فرانشيسكو توتي مسيرة قيصر كتب التاريخ بكل صوره مع الألقاب

روما- أحيانا تغيب المفردات ولا تجد اللغة طريقها في وصف الكامن من الأشياء خصوصا المتعلقة منها بمرحلة حساسة من تاريخ اللاعبين، بل من تاريخ النجوم الكبار والعمالقة، وهذه المرحلة تتعلق باللحظة المناسبة لاختيار طريق الاعتزال وإنهاء المسيرة.
المسألة تتعلق بالنجم الإيطالي فرانشيسكو توتي الشهير بـ”قيصر روما” الذي اختار إنهاء حقبة مظفرة بالألقاب وحفر اسمه في سماء العاصمة الإيطالية روما.
فقد وضع توتي حدّا لمسيرته في الملاعب معلنا اعتزاله كرة القدم بعد 25 موسما في صفوف فريق روما ومؤكدا أنه سيشرع في فصل جديد من حياته بتولي مسؤولية إدارية مع نادي العاصمة.
وقال النجم الإيطالي “الجزء الأول من مسيرتي كلاعب انتهى، والآن جزء أكثر أهمية على وشك أن يبدأ”، في إشارة إلى تولّيه منصبا إداريا في ناديه الأم. وأضاف “حتى الـ28 من مايو الماضي كنت أفكر فقط في ممارسة كرة القدم والاستمتاع وتقديم مساهمة كبيرة للفريق، الآن أنا أطوي الصفحة”.
النجم الإيطالي يتطلع الآن لنقل الحماس والعزيمة اللذين كانا يتمتع بهما كلاعب إلى منصبه الجديد، حيث سيبدأ عمله كمدير لنادي طفولته
لقاء الوداع
الوداع كان بإجراء آخر لقاء خاضه توتي ضد فريق جنوى ضمن المرحلة الثانية والثلاثين من الدوري الإيطالي، وحمل تدوين القيصر للمباراة رقم 786 مع الذئاب ضمن مسيرة سجل فيها 307 من الأهداف منها 250 هدفا في بطولة الدوري. وفاز روما في تلك المباراة 3-2 وضمن المركز الثاني في الدوري خلف يوفنتوس والبطاقة المباشرة المؤهلة لمسابقة دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل.
وكان فريق العاصمة بحاجة إلى الفوز لأن نقطة واحدة فقط كانت تفصله عن نابولي الثالث في نهاية البطولة. ومن أبرز إنجازات توتي إحراز كأس العالم 2006 مع إيطاليا وبطولة إيطاليا 2001 مع روما. وقال عملاق روما “لديّ 25 عاما وأكثر من التاريخ مع روما”، مؤكدا أن “الملعب منحني الكثير وأنا حاولت أن أقدم الكثير لهؤلاء الناس الذين أظهروا يوما بعد يوم حبهم الكبير لي”.
وغصت مدرجات ملعب “أولمبيكو” في العاصمة بالمشجعين لحضور المباراة الأخيرة لتوتي مع “غالوروسي”، فكانت احتفالية رائعة لتوتي ودّع فيها العديد منهم بالدموع، وهو النجم الذي بقي وفيا للفريق منذ مباراته الأولى عام 1993 في سن السادسة عشرة.
وبعد أن أكد توتي أن مباراة جنوى ستكون الأخيرة له مع فريق العاصمة وأنه سينتقل لخوض تحدّ جديد، تحدثت تقارير إعلامية كثيرة عن احتمال انتقال النجم الإيطالي إلى الولايات المتحدة للالتحاق بفريق ميامي (في الدرجة الثانية) الذي يدربه مواطنه وصديقه أليساندرو نيستا، لاعب ميلان ولاتسيو سابقا، والمتوج معه بمونديال 2006، فيما ذكرت تقارير أخرى تلقيه عروضا من فرق قطرية وإماراتية.
عروض متروكة
جاءت آخر العروض الراغبة في الحصول على خدمات توتي من اليابان وتحديدا من نادي طوكيو فيردي الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية، الذي أعلن اهتمامه بالقائد السابق لنادي روما، قبل أن يعلن في اليوم نفسه تخلّيه عن فكرة ضمه بسبب عدم رغبة زوجة اللاعب في الانتقال إلى الشرق الأقصى.
وترجّح تقارير صحافية أن زوجة النجم الأسطوري فرانشيسكو توتي مثلت السبب المباشر في إعلان اعتزاله، بعدما اعترضت على انتقاله لفريق طوكيو فيردي الذي ينافس بدوري الدرجة الثانية الياباني. وقال هيدياكي هانيو، نائب رئيس النادي الياباني، إن صفقة انتقال توتي لم تتم لأنه “لم يحظ بمباركة عائلته لهذه الخطوة”.
وأضاف “كنت أنوي التوجه لإيطاليا لبحث تفاصيل التعاقد مع توتي، لكن كل شيء انتهى الآن”. ونقلت تقارير صحافية عن رئيس النادي الياباني هيدياكي هانيو قوله “في النهاية، لم يتمكن توتي من الحصول على موافقة زوجته. لسوء الحظ، ليس أمامنا سوى خيار الانسحاب” من المفاوضات بشأن توتي. وبالإضافة إلى العرض الياباني تلقّى توتي عروضا أخرى أيضا جاء أبرزها من فريق ميامي الأميركي، بيد أن اللاعب خيّر وضع حدّ لمسيرته ليختار طريق اعتزال كرة القدم.
|
كشف روما الإيطالي عن تعيين النجم الكبير فرانشيسكو توتي في منصب جديد بالنادي بعد نهاية مسيرته كلاعب. ومن المنتظر أن يخوض توتي تجربة الإدارة الفنية جنبا إلى جنب مع المدير الرياضي للنادي مونشي والمدرب الجديد للفريق أوزيبيو دي فرانشيسكو الذي خلف لوتشيانو سباليتي، والأخير لم تكن علاقته جيدة بتوتي في الموسم الماضي فقد أشركه مرة واحدة أساسيا مقابل 13 مرة لعب كاحتياطي.
وقال توتي عن المهمة الجديدة “إنها بداية مرحلة جديدة، إنها مغامرة جديدة تبدأ الآن.. أريد أن أكون كل شيء ولا شيء، أريد أن أكون شخصية مهمة في روما ولروما وأن أفهم حقا ما سأفعله”.
وأوضح النجم الإيطالي أنه يتطلع الآن لنقل الحماس والعزيمة اللذين كانا يتمتع بهما كلاعب إلى منصبه الجديد، حيث سيبدأ عمله كمدير لنادي طفولته “كان من الرائع أن ألعب كرة القدم، لكن لكل شيء نهاية، مرت 25 سنة شهدت خلالها تطور علاقة رائعة مع روما”.
وخاض توتي مباراته الأولى مع روما وهو في عمر الـ16 عند الفوز 2-0 على بريشيا ولعب مع 16 مدربا مختلفا خلال 25 موسما مع نادي العاصمة التي ولد فيها. وشارك في 786 مباراة وأحرز 307 من الأهداف من بينها 250 هدفا في الدوري، وهو ثاني أعلى لاعب من حيث رصيد الأهداف في الدوري خلف سيلفيو بيولا الذي لعب في الفترة من 1929 إلى 1954.
تاريخ حافل
أنهى توتي مشواره كلاعب في روما بعد تاريخ طويل امتد مع فريق العاصمة إلى 25 عاما، وشارك القائد الإيطالي في 786 مباراة في مختلف البطولات (رقم قياسي) مع فريق العاصمة خلال مشواره المتميز.
ورحل نجم روما عن روما لكنه ترك بصمات من المستحيل أن تمحى من تاريخ النادي، فاللاعب هو الهداف التاريخي للنادي في مختلف البطولات، وموسمه الأخير مع روما كان الموسم رقم 25 له مع الدوري الإيطالي، ليعادل رقم أسطورة أي سي ميلان باولو مالديني كأكثر اللاعبين مشاركة في مواسم كرة القدم الإيطالية في السيري آي. وشارك ملك روما في إجمالي 619 مباراة في تاريخ السيري آي، ليكون ثالث أكثر اللاعبين ظهورا في المسابقة خلف باولو مالديني وجيانلويجي بوفون.
ولعب توتي أول مباراة له بقميص روما وهو في السادسة عشرة من عمره، واعتزل وهو في سن الأربعين، وحمل شارة قيادة الفريق وهو في سن الـ22، ليكون أصغر قائد في تاريخ النادي وتاريخ الدوري الإيطالي، وساهم توتي في تحقيق روما للقب الدوري الإيطالي في موسم 2000-2001، وهو لقب الدوري الوحيد للاعب في مسيرته مع الذئاب.
ونجح توتي في عام 2006 في تحقيق لقب كأس العالم مع منتخب بلاده إيطاليا، وشارك اللاعب في مباريات فريقه السبع بالمسابقة التي أقيمت في ألمانيا وقتها، وسجّل توتي هدفا وصنع 3 أهداف وكان من بين نجوم منتخب الآتزوري الذي حقق اللقب الرابع في تاريخه مع المسابقة. وبعدها قرر توتي اعتزال اللعب دوليا بعد 58 ظهورا بقميص منتخب بلاده.
ولم يحقق توتي في موسم 2006-2007 المجد مع روما، لكنه حققه على المستوى الشخصي عندما فاز بجائزة الحذاء الذهبي في الكالتشيو، وكذلك على المستوى الأوروبي عندما سجل 26 هدفا في السيري آي. وفي موسم 2014-2015 أصبح فرانشيسكو توتي أكبر لاعب يسجل هدفا في تاريخ دوري الأبطال، عندما سجل هدف التعادل في مرمى مانشستر سيتي، وهو بعمر الـ38 عاما و3 أيام، ثم قام بتدعيم رقمه بعدها بشهر من خلال تسجيله في مرمى سيسكا موسكو.
مشوار فرانشيسكو توتي مع كرة القدم انتهى، لكن قصته مع روما ستبقى من أشهر وأجمل قصص الوفاء والانتماء لعالم الساحرة المستديرة
وتظل أبرز وأشهر لحظات قائد الذئاب عندما تمكن من تسجيل هدفين في مرمى الغريم التقليدي والجار لاتسيو في مباراة الديربي التي جمعت بين الفريقين في عام 2015 وانتهت بالتعادل 2-2. وسجل فرانشيسكو توتي يومها هدفي فريقه ليقلب تأخر الذئاب بنتيجة 0-2 إلى تعادل وجاء احتفاله الشهير بالتقاطه صورة “سيلفي” أمام مدرجات جماهير فريقه وأصبح توتي بعد هذه المباراة الهداف التاريخي في الديربي برصيد 11 هدفا (مناصفة مع دينو دا كوستا).
مشوار توتي مع كرة القدم انتهى، لكن قصته مع روما ستبقى من أشهر وأجمل قصص الوفاء والانتماء لعالم الساحرة المستديرة. وفرانشيسكو هو النجم الوحيد الذي يقرر "يويفا" منحه "جائزة الرئيس" وهي جائزة خاصة بعد مسيرته الطويلة مع فريق العاصمة روما.
وجاء فوز توتي بهذه الجائزة التي قدمها له رئيس الاتحاد الأوروبي على غرار الألماني فرانز بيكنباور والهولندي يوهان كرويف والإنكليزي بوبي تشارلتون والبرتغالي إيسيبيو والإيطالي باولو مالديني.
وقال رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم حينها أليكساندر سيريفين "جائزة الرئيس تعبر عن الإنجازات الكبيرة والتميز الاحترافي وضرب المثل العليا في الشخصية".
وأضاف "كل هذه القيم عبر عنها فرانشيسكو توتي، الرجل الذي خدم روما ربع قرن من الزمان، أقدم التهاني لتوتي على مسيرته المميزة وإخلاصه المذهل والتزامه نحو روما وكرة القدم".