فلسطيني يكتفي بساق واحدة لاحتراف رياضة الباركور

أول أكاديمية في فلسطين تحتضن محبي رياضة الباركور، وهي رياضة يعتبرها الناس خطرة وصعبة، لكنها لعبة تتطلب تركيزا ومهارة.
الثلاثاء 2021/01/26
القفز على المستحيل

لو تعلقت همة المرء بما يبدو مستحيلا لناله إذا تسلح بالعزيمة والثقة في النفس، كما يطمح الشاب الفلسطيني محمد عليوة، الذي يتدرب بعكاز وساق واحدة على رياضة الباركور، عازما على أن يكون محترفا في رياضة المصاعب التي تتطلب شجاعة وقوة عضلات.

غزة (فلسطين) – مستندا على عكازيه، يقفز الشاب محمد عليوة نحو تحقيق حلمه بأن يصبح محترفا في رياضة الباركور، وهو يتنقل برشاقة بين كتل إسمنتية خلفتها الحروب غرب مدينة غزة.

ازداد شغف محمد (18 عاما) بهذه الرياضة حديثة العهد في القطاع، بعد أن فقد ساقه اليمنى قبل عامين برصاص إسرائيلي.

وانطلقت رياضة باركور القائمة على الوثب من نقطة إلى أخرى وتخطي عوائق وأسطح داخل المدن، في فرنسا في تسعينات القرن الماضي، قبل أن تنتشر في مختلف أرجاء العالم، بما في ذلك في القطاع منذ حوالي 16 عاما.

خلال زيارته إلى مستشفى الأطراف الصناعية والتأهيل في شمال غزة، يتحدث عليوة عن شغفه باللعبة، يقول “بعد إصابتي أصبحت رياضة الباركور تحديا أمامي، شعرت أني إذا نجحت في هذه اللعبة الخطرة والصعبة، فإن اجتياز أي أمر آخر في الحياة يصبح سهلا”.

ويضيف الشاب المقيم في حي الشجاعية غرب مدينة غزة، “شعرت بالحماسة وأنا أرى أصدقائي يمارسون لعبة الباركور أمامي”.

ويمارس عشاق رياضة الباركور في غزة هوايتهم في المقابر والمباني المهجورة، حيث يتعرضون كثيرا للإصابة خلال القفزات عالية الخطورة فوق الحواجز، لكن الأوضاع تبدلت الآن وأصبح بإمكانهم ممارسة رياضتهم في مكان أكثر أمانا، بعد أن فتحت أول صالة لهذه الرياضة وتم تجهيزها بصناديق خشبية وحشايا.

وصار الشبان الصغار يقفزون فوق الصناديق، ويقومون بحركات التفاف ودوران في الهواء، قبل أن يسقطوا على الحشايا المبطنة.

ويقول عليوة “طلبت منهم مساعدتي على السير بواسطة العكازين تدريجيا، إذ بدأت بالتأرجح ثم القفز مثلهم”.

ويضيف وهو يحجب بيديه أشعة الشمس الساطعة عن عينيه “أشعر بالإحباط أحيانا، حين ألعب الباركور، أشعر أني قد لا أتمكن من المشي بساقين مرة ثانية، لكني ما زلت قادرا على القفز والتحليق، هذا يمنحني طاقة هائلة”.

شغف برياضة حديثة
شغف برياضة حديثة

ويختار اللاعبون مناطق تعاني دمارا كبيرا كمواقع للتدريب، نظرا لتنوع الارتفاعات في هذه الأماكن المقفرة، إلى جانب توفيرها مساحات واسعة للعب بحرية.

وأفاد جهاد أبوسلطان (32 عاما) بأنه استغل انتشار رياضة الباركور في السنوات الأخيرة في القطاع لافتتاح “أول أكاديمية متخصصة في تعليم الباركور في فلسطين”.

وافتتحت الأكاديمية التي يعمل فيها ثلاثة مدربين، والتي تقع في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة قبل شهرين، بدعم من مؤسسة (وال رانر) الفرنسية.

وعلى موقعها الإلكتروني تقول الأكاديمية التي تحمل اسم المؤسسة الداعمة نفسه، “بالنسبة لجيل من الشباب الفلسطينيين الذين نشأوا في ظل نقص فادح في فرص العمل، أصبح الباركور وسيلة للتعبير عن الذات والهروب وأسلوب حياة أحيانا، الفكرة في هذه الرياضة أن تجد طريقك الخاص بنفسك”.

يقول المدرب أبوسلطان “تعلمت ممارسة هذه الرياضة منذ عام 2005، لم يكن لدينا حينها مكان نتدرب فيه، كنا نشاهد فيديوهات تعليمية على يوتيوب، ونقوم بالتدرب عليها في المقابر وعلى ركام المنازل التي دمرتها إسرائيل”.

ويضيف أبوسلطان أن “الباركور رياضة يعتبرها الناس خطرة، لكنني أراها رياضة تتطلب تركيزا ومهارة، نعلمهم في هذا النادي كيفية قهر الخوف”.

ورغم أنه يشير إلى ضعف ميزانية الأكاديمية الناشئة، إلا أنه يفخر بأنها باتت تضم سبعين منتسبا، بينهم سبع فتيات. كما لفت إلى الإعداد لتنظيم أول بطولة خلال فبراير المقبل.

وانضم أحمد أبوحطب (23 عاما) إلى أكاديمية الباركور مؤخرا. ويقول “وفرت الأكاديمية لنا أدوات التعليم والتدريب ووسائل الحماية، وهذا ساعدني شخصيا على مواجهة الخوف.أنا غير قلق على سلامتي”.

قهر الخوف
قهر الخوف

 

24