عالم "الفاشنستا"

تلخص مهمة ما يسمى بـ”الفاشنستا” بأنه أو أنها الشخص الذي يمشي على اختيار الموضة بنفسه، وينسق الأزياء التي يرتديها أو يسوّق لها من اختياره أو ابتكاره الخاص، وذائقته التي تبتدع أشياء لم يألفها الجمهور.
وفي الأغلب الأعم أن من يتخذون ذائقة الفاشنستا خيارا، من ينشرون رؤيتهم التي تكاد تكون يومية عبر وسائط التواصل الاجتماعي “السوشيال ميديا” وأهمها السناب شات والإنستغرام، بهدف التميز أولا وأخيرا، ولكي يحذو المجتمع حذوهم ليرى فيهم نجوما في الأناقة والاختيار، حتى أضحت ظاهرة اجتماعية تكاد تبدل فكرة البطل في أنظار جيل من النشء الجديد، من صناع المنجزات في العلوم والعمل والابتكار الصناعي والطبي، إلى نجوم “الفاشن شو”! الذين تكاثروا هذه الأيام بصورة لافتة وغالبا بلا رصيد فكري أو ثقافي غير الشهرة والمال الذي يكسبونه جراء قيام الكثير منهم بترك مهنهم السابقة أو لا مهنهم إلى الترويج لمنتجاتهم أو بضائع غيرهم وحسب طلبات المعلن.
إن الذي شجّع ظاهرة الفاشنستا على الانتشار والترويج هو الإتاحة العلنية للظهور، فلا يحتاج متبعو هذا الأسلوب في الحياة إلى دور أزياء أو أن تكون لهم علاقة بعالم الأزياء أصلا، التي بدأت تشعر بأهمية الترويج الفاشنستي لها، منذ بداية الألفية حين ظهرت أم الصنعة “كبارا فرجيني” التي ولجت هذا المعترك ونالت شهرة ثمينة.
وبدأت بعد ذلك صرعة الفاشنستا بالتوسع في جميع أنحاء العالم حتى صارت سمة عصر السوشيال ميديا بل إرهاصاته، تفوقت على الكثير من الاهتمامات والمنجزات البشرية التي يبدو أنها صارت في الظل السوبرانو الفاشنستي، الذي غزت ذائقته مجتمعاتنا العربية، بسلسلة متكاثرة من نجوم هذه الظاهرة، بالكثير من النساء والقليل من الرجال.
ولست من منتقدي الظواهر الجديدة في المجتمع لكن ثمة تساؤلات مشروعة تقفز إلى الذهن في ظل هذا الفضاء الذي خلفته هذه الظاهرة وصارت مثلاً لجيل شاب لم ينجز شيئا ليفخر به في التعلم أو الابتكار أو مشاريع تنفع المجتمع الذي يشقى أغلبه للحصول على وظيفة أو لقمة العيش أو في الدخول في مجالات بحثية لا تعطِي مردودات مليونية، كما تعرض بعض المهتمات في هذا الحقل من الشهرة، من خلال عرض بيوتات أنيقة ومطاعم لصيقة للسهرات والحفلات وهدايا تصل عبر دوت كوم، أو تسلم باليد.
ما جدوى هذه الظواهر لبناء مجتمعاتنا النامية؟