فنانة تونسية تبرع في دور المرأة الشعبية في الدراما المصرية

للسنة الثانية على التوالي تثبت عائشة بن أحمد علو كعبها في تجسيد دور الفتاة الصعيدية، وهي القادمة من بيئة تونسية مغايرة تماما للأجواء المصرية، عن إتقانها “اللكنة” وعن دورها في المسلسل الرمضاني الحالي “أبوجبل” أمام النجم المصري مصطفى شعبان التقت “العرب” بن أحمد في القاهرة أين استقرت منذ أربع سنوات، فكان هذا الحوار.
القاهرة – تشارك الفنانة التونسية عائشة بن أحمد بدور البطولة في المسلسل المصري “أبوجبل”، وتؤدي فيه شخصية “مريم” الزوجة التي تعيش في إحدى المناطق الشعبية بالقاهرة أمام الفنان المصري مصطفى شعبان، بعد أن جسدت العام الماضي دور الفتاة الصعيدية في مواجهة محمد رمضان في “نسر الصعيد”، ما جعلها على طريق تثبيت أقدامها في الدراما الاجتماعية.
وقالت بن أحمد في حوارها مع “العرب”، إن فهمها لتركيبة شخصية الفتاة في المناطق الشعبية يرتبط بحضورها المستمر في مصر منذ أربع سنوات، واستطاعت أن تكوّن فكرة صحيحة عن شكل السيدة البسيطة التي تضحي من أجل الحفاظ على أسرتها، وأفادتها استعانتها بصديقاتها المتزوجات للتعرف على التفاصيل الصغيرة في حياتهنّ.
أم ثكلى
وجدت عائشة بن أحمد العديد من النماذج التي تشبه شخصية “مريم” في الشارع المصري من ناحية طريقة ملابسها وأسلوب حديثها وردود الأفعال المرتبطة بالمشكلات التي تمر بها، واستفادت من خبراتها الفنية السابقة في الدراما المصرية والتي بدأت منذ أربع سنوات.
وتؤدي عائشة دور سيدة متزوجة ولديها ثلاثة أطفال، فقدت اثنين منهم في حريق مدبر التهم منزلها بعد أن تركتهم لقضاء بعض أغراضها استعدادا للسفر بصحبتهم للتنزه، لتكون جزءا رئيسيا من تركيبة الصراع الذي نشب بين زوجها (حسن أبوجبل الذي يجسده الفنان مصطفى شعبان)، وعائلته بحثا عن القاتل الحقيقي للأبناء ويتورط زوجها في عدد كبير من الأزمات التي تقلب حياته رأسا على عقب.
وأكدت بن أحمد في حوارها مع “العرب” أنها حاولت من خلال المسلسل أن تحاكي تفاصيل المرأة التي تمر بأحداث فارقة تغيّر مسار حياتها، وهو ما ظهر في العمل من خلال عدم وضعها مستحضرات تجميل في غالبية المشاهد، وكان التركيز بشكل أساسي على تفاصيل ملامح الشخصية بما تتعرّض له من مشكلات نفسية واجتماعية.
وأوضحت أنها “تفضل أن يظهر الفنان بوجهه الطبيعي حتى تظهر ملامح الوجه ولغة العينين بطبيعتهما وألاّ تكون مغلقتين بسبب الرموش المصطنعة، فالممثل الجيد نرى جميع أحاسيسه من خلال عينيه، ومكياج الممثل الحقيقي الإضاءة التي تجعل وجهه جميلا، وحاولت بقدر المستطاع في العمل الظهور بشكلي الطبيعي، إلاّ إذا تطلب الأمر غير ذلك من خلال مشهد فرح، على سبيل المثال”.
وكشفت أنها تبحث عن المصداقية خلال تجسيدها للشخصيات التي تؤديها، ودور السيدة التي تفقد أبناءها لا يتطلب التركيز على المظهر بقدر الحاجة إلى التعرف على تعبيرات تصل إلى المشاهد، ولا يرتبط نجاح الفنان بجمال شكله أمام الشاشة بقدر تجسيده لروح الدور الذي يقوم به.
وأشارت إلى أن العديد من مشاهد المسلسل، التي غلب عليها الطابع الإنساني، كانت بحاجة إلى استخدام لغة العيون وتعلمت كيفية أدائها من خلال مشاركتها في أعمال قدمتها لفائدة السينما التونسية، وهو ما ساعدها في التعبير عن أوجاعها، لأن شخصية مريم كانت ترى أن صمتها على ما تعرّضت له من مشكلات أبلغ من الكلام.
وشدّدت على أن محور الشخصية تسبب في وجود مشاهد عديدة بحاجة إلى استعداد نفسي قبل تصويرها، وأن مشهد تعرض ابنيها للحرق أمام عينيها استغرق حوالي أربع ساعات من دون أن يكون هناك فاصل حتى لا تخرج عن الحالة النفسية التي وصلت إليها، وظلت حوالي يومين تستعد لمشاهد الصراخ التي جاءت به.
انتقادات ومؤاخذات
مع أن الفنانة التونسية عائشة بن أحمد تؤكد دائما أنها تحاول البحث عن أدوار جديدة للظهور بها، لكنها واجهت انتقادات عدة هذا العام من خلال تكرار تفاصيل قريبة من دور “ليلى” الزوجة الصعيدية في مسلسل “نسر الصعيد” أم محمد رمضان العام الماضي، وتجلى ذلك بوضوح في تكرار نوعية الملابس التي ارتدتها في العملين، واللون الأسود الطاغي بدرجة كبيرة.
وأوضحت في حوارها مع “العرب”، أن طريقة الحديث وطبقات الصوت وأفعال الشخصية مختلفة في العملين، وبالطبع الأداء لم يكن واحدا، والتشابه في الملابس والحجاب في الشخصيتين يرجع إلى طبيعة البيئة التي تعيش فيها والتي تتشابه بين الصعيد والمناطق الشعبية، لكن شكل الحجاب يختلف بين المصرية في الصعيد والفتاة التي تقطن إحدى مناطق القاهرة الشعبية.
واعترفت الفنانة التونسية بتعرضها للكثير من الانتقادات جراء شخصية مريم، لكنها جزء ممّا وجّه إلى العمل بشكل عام، وهي تأخذ في اعتبارها ذلك وتتعلّم منه، بل وترحّب به، ما يساعدها على أن تكون مختلفة في الأعمال التي تختارها في المستقبل.
الفنان يفضل أن يظهر بوجهه الطبيعي للتعرف على ملامح الوجه ولغة العيون، و"أبوجبل" أكد لعائشة هذه المسألة
وتعرّض مسلسل “أبوجبل” للعديد من الانتقادات من ناحية القصة التي ترتكن إلى الحديث عن الظلم الاجتماعي الذي تكرّر في غالبية الأعمال الدرامية وتقاربه مع قصة مسلسل “أيوب”، الذي قام ببطولته الفنان مصطفى شعبان أيضا العام الماضي، فضلا عن نمطية أداء بعض الممثلين والممثلات. ولفتت بن أحمد إلى أن المسلسل لا يمكن الحكم عليه قبل الوصول إلى نقطة النهاية والتي ستشهد تحوّلات عديدة، وستكون الحبكة الدرامية أكثر جذبا في الحلقات الأخيرة والتي تطغى عليها الجوانب الإنسانية بعيدا عن الإطار الاجتماعي.
وأكدت عائشة بت أحمد في حوارها مع “العرب”، أنها ما زالت تتلقى ردود أفعال إيجابية على مسلسل “السهام المارقة”، والنجاح الذي حقّقه في منطقة الخليج العام الماضي انتقل إلى الجمهور المصري هذا العام، ما يشي بأن الأعمال الجيدة تلقى تقديرا من الجمهور وإن لم تحصل على نسب مشاهدات مرتفعة في عرضها لأول مرة. وترى بن أحمد أن العدد القليل للأعمال الفنية يصب لصالح فرز الأعمال الجيدة من عدمه، وكثرة المسلسلات في السنوات الماضية أهدر حق العديد من النجوم الذين لم تكن لديهم الفرصة الكافية للظهور، ما جعل البعض من الأعمال تحقق شعبية أكبر في أثناء إعادتها بعد رمضان..
وتركز الفنانة التونسية على الظهور في أحد الأعمال التاريخية أو ذات الطبيعة السياسية خاصة مثل فيلم “أوغسطينوس ابن دموعها” أو “السهام المارقة”، مع مشاركتها في أعمال يمكن تصنيفها على أنها تجارية مثل “نسر الصعيد” أو “أبوجبل” أو “الخلية”، ما يساهم في تنوع تجربتها. وأشارت إلى أن حضورها في الدراما المصرية يهدف إلى إثبات قدراتها التمثيلية بعد أن كانت تسعى إلى تخطي عقبة اللهجة والتي ركزت عليها في معظم تدريباتها السنوات الماضية، تحديدا أثناء تجربة “ألف ليلة وليلة”، لافتة إلى أن الطاقة التي وجهتها لتعلم اللهجة تستغلها حاليا للتحضير النفسي الذي يمهد لتقمص الشخصية بشكل أكثر احترافية.