فلسطينيون في غزة لا يكترثون لمقتل رئيسي

منسق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة يحذر من مجاعة في القطاع المحاصر.
الثلاثاء 2024/05/21
تأمين الغذاء أهم من الرثاء

دير البلح (الأراضي الفلسطينية) - على عكس ما كان يروج على نطاق واسع بأن القيادة الإيرانية تحظى بشعبية لدى الفلسطينيين في غزة، فنّد عدم اهتمام سكان القطاع بمقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كل ذلك.

ويقول محللون إن عدم اكتراث سكان القطاع المدمر بمقتل رئيسي يعكس فشل الأجندات الإيرانية في حشد تأييد شعبي يمكن التعويل عليه في سياساتها طويلة الأمد في المنطقة.

ويشير المحللون إلى أن فلسطينيي غزة يفصلون جيدا بين دعم القيادة الإيرانية لحركة حماس التي تحكم القطاع وزجت بهم في حرب غير متكافئة وبين دعم أولويات المتساكنين والحرص على مصلحتهم.

ويحمّل عدد من سكان غزة القيادة الإيرانية مسؤولية ما يحدث في القطاع عبر تسليحها لحركة حماس وتوظيفها في تحقيق أجنداتها ومصالحها في المنطقة، برغم نفي طهران علمها المسبق بهجوم حماس على إسرائيل يوم السابع من أكتوبر الماضي لكنها أشادت به ووصفته بأنه  نجاح.

وأعرب فلسطينيون التقتهم وكالة فرانس برس في قطاع غزة الاثنين عن “عدم اهتمامهم” بمقتل الرئيس الإيراني الذي قضى مع مسؤولين آخرين في حادث تعرّضت له مروحية كانت تقلّهم في شمال غرب إيران.

فلسطينيو غزة يفصلون جيدا بين دعم إيران لحركة حماس التي زجت بهم في حرب غير متكافئة وبين دعمها لهم

وفي حين أشادت حركة حماس التي استولت على السلطة في القطاع في العام 2007، بالرئيس الإيراني مشيرة إلى مواقفه “المشرّفة في دعم قضيتنا الفلسطينية”، قال بعض السكان، من بينهم حسام عبدالله، إنّ إبراهيم رئيسي “لا يعني شيئا” بالنسبة إليهم.

وأضاف عبدالله “مع كلّ هذا الدمار والخراب اللذين عانينا منهما، لم يعرنا أيّ بلد اهتماما. لماذا علي أن أهتمّ بهذا الرجل وهو لم يجلب لنا سوى الخراب؟”.

ومن جهتها، أكّدت ربى العزايزة، وهي أحد سكان دير البلح في وسط غزة، أنّ وفاة رئيسي “لا تهمّني أبدا”. وقالت “لا أشعر أبدا بالحزن عليه. أبكي فقط على شعبي الذي يموت كل يوم… وعلى حقيقة أنّ لا أحد يهتمّ بنا”.

وفي السابع من أكتوبر، نفّذت حركة حماس هجوما على الأراضي الإسرائيلية أسفر عن مقتل 1170 شخصا، غالبيتهم من المدنيين، وفقا لتعداد أجرته فرانس برس استنادا إلى بيانات رسمية إسرائيلية.

واحتجز في الهجوم 252 رهينة، 125 منهم ما زالوا في غزة، بحسب تقديرات إسرائيل، بينهم 36 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.

ومنذ ذلك الحين، تنفّذ إسرائيل ردا مدمّرا على قطاع غزة تسبّب في مقتل 35562 شخصا، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.

وقال ناجي خضير، وهو من سكّان غزة، إنّ رئيسي “لم يدعمنا قط، ولم يفِ بوعوده، ولم يدع إلى وقف لإطلاق النار، ولم يكن إلى جانبنا أبدا”، مضيفا “إنّه لا يعنينا على الإطلاق”.

وجاء الإعلان عن وفاة رئيسي بعد أكثر من شهر على شنّ إيران هجوما غير مسبوق على إسرائيل ليل الثالث عشر – الرابع عشر من أبريل، ردا على تدمير مبنى قنصلية طهران في دمشق مطلع أبريل بضربة نسبت إلى الدولة العبرية وأسفرت عن مقتل سبعة عناصر في الحرس الثوري، بينهم قياديان، أحدهما كان أكبر مسؤول عسكري إيراني في سوريا.

وفي هجومها على إسرائيل، استخدمت طهران 350 طائرة مسيّرة وصاروخا، جرى اعتراض معظمها بمساعدة من الولايات المتحدة ودول أخرى حليفة للدولة العبرية.

الأولوية للطعام
الأولوية للطعام

ويمثل الوصول إلى الغذاء من أوكد الأولويات في القطاع الذي يشارف سكانه على المجاعة، حيث توقف تسليم المساعدات بشكل شبه كامل منذ سيطر الجيش الإسرائيلي على معبر رفح.

وفي ظل إغلاق المعابر البرية الرئيسية أو عملها بشكل محدود، بدأت بعض إمدادات الإغاثة تصل غزة عبر ميناء عائم مؤقت أنشأته الولايات المتحدة. لكن وكالات إنسانية وأخرى تابعة للأمم المتحدة تؤكد أن المساعدات عبر البحر أو الجو لا يمكن أن تحل محل المساعدات التي تدخل برا.

وقال منسق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة مارتن غريفيث الأحد إن تضييق الخناق على المساعدات التي تصل إلى غزة ينذر بعواقب “مروعة”، محذرا من مجاعة في القطاع المحاصر.

وأفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الاثنين بأن أكثر من 810 آلاف شخص فروا من رفح جنوب قطاع غزة خلال الأسبوعين الماضيين.

وقالت الأونروا، في منشور على صفحتها بموقع فيسبوك، “إن النزوح مستمر في غزة.. وفي كل مرة تشرد فيها عائلات، تتعرض حياتها لخطر جسيم”.

وأضافت “يضطر الناس إلى ترك كل شيء خلفهم بحثا عن الأمان.. لكن لا توجد منطقة آمنة.. يجب وقف إطلاق النار الآن”.

ورغم الضغوط الدولية والإقليمية لوقف إطلاق النار في غزة والتوصل إلى هدنة تبدو إسرائيل ماضية في خططها ولا بوادر حتى الآن على تراجعها.

6