عين حزب الاستقلال على رئاسة الحكومة المغربية المقبلة

الرباط- تمثل الانتخابات البرلمانية التي يعيش المغرب على وقع حملاتها لحث المواطنين على المشاركة والإقبال على مراكز الاقتراع يوم 7 أكتوبر المقبل، مجالا لصراع حزبي محتدم قد يعيد تشكيل المشهد الحكومي المغربي، ويحدد أوزان القوى السياسية الفاعلة فيه، لذلك تتطلع كبرى الأحزاب السياسية إلى هذه الانتخابات التي ستدعم قاعدتها الشعبية وتحدّد تأثيرها السياسي.
ويعتبر حزب الاستقلال إلى جانب حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة من الأرقام الصعبة في المعادلة الانتخابية، حيث لا يخفي الحزب طموحه في الصراع من أجل رئاسة الحكومة القادمة، بعد أن أكد أمينه العام حميد شباط في الكثير من المناسبات، على أن حزبه قادر على تصدر نتيجة الانتخابات التشريعية بعد تصدره لانتخابات مجلس المستشارين.
وأكّد على ذلك أيضا الناطق الرسمي باسم الحزب عادل بن حمزة في حوار مع “العرب”، أشار فيه إلى أن حزبه أساسي في المعادلة الانتخابية، ويعتبره أقوى حزب وبأنه سيتصدر الانتخابات المقبلة.
وتحدث بن حمزة بثقة عالية عن برنامج حزبه الانتخابي، الذي قال إنه يأتي “بفضل ما راكمناه من خبرة وتجربة منذ السنوات التي قضيناها في المعارضة والحكومة، وهذا ما مكننا من وضع رؤية واضحة وواقعية للمشهد الاقتصادي والاجتماعي وللانتظارات الموجودة لدى المواطن المغربي”.
|
وأضاف “موضوع مشاركة حزب الاستقلال في الحكومة المقبلة سيقرر فيه المجلس الوطني للحزب عندما تنتهي الانتخابات، بغض النظر مع من سنتحالف، أما في ما يتعلق بالتحالف مع حزب العدالة والتنمية فلا بد من استحضار لماذا انسحب حزب الاستقلال من النسخة الأولى لهذه الحكومة، حيث لا يمكن للحزب، سياسيا وأخلاقيا، أن يشارك في حكومة تكرر نفس الأخطاء ولهذا أتصور أنه ستكون هناك مفاوضات شاقة إذا تعلق الأمر بمشاركة حزب الاستقلال مع حزب العدالة والتنمية في الحكومة المقبلة”.
وحقّق حزب الاستقلال المركز الأول في الانتخابات التشريعية لعام 2007، وهو يضع تكرار هذه النتيجة هدفا له في 7 أكتوبر. واحتل المرتبة الثانية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة من حيث عدد المقاعد بـ5106 من المقاعد وبنسبة بلغت 15.94 بالمئة، محافظا على قوته الانتخابية كلاعب مهم على الساحة السياسية المغربية.
نزاهة الانتخابات
كان حزب الاستقلال جزءا من الأغلبية الحكومية تحديدا في الفترة الممتدة ما بين سنة 2012 وسنة 2013، قبل أن يقرر الخروج ويتحول إلى صف المعارضة، لأسباب يرى فيها حزب الاستقلال عدم التزام رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران بميثاق الأغلبية من خلال انفراده بالبعض من القرارات المصيرية.
وطالب العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة ذكرى عيد العرش المواطنين المغاربة بالمشاركة في الانتخابات المقبلة، التي قال عنها إنها “تنطلق عند البعض كأنها القيامة، ولا أحد يعرف الآخر والجميع يفقد صوابه، والصراعات والفوضى لا علاقة لها بالانتخابات”، في توصيف قال عنه بن حمزة إنه جاء للدلالة على حجم التدافع والصراع الذي يؤطر كل موعد انتخابي تعرفه البلاد، وهو وضع استمر من بداية الستينات من القرن الماضي حيث عرف المغرب أول انتخابات إلى آخر انتخابات جماعية، والتي نظمت في السنة الماضية.
ووجه الناطق باسم حزب الاستقلال نقده إلى البعض من وسائل الإعلام المغربية التي قال عنها إنها “تريد أن تضع الشارع المغربي بين اختيارين، اختيار الأصالة والمعاصرة، الذي هو فقط عنوان لنموذج الحزب الأغلبي، أما الاختيار الثاني فيتمثل في امتداد حركات الإسلام السياسي مع كل ما تحمله من مخاطر على الديمقراطية وحقوق الإنسان وذلك في إطار التدافع السياسي”. وقال في رده على ذلك إن “ثنائية العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة هي عنوان ظرفي ستتجاوزه المرحلة القادمة”.
مشاركة السلفيين
يعدّ حزب الاستقلال، أقدم حزب مغربي موجود على الساحة حاليًا، تعود جذور تأسيسه إلى عام 1930، عند تشكيل نشطاء لما يعرف بالزاوية خلال مناهضة المغاربة للحماية الفرنسية، إلّا أن التأسيس جرى عام 1937 عندما انتظمت كتلة العمل الوطني بزعامة علال الفاسي في حزب سياسي، وقد تعرّضت الكتلة للحل في عام 1937 لتغير اسمها إلى «الحزب الوطني لتحقيق المطالب المغربية»، قبل أن تشكّل وثيقة المطالبة بالاستقلال عام 1944 الفعلي لحزب الاستقلال.
وضم الحزب، الذي يمزج بين المحافظة والليبرالية، مؤخرا الداعية السلفي محمد عبدالوهاب رفيقي، المكنى بـ“أبوحفص”، الذي كان محكوما عليه بالسجن النافذ لتورطه في أحداث 16 مايو الإرهابية. وتعليقا على الجدل المثار حول هذا الموضوع، قال النائب البرلماني إن “تعاطي حزب الاستقلال مع السلفية ليس موضوعا جديدا، لأنه جزء من التراث الفكري والعقائدي والأيديولوجي للحزب الذي يرتبط بالسلفية الوطنية والتي كان من روادها علال الفاسي”.
وأكد أن دمج التيارات السلفية في العملية السياسية أمر في غاية الأهمية وأي تدابير إدارية تخالف ذلك أو تضع في طريقه عراقيل متنوعة، فإنها لن تؤدي في النهاية سوى إلى تعزيز الخطاب التكفيري والمتطرف بما يشكل أرضية خصبة لبذور داعش.
وأشار عادل بن حمزة إلى أن انشغال حزب الاستقلال بموضوع السلفية، هو في الأصل انشغال فكري ولا يمكن حصره في أهداف انتخابية، ثم إن القيادات السلفية التي التحقت بحزب الاستقلال يُشهد لها بأنها قامت بمراجعات حقيقية، وهذه المراجعات يجب الانتباه إليها ويجب احتضانها وإدماجها في البناء المؤسساتي للدولة من أجل خلق قدرة على مقاومة الخطاب السلفي الجهادي المتطرف غير المرتبط بالثقافة الدينية للمجتمع المغربي.
كاتبة من المغرب
اقرأ أيضا:
السياسة الخارجية والبعد الجهوي غائبان عن البرامج الانتخابية