فرعون البيتكوين يشيد هرما خياليا في البرازيل

ريو دي جانيرو (البرازيل) - اقتحمت الشرطة الفدرالية البرازيلية مهبط طائرات هليكوبتر في فندق على شاطئ البحر في ولاية ريو دي جانيرو، واعتقلت رجلين وامرأة حملوا مروحية بمبلغ 1.3 مليون دولار.
وقال المحتجزون للشرطة إنهم يعملون لدى شركة استثمار بالعملات المشفرة أسسها نادل سابق تحول إلى مليونير، وهو الشخصية المركزية فيما يُزعم أنه إحدى أكبر الجماعات الهرمية في البرازيل على الإطلاق.
وتقول الشرطة إن الشركة مملوكة لدوس سانتوس البالغ من العمر 38 عاما، أدارت معاملات لا تقل قيمتها عن 7 مليارات دولار في الفترة بين عام 2015 وحتى منتصف 2021، كجزء من استثمار قائم على البيتكوين، وعد من خلاله المساهمين بعوائد شهرية نسبتها 10 في المئة.
☚ نظام البرازيل المالي ساهم بنمو جاذبية العملات المشفرة بعد السماح بالاستثمار في العملات الرقمية عام 2018
وفي مئات الصفحات من الوثائق، اتهمت الشرطة الفدرالية والشرطة سانتوس بإدارة مخطط للاحتيال على الآلاف من صغار المستثمرين بعملة البيتكوين. وهو يقبع الآن في سجن ريو في انتظار المحاكمة بتهم تشمل الابتزاز والجرائم المالية والأمر بقتل ومحاولة قتل اثنين من منافسيه. وأكد سانتوس مرارا وتكرارا براءته.
وعلى الرغم من الاتهامات، تحول سانتوس إلى بطل في أعين أنصاره. حيث ينظر إليه كثيرون على أنه رجل أسود متواضع، ساهم عمله في البيتكوين بتحويلهم إلى أثرياء.
وتؤكد القضية أيضا على الشهية المتزايدة بسرعة للعملات المشفرة في البرازيل، حيث جعلت سنوات من الأزمات الاقتصادية والسياسية العملات الرقمية درعا جذابا ضد انخفاض قيمة العملة المحلية.
وكانت حماسة البيتكوين عالية في كابو فريو، حيث يقع مقر الشركة. وارتفعت الإيرادات، مما أدى إلى إثراء المساهمين الأوائل. وشجع ذلك على ظهور شركات مقلدة تسعى لجني الأموال. وتبعت ذلك موجة من العنف المرتبط بسوق العملات المشفرة. ومع وجود العديد من المجموعات الهرمية المزعومة، أُطلِق على سانتوس لقب “فرعون البيتكوين”.
وتقول الشرطة إن سانتوس بدأ التداول بعملة البيتكوين عام 2014 وذلك بعد أن ترك وظيفته كنادل. وعمل على تجنيد عملاء من الكنيسة العالمية “ملكوت الله”، وكان سابقا قد تدرب فيها كواعظ، ووعد بفائض لأولئك الذين جلبوا مجندين جدد.
واتهمت الكنيسة العالمية سانتوس في بيان “بمضايقة وتجنيد” القساوسة وأتباعهم للانضمام إلى شركته.
وبحلول 2017 كان سانتوس يربح أموالا طائلة جذبت إليه انتباه السلطات. وتضاعف إجمالي معاملات شركته في ذلك العام 15 مرة أكثر. ولاحظت وحدة الاستخبارات المالية في الدولة أيضا أن الشركة (المسجلة كمطعم) كانت تتداول العملات المشفرة بانتظام على منصات التبادل عبر الإنترنت.
وعد من خلالها سانتوس العملاء بعائد شهري يصل إلى 10 في المئة على استثماراتهم، وذلك على عقود آجلة، من 12 إلى 48 شهرا، لكنهم لم يمتلكوا عملات البيتكوين التي يُزعم أنها اشتريت بأموالهم. ورغم ذلك نجح في إقناعهم بأن استثماراتهم خالية من المخاطر مؤكدا لهم أنهم سيستعيدون استثماراتهم الأولية بالكامل في نهاية العقد.
ومع تزايد حمى البيتكوين، أصبح سانتوس سريعا أحد المشاهير في كابو فريو. وقال جيلسون سيلفا دو كارمو، البالغ من العمر 52 عاما، أحد ضحايا سانتوس المزعومين “إذا أراد الترشح لمنصب رئيس البلدية، بل وحتى الحاكم، فإنه سيفوز”.
وكان الشاب البدين ذو النظارات السميكة يعكس الحياة الراقية، حيث اشترى مجوهرات باهظة الثمن وشقة فاخرة، مع تدفق العقود من أماكن أخرى في أميركا اللاتينية والولايات المتحدة وأوروبا. ويقول الخبراء إن القوانين البرازيلية المتساهلة التي تنظم العملات المشفرة ساعدت في تعزيز صعود سانتوس.
ويساهم النظام المالي في البرازيل بنمو جاذبية العملات المشفرة، فقد سمح لصناديق الاستثمار في البلاد بالاستثمار في العملات الرقمية في عام 2018، وتكون البرازيل في ذلك ثاني دولة في العالم تسمح بذلك.
على الرغم من الاتهامات تحول سانتوس إلى بطل في أعين أنصاره ورجل متواضع ساهم عمله في تحويلهم إلى أثرياء
ألهم نجاح سانتوس الآخرين، ودفع منافسين لإعطاء وعود بعائدات أعلى، تصل إلى 20 في المئة أو أكثر شهريا. بالطبع، لم يكن سانتوس سعيدا بذلك. وبعد فترة وجيزة، قُتل ويسلي بيسانو، تاجر عملة مشفرة، بالرصاص في سيارته البورش. واتهمت الشرطة سانتوس بإصدار أوامر القتل.
وبعد ذلك ربطت شرطة ولاية ريو بينه وبين محاولتي قتل جديدتين. حيث أطلقت النار على تاجر أثناء قيادته سيارته عبر كابو فريو. وبعد ثلاثة أشهر، استُهدف مشغل تابع لشركة أخرى، وأصيبت سيارته بـ40 رصاصة. ونجا كلا الرجلين.
ووصلت الأمور إلى ذروتها عندما احتجزت شرطة ريو 7 ملايين ريال برازيلي في مهبط طائرات فندق إنسوليتو بوتيكي خارج كابو فريو. وتبع ذلك تحقيق استمر لأشهر في أعمال سانتوس.
داهمت الشرطة الفدرالية على إثرها أكثر من عشرة مواقع مرتبطة بالشركة، بما في ذلك منزل سانتوس حيث عُثر على 2.5 مليون دولار وتم اعتقاله. كما عثُر على محركات أقراص صلبة تحتوي على 10 أضعاف هذه الكمية في البيتكوين والسبائك الذهبية والمجوهرات والعديد من السيارات الرياضية.
ووجهت التهم أيضا إلى 16 من زملائه، من بينهم دياز زيربا زوجة سانتوس، التي غادرت البلاد قبل أسابيع من اقتحام الشرطة ويعتقد أنها في فلوريدا، وفقا للسلطات. ويقولون إنها سحبت ما قيمته 185 مليون دولار من عملة البيتكوين.
ولا تزال الشرطة البرازيلية تحاول الكشف عن الحجم الحقيقي لإمبراطورية سانتوس. وحدد المدعون ما لا يقل عن 27 ألف ضحية في ما لا يقل عن 13 محافظة برازيلية وسبع دول أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والبرتغال.
وقال لوسيانو ريجيس المحامي الذي يمثل العشرات من الضحايا، إن الحصيلة الحقيقية من المرجح أن تكون أعلى من ذلك بكثير. وتابع “يصعب إجراء محادثة مع أي شخص في كابو فريو لا يعرف شخصا استثمر معه”.