عالم بلا فحم.. عالم بغابات خضراء

الأشجار تمتصّ حوالي ثلث انبعاثات الكربون في أنحاء العالم.
السبت 2021/10/09
الغابات رئة الأرض

يلقي دعاة الحفاظ على البيئة باللوم على إنتاج سلع كثيرة مثل الفحم في تدمير الغابات التي تساهم في امتصاص انبعاثات الكربون ثم تُطلقها إذا تعفنت أو احترقت، وهم يطالبون بأهداف طموحة لإنهاء إزالة الغابات وتوسيع مبادرات التمويل لحمايتها.

كوالالمبور – يحث خبراء البيئة قادة العالم الذين يحضرون قمة المناخ للأمم المتحدة كوب 26 التركيز على تحديد أهداف طموحة لإنهاء إزالة الغابات وتوسيع التمويل والقواعد لدفع حمايتها عوضا عن التركيز على التخلي عن الوقود الأحفوري فقط.

وأكد أكثر من 100 من قادة العالم أنهم سيحضرون شخصيا قمة المناخ التي تعقدها الأمم المتحدة الشهر المقبل في غلاسكو.

كوب 26 يوفر فرصة عظيمة لوضع الغابات في مكانها الصحيح، وعلى رأس جدول أعمال المناخ في غلاسكو

ويتمثل أحد أهداف المؤتمر الرئيسية في نقل التمويل من الوقود الأحفوري الملوّث، وخاصة الفحم المسؤول عن نصيب الأسد من انبعاثات الغازات الدفيئة.

لكن المجموعات الخضراء، تقول إن أهمية الغابات في الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري لا تلاقي اهتمام العديد من الدول، لاسيما في تمويلها للمناخ، مع تقدم محدود في تحويل الاقتصادات في اتجاه حماية الغابات.

وقالت فرانسيس سيمور الباحثة في معهد الموارد العالمية، وهو مؤسسة فكرية مقرها الولايات المتحدة، “يوفر كوب 26 فرصة عظيمة لوضع الغابات في مكانها الصحيح، وعلى رأس جدول أعمال المناخ”.

وأضافت “علينا أن نبدأ في التفكير في حماية الغابات الاستوائية من الطريقة التي نفكر بها بشأن الفحم: يتعين علينا التخلص من هذه الممارسات في أسرع وقت ممكن وإلا ستظل أهداف اتفاقية باريس بعيدة المنال”.

ولقطع الغابات تداعيات كبيرة على الأهداف العالمية للحدّ من تغير المناخ، حيث تمتصّ الأشجار حوالي ثلث انبعاثات الكربون المنتجة في جميع أنحاء العالم ثم تُطلقها إذا تعفنت أو احترقت.

كما توفر الغابات الغذاء وسبل العيش، وتساعد على تنظيف الهواء والماء، وتدعم صحة الإنسان، وهي موطن أساسي للحياة البرية، وتساعد على هطول الأمطار الاستوائية وتوفر الحماية من الفيضانات.

لكن في 2020، كانت خسائر الغابات الاستوائية حول العالم بحجم هولندا، وفقا لنظام الرصد العالمي للغابات.

وقال تويريس جايغر، الأمين العام لمؤسسة راينفورست النرويجية ومقرها أوسلو، إنه وقع تدمير حوالي ثلث الغابات المطيرة الأصلية في العالم بالكامل فعلا في حين يتدهور الثلث الآخر.

وأضاف أن جميع سيناريوهات خفض الانبعاثات التي تحدّد الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية “تعتمد على الإنهاء العاجل لتدمير الغابات المطيرة وعكس هذا الاتجاه”.

وقال داني ماركس الأستاذ المساعد للسياسات البيئية في جامعة مدينة دبلن، إن الغابات تحبس أكثر من 7 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، أي مرة ونصف ضعف التي تضخها الولايات المتحدة، ثاني أكبر مصدر للانبعاثات في العالم.

لكن الانبعاثات من الغابات آخذة في الازدياد في الآونة الأخيرة.

أوقفوا قتل الأشجار
أوقفوا قتل الأشجار

وتابع ماركس “إذا أردنا معالجة تغير المناخ، فنحن بحاجة إلى وقف إزالة الغابات. ولسوء الحظ، لا تحظى الغابات بالاهتمام الذي تستحقه قبل كوب 26 مقارنة بتقليل انبعاثات الوقود الأحفوري”.

وأضاف أن ذلك يجب أن يتغير، مشيرا إلى أن أكثر من مليار شخص يعتمدون على الغابات في معيشتهم.

وأشار أيضا إلى أن قدرة الغابات على تخفيف انبعاثات الكربون أعلى من الحلول الأخرى، لأن الحفاظ عليها يجنب إطلاق مخزونات الكربون، بينما تنمو الغابات المستعادة، فإنها تلتقط الكربون من الهواء أيضا.

وقال إن وقف إزالة الغابات، إلى جانب الجهود الأخرى لحماية النظم الطبيعية مثل أشجار المانغروف والأراضي الرطبة، يمكن أن يدفع العالم ثلث الطريق للحدّ من الاحترار إلى درجتين مئويتين.

وأضاف أنها فعالة من حيث التكلفة لأنها لا تتطلب تكنولوجيا باهظة الثمن أو غير مثبتة مثل احتجاز الكربون وتخزينه لتقليل الانبعاثات من العمليات الصناعية.

ويستخدم دعاة الحفاظ على البيئة في إندونيسيا، موطن ثالث أكبر غابات استوائية في العالم، أجهزة استشعار صوتية رخيصة للاستماع إلى المناشير لمعالجة قطع الأشجار غير القانوني، بينما يتلقّى قاطعو الأشجار السابقون تدريبا على مكافحة حرائق الغابات.

ولفت ماركس إلى أن أقل من 3 في المئة من التمويل للتدابير الرامية إلى الحد من الانبعاثات مخصص لحماية الغابات.

وأضاف أن مؤتمر كوب 26 “يمثل فرصة حاسمة للبلدان” لتفعل المزيد بشأن الغابات.

وفي الفترة التي سبقت كوب 26، أبدت الحكومات والشركات اهتماما متزايدا بتقديم الدعم المالي لحماية الطبيعة والغابات، وتتوقع المجموعات الخضراء أن يستمر ذلك.

خسائر الغابات الاستوائية بحجم هولندا

وتعهد المانحون من القطاع الخاص الشهر الماضي بتقديم مبلغ قياسي قدره 5 مليارات دولار للمساعدة في حماية النباتات والحيوانات والنظم البيئية على كوكب الأرض.

وأشار جايغر إلى أن إنقاذ الغابات لن ينجح دون وضع حقوق الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية في صميم الاستجابة لإزالة الغابات الاستوائية وتخصيص تمويل مباشر لجهودهم.

ففي العام الماضي، على سبيل المثال، ساعد أحد المجتمعات الأصلية في البرازيل في حماية منطقة الأمازون من خلال التفاوض مع عمال مناجم الذهب غير القانونيين لوقف العمليات وإزالة معداتهم.

وعلى الصعيد العالمي، نجد أن ملكية حوالي 35 في المئة من المناطق الطبيعية المحمية هي للمجتمعات الأصلية والمحلية أو أنهم يديرونها أو يستخدمونها أو يشغلونها. ومع ذلك، نادرا ما تؤخذ في الاعتبار عند تصميم برامج الحفظ والمناخ، كما يقول الباحثون.

ويعاني سكان منطقة روبونوني الجنوبية في غيانا بالفعل من تفاقم آثار تغير المناخ (مثل الفيضانات وموجات الحرّ) حسبما أكدته إيماكولاتا كاسيميرو، المؤسس المشارك لحركة وإبيشان ويزي النسائية، وهي مجموعة مناصرة محلية.

وقالت كاسيميرو إنه يتعين على الحكومات إصدار سندات قانونية للسكان الأصليين لأراضيهم وأقاليمهم، بالنظر إلى دورهم الإيجابي في الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري.

وأضافت “يجب أن نرى مدفوعات مباشرة للمجتمعات التي تحمي الغابات بالفعل وليس للدول”.

وحث دعاة حماية البيئة البلدان في قمة المناخ كوب 26 على النظر في إلغاء الإعانات الضارة بالغابات، وإدخال قواعد تجارية تستبعد الشركات أو المستثمرين المرتبطين بتدمير الغابات.

وقال ماركس “يجب بذل المزيد من الجهود لمعالجة دوافع إزالة الغابات، التوسع الزراعي التجاري، مثل مزارع زيت النخيل وفول الصويا ولحم البقر والأخشاب. وعلى الحكومات أن تفعل المزيد لقمع هذه الصناعات والضغط على البنوك التي تمولها”.

17