلال الإكسبو، حيث ستربط المناطق الثلاث في الحدث “الاستدامة والتنقل والفرص”، وستكون نقطة الالتقاء الرئيسية للزوار خلال الحدث الدولي وعلى مدى ستة أشهر.
وأعلن إكسبو دبي اختيار شركة كريستي للأنظمة الرقمية شريكا رسميا لأجهزة وشاشات العرض، ليضمن لزواره تجربة بصرية استثنائية في تاريخ معارض إكسبو الدولية.
وبموجب هذه الشراكة، ستستعين شركة كريستي – الرائدة في مجال التقنيات السمعية والبصرية – بأحدث ما لديها من تقنيات الليزر المبتكرة وسيشمل ذلك استخدام أكثر من 250 جهاز عرض متطور لتبدع مناظر من واقع الحياة على مسطح العرض في ساحة الوصل العملاقة، وستكون تلك المناظر مرئية من الأعلى أيضا.
يذكر أن تقنيات شركة كريستي المبتكرة تألقت في أفلام هوليوود الضخمة الناجحة، وفي فعاليات رياضية كبرى، وستتولى الشركة توريد جميع شاشات العرض وإدارتها في كل أرجاء موقع إكسبو، كونها صاحبة أعلى معايير في مجال تقنية العرض، وستساهم في تقديم احتفال استثنائي فريد لملايين الزوار الذين سيتوافدون على هذا الحدث الضخم.
وصمّمت ساحة الوصل لتكون ملتقى مغطى يختلف كثيرا عن غيره من المزارات في دبي، حيث ستحتضن العديد من الاستعراضات المبهرة والمناظر الطبيعية والكثير من الاحتفالات الحية التي سيتجاوز عددها 60 حفلا يوميا.
وقال الخطيب، “ستكون العروض البصرية على قبة ساحة الوصل العملاقة جزءا بارزا من هذه التجربة وشركة كريستي رائدة في هذا المجال، لذا فنحن بانتظار عروض ستحفر في الذاكرة في أنحاء موقع إكسبو دبي بفضل تقنية كريستي المبتكرة”.
من جهته قال بريان بويم المدير التنفيذي للمبيعات الدولية وتطوير الأعمال في شركة كريستي، “نتطلع إلى صنع ذكريات خالدة بواسطة عروضنا البصرية الاستثنائية ويعد جهاز العرض الليزري D4K40-RGB تحفة تكنولوجية وسيبهر العالم بعروض بصرية ثرية لا مثيل لها ترتقي بمعايير جودة الصورة، وهو ما يساهم في جعل إكسبو 2020 يرحب بالمستقبل بطريقة مبهرة لا تنسى”.
ومن المتوقع أن يستقطب الإكسبو 25 مليون زائر 70 بالمئة منهم من خارج الإمارات لذلك تعكف دبي حاليا على تطوير منظومة نقل متكاملة ومتطورة تسهم في تقديم تجربة تنقل استثنائية وفريدة من نوعها للزائرين عبر وسائل النقل الجماعي، مثل المترو والحافلات وسيارات الأجرة بالإضافة إلى السيارات الخاصة.
وقال الخطيب، ستضمن المداخل الرئيسية الثلاثة لموقع الحدث بالإضافة إلى مدخل المترو انسيابية الدخول والخروج من وإلى إكسبو دبي من خلال تخصيص 30 ألف موقف للسيارات والحافلات بهدف توفير تجربة سلسة للزوار والمشاركين.
وأشار إلى أنه تم تصميم موقع إكسبو ليتسع لـ300 ألف زائر في آن واحد مع توفير مرافق ضيافة تضم أكثر من 200 مطعم ومقهى ستقدم أشهى الأطعمة والمشروبات من كل أنحاء العالم، بالإضافة إلى الاستعداد لاستضافة أي زيادة متوقعة في أعداد الزوار من خلال خطة مرنة تسمح لهم بتقديم تجربة متميزة.
ويعد إكسبو 2020 دبي أول إكسبو دولي يقام في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، وأضخم حدث من نوعه يقام في العالم العربي، وسيشارك فيه أكثر من 200 مشارك من الدول والشركات والمنظمات المتعددة الجنسيات والمؤسسات التعليمية.