في سفينة نوح
على الرغم من الدور الريادي والمؤثر الذي لعبه جيل ستينات القرن العشرين الأدبي في العراق وإسهاماته في ترسيخ الحياة الثقافية، يعاني من تبقى منه وضعاً مشتتاً وعزلة اختيارية نتيجة لعدم انسجامهم مع الممارسات المختلفة التي باتت تعتري الحياة الثقافية العراقية.
ومازال الباقون منهم يواصلون تجاربهم الإبداعية ببسالة منقطعة النظير، لا سيما في مجال الرواية والقصة القصيرة، ومازالت الأجيال الأدبية اللاحقة لهم تتذكر دورهم في إغناء تجاربهم عندما كانوا في مرحلة من المراحل بمثابة القاطرة التي تسحب قطار الأدب في مرحلة سبعينات وثمانينات القرن الماضي، قبل تبدد المشهد الثقافي العراقي كله لاحقاً نتيجة الحروب والأزمات والحصارات المتلاحقة.
ومازال الباقون من أبناء هذا الجيل يواصلون عطاءهم ومنجزهم الإبداعي بإخلاص يحتم الاحتفاء بهم وبتجاربهم المضيئة، فثمة أدباء كبار مازالوا يعيشون بيننا من أمثال عبدالرحمن مجيد الربيعي وعبدالخالق الركابي وأحمد خلف ومحمد خضير وجمعة اللامي وخضير عبدالأمير وباسم عبدالحميد حمودي وغيرهم الكثير ممن لم تسلط عليهم الأضواء في السنوات الأخيرة أو آثروا الاكتفاء والانشغال بتواصل كتاباتهم لينجزوا لنا روايات ومجاميع قصصية مهمة أغنت المشهد الثقافي العراقي لجهة اختلاف تجاربهم وتأسيساتهم، وحريّ بالجهات المسؤولة عن الثقافة في العراق الاحتفاء بهم والاعتراف بفضلهم على الثقافة والإبداع العراقي عامّة وتقديم تجاربهم بطبعات جديدة للقارئ العراقي الجديد.
وإذا كان الكاتب والروائي العراقي الكبير عبدالرحمن مجيد الربيعي قد خرج بمشروعه الإبداعي إلى كل من بيروت وتونس منذ سبعينات القرن الماضي، واكتفى الكاتب والروائي الكبير جمعة اللامي بالتواصل من منفاه الاختياري في الإمارات، فإن روائيين عراقيين كبارا من أمثال محمد خضير وعبدالخالق الركابي وأحمد خلف مازالوا يواصلون مشاريعهم الكتابية من داخل العراق بإخلاص وحب وتفان لقضية الأدب المجرّدة، على الرغم من صعوبة الأوضاع الاقتصادية والنشر هناك.
كاتب عراقي