غياب الاستقرار من أول أسباب الصدمة في المنتخب الجزائري

قال جمال بلماضي المدير الفني للمنتخب الجزائري لكرة القدم إنه سيحسم أمر مستقبله على رأس منتخب الخضر، مؤكدا أن الفشل في بلوغ مونديال قطر 2022 كان أمرا مؤلما وحزينا جدا له كشخص وللشعب الجزائري. وسيغيب رياض محرز ورفاقه للمرة الثانية على التوالي عن النهائيات التي شاركوا فيها سابقا في أربع مناسبات.
الجزائر - يمر منتخب الجزائر بواحدة من أسوأ فتراته منذ تولي جمال بلماضي مهمة الإشراف على محاربي الصحراء بضياع حلم بلوغ المونديال. وخسرت الجزائر أمام ضيفتها الكاميرون 1 – 2 الثلاثاء الماضي في إياب الدور المؤهل إلى كأس العالم، لتفشل في الصعود رغم فوز الخضر ذهابا 1 – 0.
وظهر المنتخب الجزائري بأداء محبط تسبب في الكثير من الحسرة والخيبة في نفوس الجماهير. وكان منتخب الخضر قد فشل أيضا في الدفاع عن لقب كأس الأمم الأفريقية، وودع النسخة التي أقيمت في الكاميرون من دور المجموعات.
ولا يختلف اثنان على أن مستوى الجزائر تراجع بشكل رهيب في الفترة الأخيرة بسبب المشاكل والصراعات الداخلية التي عرفها الاتحاد المحلي. ويعتبر شرف الدين عمارة رئيس اتحاد الكرة، الذي قدم استقالته مؤخرا، أن السبب الأساسي في ذلك هو حدوث انشقاقات داخل الاتحاد.
وعجز عمارة عن التحكم في الوضع منذ خلافته لخيرالدين زطشي، واعتمد سياسة غير مفهومة عصفت باستقرار المنتخب الجزائري. ورغم أن تعيين عمارة جاء بتزكية من السلطات، بالنظر إلى نجاحاته مع شباب بلوزداد، إلا أن المحامي السابق تعطلت بوصلته بين زحام العشوائية.
رئيس الاتحاد الجزائري ومكتبه المسير يتحملان جزءا من مسؤولية الفشل، لكن بلماضي يتحمل الجزء الأكبر من الإخفاق
والمتمعن في العلاقة بين بلماضي وعمارة يدرك جيدا أن الطرفين كانا على خلاف دائم، بل وصل الأمر إلى حد القطيعة، مما وضع بلماضي في أزمات كثيرة. وما حدث بينهما خلال وصول بعثة المحاربين إلى الكاميرون لخوض نهائيات الكان بعد رفض مصافحته، يؤكد أن مدرب الدحيل السابق لم يؤيد الطريقة التي كان يسير بها عمارة اتحاد الكرة.
وأعلن رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم استقالته عقب الإخفاق في بلوغ نهائيات كأس العالم. ووصف عمارة في مؤتمر صحافي بالعاصمة الإقصاء بأنه "خيبة أمل ونهاية حلم تبخر في ثوان معدودة"، مردفا "أعتذر بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى للجزائريين".
وألمح إلى أن "المدرب الوطني جمال بلماضي سيكمل مسيرته مع محاربي الصحراء”، معلنا أنه أبلغ بلماضي برغبته هذه. وأفاد بأنه "قدم كل الإمكانيات والوسائل للفريق الوطني لتحقيق التأهل، لكن لا بد من التقييم دون اتهام أي أحد". وأشار إلى تكليف عضو مكتب الاتحاد ونائبه معوش محمد معوش، بصفته النائب الأكبر سنا، بتسيير شؤون الهيئة الكروية الجزائرية إلى غاية إجراء انتخابات جديدة، دون تحديد موعد.
نقص الثقة
يتحمل رئيس الاتحاد الجزائري ومكتبه المسير جزءا من مسؤولية الفشل، لكن بلماضي يتحمل الجزء الأكبر من الإخفاق. واختلطت الأمور على بلماضي، وتحول بين ليلة وضحاها من مصدر قوة لمنتخب الجزائر إلى نقطة ضعف.
ورغم أن بلماضي أكد في وقت سابق أنه استفاد من درس التوديع المبكر للكان، لكنه بدا أنه لم يستوعب الدرس جيدا، وكرر نفس الخطأ أمام الكاميرون. وبدا من التشكيل الذي اعتمد عليه خلال لقاء الإياب أن مدرب الخضر متخوف من رد فعل الخصم، وقرر الدخول بخطة دفاعية، وهذا خطأ فادح.
ولعل خيار المدرب بلماضي هز ثقة اللاعبين في أنفسهم، بعد أن كانوا بالأمس القريب يقلقون المنافسين، ويبدعون أمام الكبار. وارتكب بلماضي العديد من الأخطاء في الفترة الأخيرة بعد أن تسبب في انعدام المنافسة بين اللاعبين، وأصبحت مكانة بعض الأسماء شبه مضمونة رغم تراجع مستواهم. وغامر بلماضي بإجراء تغييرات عديدة على القائمة المدعوة لخوض مباراتي الدور الفاصل أمام الكاميرون.
وكان يحرص على استدعاء أكثر العناصر جاهزية، إلا أنه خالف نفسه هذه المرة، ولم يستدع سعيد بن رحمة الذي تألق مع وست هام. ولم يوجه الدعوة إلى لاعبين مميزين مثل آدم وناس وآدم زرقان وبغداد بونجاح.
وصحيح أن منتخب الجزائر يعج بالنجوم، ويمتلك مجموعة مميزة من اللاعبين، لكن البعض لم يقدم المستوى المطلوب أمام الكاميرون. ولا يمكن أن نتحدث عن النجوم في محاربي الصحراء دون ذكر نجم مانشستر سيتي رياض محرز الذي فشل في قيادة الخضر إلى المونديال. ورغم أن بلماضي حرص على استدعاء أبرز النجوم، لكن بعض العناصر كانوا بلا روح، على غرار يوسف بلايلي.
قراءة سيئة
لم يستطع جمال بلماضي مجاراة سونغ المدير الفني للكاميرون، ولا قراءة المباراة بالشكل المطلوب، وهو ما يفسر المعاناة الكبيرة للمحاربين في صناعة اللعب.
ويرى المتابعون والنقاد أن بلماضي لم يقرأ مباراة الإياب بشكل جيد خاصة وأنه كان مطالبا منذ بداية الشوط الثاني بإجراء تغييرات لتدعيم خط الوسط وإشراك قديورة أو بن دبكة.
ولم ينجح منتخب الجزائر طوال اللقاء في الاختراق من الوسط، واكتفى باللعب على الأطراف، ووجد الدفاع نفسه في مواجهة مباشرة مع مهاجمي الخصم.
لا يختلف اثنان على أن مستوى الجزائر تراجع بشكل رهيب في الفترة الأخيرة بسبب المشاكل والصراعات الداخلية التي عرفها الاتحاد المحلي
وقال الدولي الجزائري عيسى ماندي مدافع نادي فياريال الإسباني إن عدم تمثيل الشعب الجزائري في نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022 يمثل خيبة كبيرة.
وكتب ماندي في رسالة إلى الشعب الجزائري نشرها على حسابه في إنستغرام "بعد هذا الوقت الصعب والمؤلم وقبل أن أغادر قليلا مواقع التواصل الاجتماعي، أود أن أشكركم على كل الرسائل ودعمكم غير المشروط. إنني حزين لعدم جعلكم سعداء، ولعدم تحقيق هدفنا. رغم كل المجهودات، إنها خيبة كبيرة لعدم تمثليكم في كأس العالم".
وأضاف "كلنا نشعر بالخيبة ومنهارون، وسيكون صعبا تقبّله، لنبقى متحدين مثلما كنا في السنوات الأخيرة. بعد هذا الإخفاق من المهم تقييم وتحليل هذه الوضعية من أجل التفكير في المستقبل. المنتخب الوطني سينهض كالعادة لأن هذا الشعب يستحقه".