عصر الفرص الضائعة

ما يشهده العالم اليوم الذي يبتكر الجديد يفرض على الأفراد التطوع الحتمي والانخراط في تطوير النظم كي يتمكنوا من التوافق في ما ينشدونه بالرغم من اختلاف مجتمعاتهم وتباينها.
الخميس 2018/12/06
التكنولوجيا وتطورها أضحت تحديا حقيقيا للعالم الثالث

مراحل طويلة من عهود التنمية ومراحل الصناعة وتطوير علاقات الإنتاج تخطتها البشرية لتقتحم عصرا جديدا مغايرا تماما للسائد القريب، إطاره عصر الفرص، تتحكم فيه مظاهر الثورة الصناعية الجديدة، التي فرضت واقعا مغايرا لتطوير النظم والقوانين والتشريعات على عموم العلاقات البشرية وأخضعتها لمنطق الذكاء الاصطناعي.

 ويرجح باحثون كثر بأن ذلك سيسود حتما، وأن منتجات التكنولوجيا الجديدة ستقود لتغير نمط عيش الناس وطبائعهم معا.

وثمة حلول مستمرة تُقدمها مستلزمات الإنتاج الذي لن يتوقف أبدا، يرافقها تحسن مضطرد في حياة المستهلكين، حيث تؤمّن التقنية الحديثة فرصا غير محددة لرفع الإنتاج الحتمي وتفرض حياة الرفاهية التي تتيح وقتاً إضافياً كان الأفراد ينفقونه على العمل والاستغراق فيه.

ومن سمات هذا التطور الابتكار الذي سيكون من حصة الشركات والمؤسسات الإنتاجية التي تعمل على تقنين مستمر لمنتجاتها وتطوير أنظمة العمل وتنامي فرص رأس المال الأجنبي وشيوع علاقات جديدة، بشّر بها الاقتصاديون الأوائل الذين توقعوا حدوث سلسلة متغيرات منها آفول السيادة بين الدول والاقتصاد الحر، وأن الآلات ستجبر الإنسان على التخلي عن مهن عديدة، أنفق عليها الكثير من الوقت وقد تلاشت أهميتها كالنقل والاتصالات وسواهما.

أن ما يشهده العالم اليوم الذي يبتكر الجديد يفرض على الأفراد التطوع الحتمي والانخراط في تطوير النظم كي يتمكنوا من التوافق في ما ينشدونه بالرغم من اختلاف مجتمعاتهم وتباينها.

ولا مناص من حتمية التعاون الوثيق بين الأفراد والشركات والمعاهد الكفيلة بتطوير نظم الإنتاج والانخراط في فرص العمل المستحدثة في مجالات مبتكرة توفر خدمات هائلة لتعددية وتنوع الإنتاج كالروبوتات والطابعات ثلاثية الأبعاد وواحات السيلكون وسواها.

هذه التكنولوجيا وتطورها أضحت تحديا حقيقيا للعالم الثالث الغارق في الصراعات والمهدد في وجوده أصلا، حين اكتفى بمجرد كونه مساحات لتوريد المواد الأولية التي يحتاجها العالم الصناعي المتقدم والطموح لإخضاع البشرية إلى الهيمنة المطلقة، فمن غير المعقول والمقبول هذا البون الشاسع بين عوالم الذكاء الاصطناعي والعالم المستهلك للحضارة والمكتفي بالتفرج دون المشاركة الفاعلة في كل ما يحدث من تطور في مخرجات الإنتاج.

سيدرك هذا العالم المستهلك “أن عصر المعارك الأيديولوجية والثورات والحروب آخذ بالانقراض التدريجي في أثر تكون مجموعة جديدة من الوقائع الاقتصادية التي تدفع المجتمع نحو إعادة التفكير في أنواع الروابط والحدود”، حسب المفكر جيرمي ريفكن الذي يذهب أكثر قائلا “فلا يمكن لهذا العالم إلا أن يدخل في مرحلة التحول من الجغرافيا السياسية إلى الفضاء الإلكتروني ومن الأسواق إلى الشبكات ومن مفهوم الملكية إلى النفاذ، ومن الرأسمالية الصناعية إلى الرأسمالية الثقافية”.

24