فتاوى التحريم تطارد معقمات اليدين

غلاة المشرعين الإسلاميين يعتبرون تنظيف اليدين بالمطهرات أشبه بغسلها بالدم.
الأربعاء 2021/03/31
معضلة المحرمات لا تنتهي

تصاعدت الأصوات المحرمة للمعقمات التي تستعمل الكحول في عملية تصنيعها، في وقت يشدد فيه خبراء الصحة على أهمية النظافة وغسل اليدين لمنع انتشار فايروس كورونا.

لندن - بينما يكافح العالم بأسره للنجاة من جائحة كورونا التي تهدد الحياة الطبيعية والاقتصاد يجد معظم المسلمين أنفسهم منشطرين بين تطبيق الإرشادات الصحية، التي تدعو إلى استخدام المطهرات لتجنب العدوى بالفايروس، وبين فتاوى رجال الدين المتناقضة التي لا تجمع على تحريمها أو تحليلها.

وأثارت مجموعات سياسية ودينية إسلامية جدلا جديدا بشأن المعقمات المضادة للفايروسات والبكتيريا، في محاولة لتسويغ فكرة مفادها أن معقمات الأيدي تدخل ضمن المواد المحرمة، نظرا لاحتوائها على مواد كحولية لا تجيزها الشريعة الإسلامية، فيما يشدد خبراء الصحة على أهمية النظافة وغسل اليدين لمنع انتشار الفايروس.

تفادي العدوى

ويحذر الأطباء من أن الفايروس يدخل جسم الإنسان من خلال العينين والأنف والفم، ويمكن للأيدي غير المغسولة جيدا أن تساهم في تلوث الأطعمة والمشروبات عند تحضيرها أو استهلاكها.

وتعتبر معقمات اليدين التي تحتوي على 60 إلى 70 في المئة من الكحول هي الأكثر فاعلية، فإذا قلّت النسبة عن ذلك لن تكون قادرة على قتل الفايروسات.

وقالت إليزابيث سكوتو الباحثة في علم الميكروبات بمركز سيمونز للصحة والنظافة في جامعة بوسطن إن “درجة فاعلية الكحول تعتمد أكثر على طبيعة الفايروس، فالفايروسات ذات البنية المغلفة التي تشمل الأنفلونزا ونزلات البرد، وفايروس نقص المناعة وكورونا المستجد، يمكن القضاء عليها بمحاليل كحول بنسبة 60 في المئة أو أكثر مثل معقمات اليد”.

الخمر نجسة

محللة أم محرمة

إلا أن حلقات دينية متشددة ترفض استخدام الكحول في تعقيم اليدين والأماكن وتعتبره “مسكرا، وله حكم الخمر، ولا يجوز تعمد إضافته إلى المعقمات أو الأدوية أو غيرها”، في وقت أصبح فيه وجود عبوات معقمات اليدين في كل مكان تجاوباً ضروريا مع انتشار جائحة كورونا، ولمساعدة الناس على تفادي العدوى بالفايروس.

ورد الداعية محمد صالح المنجد على سؤال أحد طلبة العلوم الطبيعية حول حكم استخدام كحول الإيثانول الذي تركيزه 60 في المئة لتنظيف الطاولة قبل وبعد التجارب العلمية بقوله إن “استعمال الكحول في التعقيم والتطهير محل خلاف بين العلماء، واختلافهم مبني على حقيقة الكحول، وكونه مسكرا بنفسه أم لا، وكون الخمر نجسة أم لا، وكون المحرم هو شربها فقط أم سائر وجوه الانتفاع”، ومن الأحوط تركه مطلقا.

وبينما يعتقد البعض من رجال الدين أن مطهرات الأيدي التي تحتوي على نسبة تركيز عالية من الكحول محرمة يرى البعض الآخر أن “الضرورات تبيح المحظورات”، مؤكدين على أن منتجات التنظيف التي تحتوي على الكحول والتي ليس لها تأثير مسكر هي منتجات مباحة شرعا ويجوز استخدامها من قبل المسلمين.

وقال الداعية السعودي سعد الخثلان عن حكم استخدام المعقمات التي تحتوي على الكحول وأثرها على الطهارة “إذا كانت المواد مجرد مواد مطهرة ومعقمة ولا تحتوي على الكحول فهذا الأصل فيها الطهارة وأنها مباحة، ولكن لو افترضنا أن بعض المعقمات فيها نسبة من الكحول فأيضا لا حرج فيها”.

غياب الإجماع

Thumbnail

وأضاف الخثلان “القول الراجح عند الكثير من أهل العلم أن الخمر ليست نجسة وإن كان محرم شربها وتعاطيها؛ فالمقصود بالرجس فيها هو النجاسة المعنوية”، مؤكدًا أن “الأصل في الأشياء الطهارة”.

وأشار الدكتور عاصم يوسف، رئيس المجلس البريطاني للعلماء والأئمة والطبيب النفسي الاستشاري لهيئة الخدمات الصحية البريطانية، إلى أن استخدام معقمات الأيدي التي تحتوي على الكحول قد أثار قلق بعض المسلمين، نظرا لما هو معروف في الإسلام من أن استهلاك الكحول حرام شرعا.

وقال يوسف “غياب الإجماع العام على تعاطي الكحول في الإسلام قد أدى إلى شعور بعض المسلمين بالقلق، لأن بعض المدارس الفكرية تعتبر الكحول نجسا ولا يجوز تناوله”.

وأضاف “هذا يعني أن وضع الكحول على يديك يشبه غسلهما بالدم وذلك ينقض الوضوء. ومع ذلك فإن المذهب الحنفي لا يعتبر معظم أشكال الكحول نجسة؛ وبالتالي فإن استخدامها في جميع أنواع المنتجات، بما في ذلك مواد التنظيف والمرطبات والمطهرات وما إلى ذلك، مسموح به تمامًا”.

وشدد على ضرورة أن يتبع المسلمون الإجراءات المعقولة وذلك بغسل اليدين بالصابون وتطهيرهما بالمعقمات دون مبالغة ودون أن يصل ذلك إلى حد الهوس.

13