في دافوس لا حديث سوى عن "تشات جي.بي.تي"

الذكاء الاصطناعي التوليدي يغير قواعد اللعبة.
الجمعة 2023/01/20
العالم بعد الذكاء الاصطناعي ليس كما قبله

بفهمه العميق للغة المكتوبة والمنطوقة، وقدرته الفائقة على كتابة تعليقات على القصائد الشعرية مرورا بنظريات العوالم الموازية، وصولا إلى شرح ميكانيكا الكم بعبارات بسيطة، وكتابة أوراق بحثية ومقالات كاملة، وكتابة برامج وتطبيقات حسب الطلب، لا غرابة بعد ذلك أن يكون "تشات جي.بي.تي" حديث الجميع في دافوس.

دافوس (سويسرا) - لا يمكن لعمالقة الأعمال الذين يجوبون ثلوج جبال الألب التوقف عن الحديث عن روبوت محادثة من سان فرانسيسكو. الذكاء الاصطناعي التوليدي، التكنولوجيا التي يمكنها اختراع أي محتوى تقريبا يمكن لأي شخص التفكير فيه وكتابته في نص من بضعة سطور، لا يكتسب فقط اهتمام المستثمرين في وادي السيليكون ولكن كسب اهتمام المجتمعين بدافوس للمنتدى الاقتصادي العالمي.

الحديث بالطبع عن "تشات جي.بي.تي"، وهو برنامج لمعالجة اللغة، يتفاعل مع المستخدم من خلال الحوار كتابة على الموقع الإلكتروني الخاص به، وكان قد أطلق في نوفمبر 2022، ويعمل وفق آلية "تعلم الآلة". ويمكن للبرنامج صياغة النثر أو الشعر أو حتى رمز الكمبيوتر عند الطلب.

البرنامج من إنتاج شركة "أوبن إيه.آي" التي تأسست عام 2015 بمشاركة أيلون ماسك وجريج بروكمان وإيليا سوتسكيفر وسام التمان. والبرنامج هو أحدث نماذج تعلم الآلة وقد تم إنشاؤه على رأس عائلة نماذج روبوتات المحادثة وتعلم اللغات والمسماة OpenAI’s GPT-3، ويخضع لإشراف دقيق للغاية لتطوير اللغة التي يستجيب بها لطلبات المستخدمين من خلال ما يسمى بتقنيات التعلم المعزز من ردود الفعل البشرية.

ويتم تشغيل "تشات جي.بي.تي" بواسطة الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يستحضر محتوى جديدا بعد التدريب على كميات هائلة من البيانات، وهي تقنية تسمح مايكروسوفت للمزيد من المستخدمين بالتقدم لاستخدامها.

قدرات خارقة

بوكس

يتيح الحوار مع البرنامج الإجابة على أسئلة المتابعة والاعتراف بأخطائه ورفض الطلبات غير الملائمة. وبحسب تجارب شخصية لمستخدمين وثقوا استخدامهم للبرنامج الجديد في فيديوهات على المنصات المختلفة وفي تغريدات على تويتر، فإن هناك انطباعا عاما لدى البرنامج باعتزازه بنفسه وبما يقوم به.

ويحب البرنامج أن يصف نفسه بأنه "نموذج ذكاء اصطناعي لمعالجة اللغة"، ما يعني أنه برنامج قادر على فهم لغة الإنسان بالشكل الذي يتم به التحدث بها وكتابتها، مما يسمح له بفهم المعلومات التي تضاف إليه وتتم تغذيته بها بشكل مستمر ودائم والتفكير قبل التلفظ بأي رد على طلبات المستخدم، وهو ما يحدث بسرعة فائقة بالطبع.

والبرنامج ذو قدرة خارقة مقارنة بكل برامج الذكاء الاصطناعي من حيث فهمه العميق للغة المكتوبة والمنطوقة، الأمر الذي يمنحه نطاقا واسعا للغاية من القدرات، بدءا من كتابة تعليقات على القصائد الشعرية مرورا بنظريات العوالم الموازية وصولا إلى شرح ميكانيكا الكم بعبارات بسيطة أو كتابة أوراق بحثية ومقالات كاملة.

ويقول مستخدمون إن البرنامج استجاب لطلبات خاصة بكتابة الموضوع بشكل ساخر، وأنه يستطيع فهم الكثير من الأمور المعقدة الواردة في الأسئلة، وأن قوته الحقيقية تكمن في سرعة استجابته وفهمه للغة المستخدمة في الأسئلة، بشكل مثير للإعجاب، منتجا مقالات كاملة بأسلوب جيد للغاية، وهو ما أثار مخاوف خبراء في مجال التعليم حيث بدأ مسؤولو مدرسة في مدينة نيويورك حجب أداة الكتابة المثيرة للإعجاب والمثيرة للجدل والتي يمكن أن تولد فقرات من نص يشبه الإنسان، خشية أن يلجأ الطلاب لاستخدامها في تحضير المواضيع المطلوبة منهم.

وبحسب تجارب مستخدمين، فإن البرنامج يمتنع عن الإجابة عن الأسئلة عندما تشكل الردود نوعا من الخطر، سواء للسائل أو للمجتمع بوجه عام، ليتوقف حينها عن المساعدة في مثل هذه الطلبات الخطرة، بل إنه يوقفك عن طرح المزيد من الأسئلة بشأن تلك الموضوعات "الضارة".

وقالت مايكروسوفت إنها تقوم بفحص تطبيقات المستخدمين للتخفيف من إساءة الاستخدام المحتملة للبرنامج، ويمكن لمرشحاتها فحص المحتوى الضار الذي قد يدخله المستخدمون أو قد تنتجه التكنولوجيا.

وطرح المسؤولون التنفيذيون في الشركات تطبيقات واسعة النطاق للتكنولوجيا الناشئة، من استخدامها كمساعد برمجة إلى خطوة إلى الأمام في السباق العالمي من أجل التفوق في الذكاء الاصطناعي والعسكري. ومن بين رواد المؤتمر الذين لديهم مصلحة كبيرة في تطوير التكنولوجيا شركة مايكروسوفت، التي قال رئيسها التنفيذي ساتيا ناديلا إن تقدم التكنولوجيا لم يكن خطيا.

وفي مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال أكد ناديلا أن قدرات الذكاء الاصطناعي سوف "تحول بشكل جذري" جميع منتجات مايكروسوفت. وكانت مايكروسوفت قد ساهمت باستثمار بقيمة 1 مليار دولار في “أوبن إيه.أي” ومقرها سان فرانسيسكو، وهي تتطلع لزيادة قيمة استثمارها، حسبما ذكرت في تصريح تزامن مع بدء المؤتمر.

وذكر موقع Semafor الإخباري في وقت سابق من هذا الشهر أن مايكروسوفت قد تستثمر 10 مليارات دولار. وامتنعت مايكروسوفت عن التعليق على أي صفقة محتملة.

شريك فكري

◙ مايكروسوفت تقوم بفحص تطبيقات المستخدمين للتخفيف من إساءة الاستخدام المحتملة للبرنامج
◙ مايكروسوفت تقوم بفحص تطبيقات المستخدمين للتخفيف من إساءة الاستخدام المحتملة للبرنامج

وقالت مصادر من مايكروسوفت إن الشركة تخطط لتسويق "تشات جي.بي.تي" لزبائنها في مجال الحوسبة السحابية. وعملت الشركة أيضا على إضافة برنامج توليد الصور من "أوبن إيه.أي" إلى محرك بحث بينغ الخاص بها في تحد جديد لشركة غوغل التابعة لشركة ألفا بت.

وقد حصلت الإمكانات التجارية لمثل هذه البرمجيات على استثمارات ضخمة في رأس المال الاستثماري في الشركات الناشئة التي تنتجها، في وقت جف فيه التمويل. بالفعل، استخدمت بعض الشركات التكنولوجيا لإنشاء محتوى تسويقي أو إظهار كيف يمكنها التفاوض على فاتورة الكابل.

وقالت مايكروسوفت إن كارماكس وكيه. بي.إم.جي وآخرين يستخدمون خدمة Azure OpenAI ويمكن أن يساعد البرنامج بشكل خاص المؤسسات الإعلامية والصحف على صياغة الأخبار وكتابة التقارير الصحفية وترجمة المحتوى.

ماثيو برينس: تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدية جيدة بما يكفي لتكون مبرمجا مبتدئا
ماثيو برينس: تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدية جيدة بما يكفي لتكون مبرمجا مبتدئا

في وقت لاحق الثلاثاء شارك السياسي الفرنسي جان نو بارو في حلقة نقاش مع مسؤول تنفيذي في مجموعة سوني حول تأثير التكنولوجيا التي قال إنها ستترك أثرا عميقا في المجال السياسي.

ويرى ماثيو برينس الرئيس التنفيذي لشركة Cloudflare، وهي شركة تدافع عن مواقع الويب ضد الهجمات الإلكترونية وتقدم خدمات سحابية أخرى، أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدية جيدة بما يكفي لتكون مبرمجا مبتدئا أو "شريكا فكريا جيدا حقا".

وفي لقاء على هامش الاجتماع، كشف برينس أن الشركة كانت تستخدم هذه التكنولوجيا لكتابة التعليمات البرمجية على منصة العاملين الخاصة بها. وتستكشف أيضا كيف يمكن لهذه التكنولوجيا الإجابة على الاستفسارات بشكل أسرع لمستخدميها مجانا.

وقال أليكس كارب الرئيس التنفيذي لشركة بلانتير تكنولوجيز، وهي مزود برمجيات يساعد الحكومات على تصور تحركات الجيش أو الشركات التي تفحص سلاسل التوريد الخاصة بها، من بين مهام أخرى عديدة، إن مثل هذه التكنولوجيا الذكية يمكن أن تكون لها تطبيقات عسكرية عديدة.

وقال كارب من مكان تواجده في دافوس "فكرة أن شيئا مستقلا يمكن أن يحقق نتائج من الواضح أنها مفيدة للحرب". وأضاف أن الدولة التي تتقدم بسرعة أكبر في تطوير الذكاء الاصطناعي "ستحدد قانون اللعبة على الأرض”، متابعا أنه يجدر التساؤل كيف ستلعب التكنولوجيا دورا في أي صراع مع الصين.

وكما جاء في مقال على موقع المنتدى الاقتصادي العالمي: تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي هي "تغيير قواعد اللعبة التي يحتاج المجتمع والصناعة إلى الاستعداد لها".

12