فرق كرة قدم جزائرية اشتهرت بأسماء مشجعاتها

شباب بلوزداد يُنعت باسم "صليحة"، ومما يزيد في صعوبة معرفة المرأة المعنية أنها تُنعت بلا اسم ولا لقب مما جعل التكهنات تتضارب بخصوص من هي "صليحة" المعنية.
الخميس 2023/11/02
صليحة وبشرى وصوفيا كلهن مشجعات

الجزائر - نصر حسين داي واحد من أعرق النوادي الجزائرية ومدرسة عريقة في كرة القدم أنجبت الكثير من النجوم المتميّزين، منهم الأسطورة رابح ماجر وشعبان مرزقان ومحمود قندوز الذين لعبوا دورا حاسما في فوز الجزائر على ألمانيا الغربية عام 1982، ورفيق حليش أحد أبرز نجوم الكرة الجزائرية في بدايات القرن الحالي.

النادي ورغم تاريخه الحافل بالإنجازات يقبع الآن في الدرجة الثانية ويحاول في كل مرة العودة إلى الأضواء، ورغم ارتباطه بألمع نجوم الكرة في الجزائر إلا أنه لم يرتبط في الذاكرة الشعبية “الحديثة” بأي منهم مثلما ارتبط بالممثلة بشرى عقبي، إلى درجة أصبح يسمى فريق “بشرى”.

لا أحد يعلم على وجه اليقين إن كانت الفنانة بشرى قد ارتبطت بالنادي يوما وإن كانت أصلا من مشجعيه، لكن أمر ارتباطها به يعود إلى شخصية “سارة” في المسلسل الكوميدي الجزائري الشهير “جمعي فاميلي”.

في إحدى حلقات السلسلة، تقدّم لخطبتها شخص بدا مصرّا على الارتباط بها، فتصنّعت شخصية فتاة سوقية متمردة، تقول له إنها من مشجعي “الملاحة” (وهو الاسم الشعبي لنادي نصر حسين داي)، ومن يومها أصبحت جماهير نوادي الجزائر العاصمة المنافسة مثل مولودية الجزائر واتحاد الجزائر وشباب بلوزداد يقولون إن “الملاحة” هو “نادي بشرى عقبي” في محاولة للسخرية منه والحط من معنويات منتسبيه.

وردا على تهكم مشجعي مولودية الجزائر ينسب محبو “الملاحة” المولودية إلى “خالتي بوعلام”، وهي شخصية من المسلسل نفسه أدتها الفنانة فريدة كريم، التي تشجع بالفعل الفريق الذي يسميه أنصاره “العميد”.

ملاعب الكرة بقيت ذكورية إلا في استثناءات، مثلما حدث سنة 2010 عندما سُمح للنساء بحضور مباراة الجزائر ضد صربيا

وفي الحقيقة إن ارتباط فرق كرة القدم الجزائرية بأسماء نساء ليس وليد ذلك المسلسل بل هو ممتد في التاريخ. وفي هذا الصدد يُنعت شباب بلوزداد باسم “صليحة” الذي قيل عنه الكثير، ومما يزيد في صعوبة معرفة المرأة المعنية أنها تُنعت بلا اسم ولا لقب مما جعل التكهنات تتضارب بخصوص من هي “صليحة” المعنية.

ويقول الصحافي مروان قاديري وهو من أنصار الشباب “بعض الناس سامحهم الله ذهبوا حد القذف عندما نعتوا صليحة بأوصاف غير لائقة، والحقيقة أن المعنية هي الشهيدة صليحة واتيكي ابنة حي بلكور الذي أصبح يسمى لاحقا بلوزداد، والشهيدة ماتت وعمرها لا يتعدى الخمسة عشر عاما”.

ويضيف قاديري أن الشهيدة صليحة سقطت في ميدان الشرف في أحداث 11 ديسمبر 1960، وأنه من الشرف أن يرتبط شباب بلوزداد الذي يحمل اسم المناضل الكبير محمد بلوزداد وهو واحد من أبرز من خططوا للثورة التحريرية، باسم الشهيدة.

لكن أنصار نوادي الجزائر العاصمة المنافسة يشككون في ارتباط اسم الشباب بالشهيدة، ويقول البعض إن اسم صليحة حمله الكثير من الناس وليس حكرا عليها، بل أن البعض وصل به التهكم بربط الشباب باسم “صليحة تشقلالة” وهي شخصية من مسلسل “الدامة” الذي بثه التلفزيون الرسمي الجزائري في رمضان الماضي.

ولم يشتهر ناد كروي بمشجعة مثلما كان الأمر في اتحاد الحراش الذي كان يضم إلى جماهيره “خالتي ميمونة” التي كانت مشجعة وفية لنادي الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، وفي وقت كانت الملاعب حكرا على الرجال في ثمانينات القرن العشرين كانت السيدة تمثّل الاستثناء حيث لا تتردد في دخول الملعب بلابسها التقليدي الجزائري ولا همّ لها إلا متابعة ناديها المفضل متحملة الكلام غير اللائق الذي يتفوه به بعض المشجعين.

ورغم مرور السنين الطويلة على وفاة السيدة ميمونة ما يزال الأوفياء يحتفظون بصورة لها وهي بين المشجعين في “ملعب 5 يوليو” وتبدو في كامل زينتها وترتدي ملابس جديدة غير تلك التي اشتهرت بها.

Thumbnail

ويقول رابح بزاي ابن حي الحراش وواحد من قدماء مناصري الاتحاد إنه يذكر تاريخ الصورة جيدا ويعود تاريخها إلى عام 1987 عندما نشّط ناديه المفضل نهائي كأس الجزائر ضد جيل برج منايل.

ويضيف رابح “في ذلك اليوم الذي فاز به الاتحاد بكأس الجمهورية، وبينما كان الأنصار يتأهبون للذهاب إلى ملعب 5 يوليو، فكّر البعض في تكريم تلك السيدة بطريقة خاصة، حيث تبرعوا لها ببعض المال، صرفت بعضه عند الحلاقة والبعض الآخر على ملابس جديدة، وكانت الفرحة كبيرة عندما سجّل اللاعب حكيم مدان هدف الفوز ونزلت خالتي ميمونة ترقص في الملعب رفقة الجماهير التي عادت إلى حي الحراش محمّلة بالكأس الغالية”.

وعندما كانت الملاعب حكرا على الرجال، كانت “خالتي عائشة” تصنع الاستثناء وهي المشجعة الوفية لنادي وفاق سطيف، حيث كانت تدخل الملعب معززة مكرّمة غير بعيد عن المقصورة الشرفية لملعب 8 مايو 1945، وبلغ حبها للنادي أن اشتغلت منظّفة لمقره وهناك تعرفت على اللاعبين والمسيرين الذي كانوا يعتبرونها والدة لهم. وكان الوفاق في كل مرة يتوّج فيها بلقب جزائري أو عربي أو أفريقي لا تكتمل فرحة أنصاره إلا بحضور السيدة عائشة وهي تردي لباس “الملاية” التقليدية المعروفة في ولايتي سطيف وقسنطينة وبعض مدن الشرق الجزائري الأخرى.

وبقيت ملاعب كرة القدم الجزائرية ذكورية بامتياز إلا في حالات استثنائية، مثلما حدث سنة 2010 عندما تم السماح للنساء بدخول ملعب 5 يوليو بمناسبة مباراة الجزائر الودية ضد منتخب صربيا، وفي مناسبات أخرى عندما خصصت الملاعب للنساء بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة.

لكن الوضع تغيّر الآن وأصبحت النساء منافسات بقوة في تشجيع نوادي كرة القدم الجزائرية والعالمية ويظهر ذلك جليا من خلال الملاعب التي لم تعد حكرا على الذكور، ومن خلال شبكات التواصل الاجتماعي التي أصبحت تعجّ بالمشجعات إلى درجة أصبح فيها نجوم كرة القدم بمثابة فرسان أحلام الفتيات منهم النجوم المحليون ومنهم النجوم العالميون، وليس عجبا أن تنعت فتاة نفسها بـ”عاشقة محرز” أو “عاشقة رونالدو”.

وبلغ تعصب بعض المشجعات حدّ التنقل مع المنتخب في رحلاته إلى أدغال أفريقيا وهو حال المشجعة المعروفة “صوفيا” التي لا تتأخر عن أي سفرية ولا همّ لها إلا تشجيع المنتخب الجزائري والدفاع عن جمال بلماضي المدير الفني لـ”محاربي الصحراء” المثير للجدل.

16