"قبة حرارية" تنغصّ حياة سكان غرب كندا والولايات المتحدة

المنازل تتحول إلى جحيم في غياب مكيّفات الهواء.
الأربعاء 2021/06/30
من اللعب بالثلج إلى الهروب من الشمس الحارقة

لطالما حذّر خبراء المناخ من التقلبات الجوية التي قد تشكل خطرا على حياة الناس. ويمر غرب كندا والولايات المتحدة بموجة حرّ قياسية أجبرت الناس على الخروج من منازلهم التي لا تحتوي على أجهزة تبريد واللجوء إلى أماكن عامة تتوفر فيها مكيفات الهواء.

أوتاوا - سجلت في غرب كندا والولايات المتحدة مستويات قياسية من الحر الناجم عن “قبة حرارية” نادرة القوة أدت إلى إغلاق مدارس ومراكز تلقيح، وإرجاء تصفيات مؤهلة لأولمبياد طوكيو، فيما لجأ مواطنون إلى مراكز مكيّفة وفرتها السلطات.

واجتاحت موجة حر تاريخية المناطق الشمالية الغربية المطلة على المحيط الهادئ بالولايات المتحدة حيث ارتفعت درجات الحرارة بشكل كبير في الوقت الذي نبه فيه المسؤولون المحليون السكان إلى ضرورة اتخاذ الاحتياطات، بينما طلبت شركات الكهرباء من المستخدمين الحد من الاستهلاك.

وقالت هيئة الأرصاد الجوية الأميركية إنه تم تحذير ولايتي واشنطن وأوريغون ومناطق من ولايات أيداهو ووايومنغ وكاليفورنيا من الحرارة المفرطة في جميع أنحاء المنطقة خلال عطلة نهاية الأسبوع وحتى الأسبوع المقبل.

وفي بورتلاند (أوريغون) وسياتل من ولاية واشنطن المعروفتين بمناخهما البارد والرطب، بلغت الحرارة أعلى مستوى لها منذ بدء التدوين في السجلات عام 1940.

القبة الحرارية الحالية نادرة الحدوث إحصائيا ولا يمكن توقع حدوثها إلا مرة كل عدة آلاف من السنين

وبلغت الحرارة 46.1 درجة مئوية في مطار بورتلاند بعد ظهر الاثنين إثر مستوى قياسي أول بلغ 44.4 درجة الأحد و41.6 درجة في مطار سياتل على ما أفادت مصلحة الأرصاد الجوية الأميركية.

واضطرت إحدى أسواق سياتل “بالارد فارمرز ماركت” إلى الإغلاق في وقت مبكر “بسبب الحر” على ما أفاد مديرها داغ فار. وأضاف “في غالب الأحيان نغلق بسبب الثلوج”.

وأعلنت مجموعة أمازون أنها ستفتح جزءا من مقرها في سياتل أمام المواطنين ليتقوا من الحر مع قدرة استيعابية تبلغ ألف شخص. ولا تتوافر مكيفات هواء في الكثير من المساكن لأن الطقس معتدل عادة في هذه المدينة.

وقال أحد سكان سياتل “يكون الطقس جميلا إذا بلغت الحرارة 21 درجة فيخرج الجميع مرتدين قمصانا قطنية، أما الآن فالأمر غريب جدا”، موضحا “أشعر وكأنني في الصحراء”.

وفي بورتلاند أيضا لجأ الكثير من السكان إلى أماكن مكيفة أمنتها السلطات المحلية.

وفتحت مقاطعة مولتنوماه التي تضم مدينة بورتلاند 11 ملجأ مكيف الهواء للطوارئ معظمها في مكتبات عامة حيث يمكن للسكان الذين ليس لديهم مكيفات الهروب من الحرارة الشديدة.

وقالت جينيفر فاينز مسؤولة الصحة بالمقاطعة في بيان “هذه حرارة تهدد الحياة”.

وكانت كيت براون حاكمة الولاية قد خففت قيود كورونا على المسارح وحمامات السباحة ومراكز التسوق قبل موجة الحر. وأثبتت حمامات السباحة أنها خيار مفضل للكثيرين الذين يسعون إلى تلطيف حرارة الجو.

Thumbnail

ونفدت مكيفات الهواء والمراوح من متاجر المدينة. وكان من الصعب أيضا شراء الثلج مما جعل بعض السكان يبردون زجاجات المياه والمشروبات الغازية في صناديق من الثلج الجاف.

وخلت المطاعم والحانات المزدحمة عادة في المدينة من الزبائن في الوقت الذي أجبر فيه ارتفاع درجة الحرارة مطاعم كثيرة على إغلاق أبوابها.

وفي مدينة يوجين أرجئت تصفيات ألعاب القوى المؤهلة لأولمبياد طوكيو الأحد بسبب الحر. وتسبب الحر الشديد والجفاف القوي في الغرب الأميركي في اندلاع حرائق خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وقد أتى حريق “لافا فاير” عند حدود أوريغون وكاليفورنيا على حوالي 600 هكتار حتى الاثنين ما اضطر السلطات إلى إجلاء بعض السكان وإغلاق طريق يربط بين المناطق.

وكشفت بيانات على الموقع الإلكتروني لمقاطعة ماريكوبا بولاية أريزونا أن المقاطعة تحقق في 53 وفاة يشتبه في أنها نتجت عن موجة حر خلال الأسبوع المنتهي في 19 يونيو، إذ سجلت درجات الحرارة اتفاعا قياسيا في المنطقة مما هدد بتعطيل شبكات الكهرباء.

وتم التأكد من ثلاث وفيات مرتبطة بموجة الحر في المقاطعة التي يقطنها أكثر من 4.5 مليون شخص حتى 19 يونيو.

ونقلت صحيفة أريزونا ديلي ستار عن أربعة علماء مناخ قولهم “إن تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري هو على الأرجح السبب في موجة الحر التي جاءت عقب سنوات من الجفاف”.

وتعود موجة القيظ هذه إلى ظاهرة معروفة باسم “القبة الحرارية” مع مرتفع جوي يؤدي إلى احتباس الهواء الحار في المنطقة.

Thumbnail

وقال خبراء الأرصاد الجوية في صحيفة واشنطن بوست إن قوة “القبة الحرارية هذه نادرة الحدوث إحصائيا ولا يمكن توقعها إلا مرة كل عدة آلاف السنين”، مضيفين “إلا أن التغير المناخي الناجم عن النشاط البشري جعل هذه الظواهر الاستثنائية أكثر ترجيحا”.

وقال نيك بوند عالم المناخ في جامعة واشنطن، إن التغير المناخي يشكل “عاملا” في هذا الوضع إلا أنه “ثانوي”.

وأوضح “العامل الرئيسي هو ظاهرة القبة الحرارية هذه غير الاعتيادية. لكن التغير المناخي واقع وقد أدى إلى ارتفاع حرارة الأرض ما زاد من حدة هذه الظاهرة”.

أما الوضع في غرب كندا فقد كان أسوأ، ففي بلدة ليتون الواقعة شمال غرب فانكوفر بلغت الحرارة مستوى قياسيا مع تسجيل 47.9 درجة مئوية الاثنين.

وكانت أعلى درجة حرارة مسجلة في كندا حتى الآن 45 في مدينتين في مقاطعة ساسكاتشوان في الخامس من يوليو 1937.

وقد نفدت مكيفات الهواء والمراوح من متاجر المنطقة في حين أقيمت مراكز في المدن للاتقاء من الحر والحصول على مشروبات في حين ألغيت حملات تلقيح ضد فايروس كورونا وأقفلت مدارس.

ويتوقع أن يتسبب الضغط الجوي المرتفع الذي يحبس الهواء في المنطقة إلى تسجيل مستويات حرارة قياسية جديدة خلال الأسبوع.

وأصدرت هيئة البيئة في مقاطعتي بريتيش كولومبيا وألبيرتا وفي بعض مناطق ساسكاتشوان ويوكون ومناطق شمال غرب البلاد تنبيهات جراء الحر.

وأوضحت أن “موجة طويلة من الحر الخطر وغير المسبوق ستتواصل طوال الأسبوع”.

وقال ديفيد فيليبس كبير خبراء المناخ في الهيئة، إن هذا الوضع يثير “قلقا جادا” على الصحة خصوصا أنه متواصل منذ أيام عدة.

------------

 

20