قانون تنظيم عمل الخادمات في تونس يزيد من تهميشهن

تونس - كشفت مناقشة مشروع القانون المتعلق بتنظيم العمل المنزلي عن العديد من الثغرات القانونية التي لا تضمن حقوق الخادمات وعمّال المنازل، وفق رأي نواب لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي بالبرلمان، الذين ناقشوا مشروع القانون.
ويتضمن قانون تنظيم العمل المنزلي 30 فصلا تتوزع على خمسة أبواب هي الأحكام العامة، شروط العمل المنزلي، التزامات طرفي العمل المنزلي، المراقبة والعقوبات بالإضافة إلى أحكام مختلفة وختامية.
وقال رئيس لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي، فيصل الطاهري، إن القانون تضمّن جملة من الثغرات والنقائص خاصة في ما يتعلق بعنوان القانون الذي يهتم بتنظيم العمل المنزلي، موضحا أن مصطلح العمل المنزلي واسع ويشمل جميع الأعمال التجارية والربحية في المنازل، في حين أن الهدف من القانون هو حماية الخادمات فقط.
وأكد الطاهري في تصريح لوكالة تونس أفريقا للأنباء، أن مشروع القانون يصطدم بصعوبات تطبيقية كبرى، خصوصا في ما يتعلق بممارسة الأعمال الرقابية من قبل متفقدي الشغل داخل حرمة المنازل لإثبات بعض الانتهاكات على غرار التحرش الجنسي.
وأشار إلى أن العديد من العقوبات الزجرية والخطايا المالية التي تضمنها القانون من شأنها أن تنفّر المشغّلين من انتداب الخادمات الإناث أو الخدم الذكور.
بدورهم، عبّر العديد من النواب عن تحفظاتهم بشأن البنود التي تضمنها مشروع القانون مشيرين إلى أنها سطحية وغير قادرة على ضمان العمل اللائق للخادمات.
وقال النواب إن مشروع القانون لم يتطرق بشكل صريح إلى موضوع التحرش الجنسي أو إلى تنظيم عمل أفراد الجالية الأفريقية في المنازل بالنظر إلى الانتهاكات التي يتعرضون إليها بسبب وضعياتهم الهشة، وفق تعبيرهم.
مصطلح العمل المنزلي واسع ويشمل جميع الأعمال التجارية في المنازل في حين أن الهدف من القانون هو حماية الخادمات فقط
وحذّروا من وجود بعض الثغرات القانونية في مشروع هذا القانون التي قد تشكل منفذا للمخالفين من أجل ارتكاب تجاوزات مقنّنة، كما دعا آخرون إلى تضمين القانون كل الآليات التي تضمن حقوق العاملات المنزليات في ظل انتشار ظاهرة الاستغلال الاقتصادي والاتجار بالبشر والتحرش الجنسي، لاسيما لفئة الأطفال القصر.
وكانت شيماء عيسى، مكلفة بمهمّة بديوان وزيرة المرأة، قد أكدت أن ضمان حقوق الخادمات بالمنازل هو هدف السلطات الرسمية في تونس، وذلك بمراجعة مجلة الشغل والانضمام إلى الاتفاقية العالمية الخاصة عدد 189.
وقالت في تصريح سابق لـ”العرب”، إن عدد الخادمات المنزليات في تونس يبلغ 40 ألفا يعملن في القطاع غير المنظم، مشيرة إلى أن العدد المعلن عنه لا يعكس حجمهن الحقيقي، حيث يصعب حصر عددهن باعتبارهن لا يعملن في القطاع المنظم.
وأضافت أن أغلبهن يعانين من فقدان مواطن الشغل جراء أزمة كوفيد – 19، مشيرة إلى أنه حتى المقيمات منهن استغنى عنهن مشغّلوهن، خوفا من العدوى، واحتراما لمبدأ التباعد الاجتماعي، ما خلق لديهن أزمة مالية أدت إلى تشتت أسرهن. وأكدت على ضرورة احترام حقوقهن مشيرة إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة المرأة تعملان على المزيد من العناية بهذه الفئة الهشة، خاصة وأنهن العائل الوحيد لأسرهن في العديد من الأحوال.
بدورها، أكدت عروسية السعيدي مديرة الشؤون القانونية والنزاعات بوزارة الشؤون الاجتماعية أن مشروع هذا القانون يمثل خطوة مهمة لإصلاح أوضاع هذا الصنف من العمال وتوفير ظروف العمل اللائق للخادمات وعمّال المنازل وحماية جميع حقوقهم المادية والاجتماعية من كافة أشكال الاستغلال أو سوء المعاملة أو الاعتداءات.
وقالت إن القانون يحجر تشغيل الأطفال القصر كخدم في المنازل، كما يحجر التوسط في تشغيل عمال المنازل ويسلط على الوسطاء عقوبات مالية وسجنية، كما ينص على تشغيل العامل المنزلي لدى مشغل واحد بمقتضى عقد شغل محدد أو غير المدة وذلك عن طريق مكاتب التشغيل أو عن طريق مكاتب إسداء الخدمات القانونية.
وأضافت السعيدي في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، أن مشروع هذا القانون ينظّم جيدا العلاقة بين المُشغّل والعامل بمقتضى عقد عمل يحمي حقوق الطرفين ويخضع إلى أحكام مجلة الشغل، ويضبط العقد راتب العامل المنزلي حسب الراتب الأدنى المضمون المعمول به في مختلف المهن وذلك بنظام العمل 48 ساعة في الأسبوع سواء كان الخلاص بالشهر أو بالساعة.
وأكدت أن القانون المتعلق بتنظيم العمل المنزلي ينطبق على العامل المنزلي سواء كان تونسيا أو أجنبيا، مشيرة أيضا إلى أنه يمكن تطبيق القانون عدد 58 لسنة 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة أو بالقانون أو القانون 61 المتعلق بمنع الاتجار بالأشخاص لمكافحة ظاهرة العنف أو التحرش الجنسي.
وكانت دراسة قامت بها جمعية النساء التونسيات الدمقراطيات عن خادمات المنازل بإقليم تونس الكبرى قد بينت أن قطاع الخادمات بقي خارج المنظومة الحمائية تماما بسبب ارتفاع نسبة التهميش الذي تعاني منه النساء على المستوى التشريعي والاقتصادي والاجتماعي.
وأكدت الدراسة أن 3 عاملات فقط من جملة 102 لديهن عقد شغل، وأن 61 في المئة منهن لا يتمتعن بالعلاج المجاني وأن 86 في المئة منهن يتعرضن للاعتداء اللفظي.
وأشارت الدراسة إلى تفاقم هشاشة قطاع عمال المنازل لاسيما في أوساط النساء وارتفاع حالات العنف والتمييز ضدهن في فترة ما بعد جائحة فايروس كورونا المستجد وفترة الحجر الصحي الشامل.